يائير لبيد، رئيس حزب « يش عتيد» : الإسكوا « باتت» منظمة إرهابية تعبر عن أصوات « الإرهابيين» حول العالم السفير الصهيونى فى الأممالمتحدة، دانى دانون: تقرير خلف مجرد كذب وافتراء
الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية: تقرير دعائى ونازى معاد للسامية
الكثيرون حول العالم لم يسبق لهم الدراية والمعرفة الكاملتين بمنظمة « الإسكوا « ( اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لدول غرب آسيا )، إلا مع تقديم الدكتورة ريما خلف استقالتها من رئاسة اللجنة على وقع تقديمها تقريرًا يثبت عنصرية التجمع الصهيونى، ووصفه لإسرائيل ب « الأبارتهايد «( التمييز العنصرى )! وهى المرة الأولى فى تاريخ منظمات الأممالمتحدة الذى تتهم فيه إسرائيل بمثل هذا الاتهام، برغم كونه حقيقة واقعة على الأرض. حيث فضلت الدكتورة خلف الاستقالة على الرضوخ لطلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرتيش برفع التقرير .
وهكذا أعلنت الدكتور خلف، وهى أردنية الجنسية، استقالتها كأمينة تنفيذية للجنة الأممالمتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا " الإسكوا "( والتى تضم 18 دولة عربية، من بينهم مصر والسعودية)، الجمعة الماضية، بعد مضى يومين فقط على تقديمها لتقرير صنفت فيه الكيان الصهيونى على أنه دولة أبارتهايد تمارس التمييز العنصرى بحق الفلسطينيين .
وما زاد من غضب الكيان الصهيونى ما أشارت إليه الدكتورة خلف فى تقريرها من أن المنظمة الأممية لا تزال خاضعة للابتزاز الصهيو-أمريكي، والضغوط الأمريكية، خصوصا أن الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب تحمل على عاتقها التصدى لأية قرارات وتقارير تدين أو تشجب أو تمس من قريب أو بعيد بالتجمع الصهيوني، فضلاً عن أن المنظمة الدولية ( الأممالمتحدة ) تخشى من تهديدات واشنطن بتقليص الدعم الأمريكى لها، وهو ما يدور فى مخيلة جوتيرتش، الأمين العام الجديد، ليتبين أن الرهان الفلسطينى والعربى بوجه عام على الأممالمتحدة لا يمكن التعويل عليه بدون إسناده بالقوة، والممثلة فى المقاومة الفلسطينية، خصوصا أن بنيامين نيتانياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيونى نفسه، قال قبل عدة أسابيع ، وبعيد تولى ترامب مقاليد الأمور فى البيت الأبيض، فى العشرين من يناير الماضي، إن إسرائيل لا تتفاوض إلا مع القوى فى منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يمكن الاستناد إليه، ولو مؤقتًا، من أن القوة أو المقاومة الفلسطينية هى السبيل الوحيدة لاسترداد الحقوق المهدورة! ولا عجب من الردود العنصرية الصهيونية التى خرجت على لسان أكثر من مسئول إسرائيلي، بزعم أن التقرير دعاية مناهضة للكيان الصهيوني، وأهمهم السفير الصهيونى فى الأممالمتحدة، دانى دانون، حينما رأى أن تقرير خلف مجرد كذب وافتراء، وكذلك الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، الذى اعتبره تقرير دعائى ونازى معاد للسامية، وطالبا ومعهما أكثر من مسئول أمريكى بسحب التقرير، وهو ما أشارت إليه القناة الثانية الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني؛ فيما رأى الموقع الإلكترونى العبرى " واللا " أن استقالة خلف خطوة فى الاتجاه الصحيح؛ بدعوى " أن من يتهم إسرائيل بالباطل سيدفع الثمن، ونتوقع من الأممالمتحدة أن تكون يقظة لتحول دون صدور مثل هذه التقارير المخزية " !
