خيرية البشلاوى: الاهتمام بقصور الثقافة أفضل من الصرف على مهرجانات السبوبة مسعد فودة: أتمنى إقامة مهرجان فى كل محافظة
البشلاوى: لا توجد دراسة جدوى صحيحة لجميع المهرجانات
انتشر فى الفترة الأخيرة عدد من المهرجانات السينمائية، سواء فى العاصمة أم خارجها بحجة تثقيف الجمهور سينمائياً على الرغم من أن حال السينما المصرية ليس على ما يرام، فهل هناك علاقة طردية بين كثرة المهرجانات وزيادة الوعى السينمائى؟ أم أن العلاقة حتى الآن تعتبر علاقة عكسية لا تثمن ولا تغنى من جوع، وإن كانت المهرجانات السينمائية تساعد على جذب السياحة فما هو مردودها خلال السنوات السبع الماضية، وهل وزارة الثقافة تعطى الدعم المالى لهذه المهرجانات دون حساب أم أن هناك كشف حساب يتم على أثره تقييم هذه المهرجانات وبالتالى زيادة الدعم أو نقصانه فى الدورات التالية. الملاحظ أنه خلال الفترة منذ عام 1976 وحتى 2010 وعلى مدار 34 عاما كان فى مصر 3 مهرجانات سينمائية، حيث أنشأ الراحل الكبير كمال الملاخ جمعية كتاب ونقاد السينما والتى أقامها مهرجان القاهرة السينمائى الدولى على مدار عشر سنوات وأصبح المهرجان الوحيد الذى يتبع الاتحاد الدولى للمنتجين فى منطقة الشرق الأوسط، وفى مطلع الثمانينيات، أقامت جمعية كتاب ونقاد السينما مهرجان الإسكندرية السينمائى لدول حوض البحر المتوسط، وفى مطلع التسعينيات قام المركز القومى للسينما بعمل مهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام القصيرة، وعلى المستوى المحلى كان هناك مهرجان جمعية الفيلم ومهرجان المركز الكاثوليكى ومهرجان أوسكار السينما المصرية، بالإضافة للمهرجان القومى للسينما، وظلت الحال كما هى لأكثر من ثلاثة عقود، لكن كانت السينما المصرية فى تلك الفترة فى حالة ازدهار، حيث سيطر السينمائيون الجدد وأصحاب الواقعية الجديدة على معظم الجوائز فى هذه المهرجانات وخرجت الأفلام المصرية خارج حدود الوطن، ونال فيلم «سواق الأتوبيس» جائزة أحسن فيلم من مهرجان نيودلهى، وكذلك فيلم «خرج ولم يعد» الذى فاز بجائزة مهرجان قرطاج السينمائى وغيره من الأفلام التى حققت العديد من الجوائز، بالإضافة لأفلام يوسف شاهين التى كانت تعرض فى مهرجان «كان» بإستمرار، لكن الملاحظ أنه مع تراجع مستوى السينما المصرية بعد ثورة يناير 2011 زاد عدد المهرجانات السينمائية بدرجة كبيرة سواء داخل القاهرة أم خارجها، أما الغريب فى الأمر فهو أن وزارة الثقافة تقدم دعما سنوياً كبيراً لهذه المهرجانات دون حساب الأرباح والخسائر، فالسؤال الأساسى الذى يتبادر إلى الذهن هو: ما جدوى إنشاء مهرجان سينمائى تحت رعاية وزارة الثقافة ؟ دائماً وأبداً وجود أى تظاهرة سينمائية يعتبر إضافة كبيرة لمنبر جديد يضاف لزيادة الوعى الثقافى الفنى فى مصر، لكن هل أصبحنا نستخدمه الاستخدام الأمثل أم أن الأمر يقع تحت بند «السبوبة» التى تقوم على جانب من الوجاهه والأرباح سواء المادية أم المعنوية للقائمين على إدارة هذه التظاهرات ؟ فعلى سبيل المثال نجد أنه بعد عام 2011 سمحت لجنة المهرجانات بوزارة الثقافة بإقامة العديد من المهرجانات الإقليمية فوافقت على إقامة مهرجانين فى محافظة واحدة وهى محافظة الأقصر، فتمت إقامة مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية ومهرجان آخر للسينما الأوروبية، وعلى مدار أربع دورات لو تفحصنا الأمر ودققنا النظر، سنجد أن مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية الذى تدعمه وزارة الثقافة عبارة عن تجميع لبعض الأفلام التى عرضت فى مهرجان قرطاج الدولى ومهرجان مراكش، وأن معظم لجان التحكيم هى عبارة عن أسماء ثابتة لم تتغير بشكل كبير، سواء كان صاحب الاسم نجما عالميا أم إفريقيا، بالإضافة إلى دعوة رؤساء المهرجانات الإفريقية الأخرى التى ترد الدعوة على الفور، الغريب أن إدارة المهرجان هذا العام أرادت ركوب الموجة، وأعلنت عن تكريم النجم الكروى «عصام الحضرى»، حارس مرمى منتخب مصر لكرة القدم فى البطولة الإفريقية الأخيرة، وهو ما دعا البعض للتساؤل ما علاقة الحضرى بمهرجانات السينما؟ وهل سيترك الحضرى مبارياته ويذهب للتكريم أم أن الموضوع لا يخرج عن كونه فرقعة واستغلالا للحظة لعمل وجود إعلامى ودعاية للمهرجان، وهل راجعت لجنة المهرجانات الفائدة المادية والمعنوية والثقافية بل والسياحية التى خلفها هذا المهرجان على مدار الدورات السابقة؟ نفس الشىء يحدث مع مهرجان الأقصر للسينما الأوروبية الذى يأخذ دعما من وزارة الثقافة ومن الاتحاد الأوروبى، فخلال الدورات الأربع الماضية نال المهرجان دعما من وزارة الثقافة، لكن الملاحظ أن أهل الأقصر لم يشعروا بالدورات السابقة مطلقا،ً لدرجة أن أحد ضيوف المهرجان استوقف تاكسيا من وسط المدينة وقال له أريد الذهاب لمقر الفندق الذى به إدارة المهرجان، ففوجئ بأن سائق التاكسى لم يعرف أن هناك مهرجانا فى المدينة كلها، الغريب أن القائمين على المهرجان قاموا بنقل الدورة الحالية إلى مدينة شرم الشيخ تحت بند محاولة لتنشيط السياحة، لكن بنفس العقلية الإدارية، لكنهم فوجئوا قبل بداية الدورة الحالية التى انطلقت منذ أيام أن هيئة تنشيط السياحية لم تقم بحجز فنادق للصحفيين المصريين، وعند السؤال جاء الرد بأن الهيئة تريد الصحفيين الأجانب لأنها تستهدف جذب السياح وليس تلميع إدارة المهرجان داخلياً، وهو ما أوقع إدارة المهرجان فى مشكلات كبرى. ومنذ أسابيع قليلة انتهت الدورة الأولى من مهرجان أسوان لسينما المرأة الذى أقيم فى محافظة أسوان، وهو مهرجان نوعى يختص بالأفلام التى تدعم مكانة المرأة فى المجتمع ودعى له العديد من النجوم المصريين وبعض الأجانب، لكن هل تفاعل معه أهالى أسوان أم أن المهرجان عبارة عن عدد من الأفلام وبعض النجوم يجلسون فى مكان مغلق يشاهدون الأفلام، ويكتفى أهالى أسوان بالتصوير مع النجوم؟ فهل هناك جدوى من مثل هذه المهرجانات أم أن الأمر سبوبة ووجاهة اجتماعية على حساب دعم من وزارة الثقافة؟ الناقدة خيرية البشلاوى، ترى أن المشكلة الكبرى بالنسبة لمصر تكمن فى عدم وجود دراسة جدوى تستطيع أن تنفذ المشروعات الفنية بشكل صحيح، فعلى سبيل المثال دعنا نتساءل هل مهرجانا الإسماعيليةوالإسكندرية استطاعا أن يجذبا جمهور المدينتين لنوعية جديدة من الأفلام السينمائية غير التى تعرض على مدار العام.... أشك؟ هل المهرجانات الجديدة مثل الأقصر الإفريقى والأوروبى وشرم الشيخ ومهرجان أسوان استطاع أن يجذبوا السياحة إلى هذه المحافظات، لو كانت الإجابة بنعم فعلينا أن نراجع عدد السياح الذين زاروا هذه المدن بعد فترات المهرجانات، علينا أن نصارح أنفسنا بأن المحافظ الذى يقدم الدعم المالى واللوجيستى لهذه المهرجانات يجنى فائدة كبرى، لكنها ليست فائدة سياحية وإنما فائدة إعلامية، حيث تعرض صوره فى الجرائد والمجلات، وكذلك يتردد اسمه فى القنوات التليفزيونية لا أكثر، وبناء عليه أرى أن وزارة الثقافة من الأفضل لها أن تجمع كل هذه الأموال وتقوم بصرفها على قصور الثقافة، فتستطيع أن تعرض الأفلام داخل قصور الثقافة وتأتى ببعض النقاد لإقامة ندوات تثقيفية لأبناء هذه المحافظات، أما غير ذلك فهو سبوبة لا أكثر ولا أقل . أما المخرج مسعد فودة نقيب السينمائيين وعضو لجنة المهرجانات بوزارة الثقافة، فله رأى آخر، حيث يرى أن مصر تمر بظروف استثنائية خلال السنوات الماضية، وعلينا أن نحاول تشجيع السياحة بكل الطرق الممكنة، لذلك فإقامة أى مهرجان سينمائى يعتبر إضافة مهمة فى الوقت الحالى، وأضاف فودة أن مهرجان الأقصر الإفريقى على سبيل المثال استطاع أن يجذب أنظار الأفارقة لهذه المدينة الجميلة التى تمتلك جزءا كبيرا من آثار العالم، ونفس الشيء بالنسبة لمهرجان أسوان لسينما المرأة، الذى انطلقت دورته الأولى الشهر الماضى، وعن نفسى أتمنى إقامة مهرجان فى كل محافظة، ونحن فى لجنة المهرجانات نقوم بعمل تقييم لكل مهرجان بعد انتهاء كل دورة لنقف على أسباب النجاح أو الإخفاق الذى حدث فى كل مهرجان، أما موضوع تفاعل أهل المدن مع المهرجانات التى تقام على أراضيها، فهذا يحتاج تضافر جميع الجهود حتى يعود الجمهور إلى صالات العرض السينمائى، وعلى كل مهرجان أن يستعين بأبناء المحافظة فى إدارة شئونه حتى يشعر أهالى المحافظة أن المهرجان يمثلهم وليس غريبا عنهم.