ومن جانبها، نقلت القناة العاشرة الإسرائيلية على موقعها الإلكترونى على لسان يائير لبيد، رئيس حزب " يش عتيد " يوجد مستقبل، أن التقرير يعبر عن كراهية كاملة لإسرائيل ومعاداة واضحة للسامية، وذلك بدلا من تعبير المنظمة الدولية عن الحرية والديمقراطية والمفاهيم الليبرالية، بدعوى أن تلك المنظمة الدولية " الإسكوا " باتت " منظمة إرهابية تعبر عن أصوات " الإرهابيين " حول العالم " زاعما أن كيانه الصهيونى هو البلد الديمقراطى حول العالم والذى يحافظ على حقوق الأقليات!
تبادلت وسائل الإعلام الصهيونية، المنشورة باللغة العبرية، مصطلح " الأول من نوعه فى المنظمة الدولية " (الإسكوا)، بدعوى أن ما قامت به الدكتور ريما خلف لا يمكن أن يمر مرور الكرام، وعلى المنظمة الدولية أن تراعى أنها تعبر عن قيم ومفاهيم ليبرالية وعلمانية وديمقراطية، مع الإشارة إلى أن ( الإسكوا ) تضم 18 دولة عربية لم تنبس ببنت شفه، وهو ما أغرى كل تلك الوسائل إلى اتهام خلف ب " الإرهاب ومعاداة السامية "!
كتبت صحيفة " هاآرتس " أن المنظمة الدولية الغرض منها هو دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأعضائها من الدول، وأنه من المفترض على تلك المنظمة الأممية مراعاة عدم التحريض على إسرائيل مجددًا. الغريب أن الموقع الإخبارى نفسه " واللا " قد أشار إلى ملحوظة مهمة تتعلق بأن تقرير المنظمة الدولية " الإسكوا " قد بنى على عمل أكاديمى حقيقى وأدلة قاطعة، وهو ما لم تشر إليه وسائل إعلام عربية، فى وقت أوضح أن التقرير يؤسس لمراحل متقدمة من الحياة الفلسطينية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، ويقيَّم الوضع فى التجمع الصهيوني.
بيد أن إيتمار إيخنار، المحلل السياسى لصحيفة " يديعوت أحرونوت " العبرية، ركز على رد مكتب الأمين العام للأمم المتحدة من أن القضية ليست فى مضمون التقرير المهم للدكتورة ريما خلف، وإنما فى طريقه عرضه ونشره للعامة، ويبدو أن التقرير نشر بدون التشاور أو تمريره للأمين العام، حتى يضع رتوشه عليه، ويفرض إملاءاته عليه! مؤكدا أن الدكتورة ريما خلف معروفة بتوجهاتها المعادية للسامية ومواقفها المناهضة لإسرائيل!
الثابت أن تنحى ريما خلف عن منصبها وتقديم استقالتها المشرفة، قد ضربت المثل والقدوة فى التعامل والتعاطى مع الغطرسة الصهيو- أمريكية، وفضلت أن تقدم للعالم وتعرض عليه مدى ما تعرضت له من ضغوط إسرائيلية، وترمى الكرة فى ملعب المجتمع الدولى نفسه، وهو ما يجب أن يستثمره الدبلوماسيون الفلسطينيون ويعملوا على استغلاله لتشويه صورة الكيان الصهيونى أمام العالم أجمع، خصوصا أن كثيرا من دول العالم تتعاطف مع الشعب الفلسطينى وكثيرا منهم يساند القضية الفلسطينية بقوة، حتى إن حملة المقاطعة الدولية للمنتجات الإسرائيلية حققت نجاحات مدوية فى قلب العالم الغربى نفسه! فى وقت اكتفت الخارجية الفلسطينية بمجرد الانتقاد ومحاولة توجيه أنظار المجتمع الإسرائيلى لممارسات حكومته!