أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير    مصر وجنوب السودان.. خطوات هامة نحو تعاون مثمر في مجال المياه    المقاومة العراقية تستهدف قاعدة جوية إسرائيلية في مدينة إيلات    «القاهرة الإخبارية»: 20 شهيدا وإصابات إثر قصف إسرائيلي ل11 منزلا برفح الفلسطينية    عاجل.. مقتل امرأة وإصابة 24 في قصف روسي على خاركيف ومحيطها    سيف زاهر يكشف موعد تحديد الرباعي المشارك ببطولات الأندية الإفريقية    أحمد سامي: كنا قادرين على الفوز ضد الزمالك بأكثر من هدف والبنا لم يكن موفق    حملات تموينية على المخابز السياحية في الإسكندرية    طالب ثانوي.. ننشر صورة المتوفى في حادث سباق السيارات بالإسماعيلية    أنغام تتألق ب "فنجان النسيان" في حفلها ب دبي (فيديو)    إلهام الكردوسي تكشف ل«بين السطور» عن أول قصة حب في حياة الدكتور مجدي يعقوب    بسكويت اليانسون.. القرمشة والطعم الشهي    150 جنيهًا متوسط أسعار بيض شم النسيم اليوم الاثنين.. وهذه قيمة الدواجن    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد اليهودية    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    الجرام يتجاوز ال3500 جنيه.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم في الصاغة بعد الارتفاع    رضا عبد العال ينتقد جوزيه جوميز بعد خسارة الزمالك أمام سموحة    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    "كانت محملة عمال يومية".. انقلاب سيارة ربع نقل بالصف والحصيلة 13 مصاباً    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    وسيم السيسي: الأدلة العلمية لا تدعم رواية انشقاق البحر الأحمر للنبي موسى    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    نقابة أطباء القاهرة: تسجيل 1582 مستشفى خاص ومركز طبي وعيادة بالقاهرة خلال عام    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    طاقم حكام مباراة بيراميدز وفيوتشر في الدوري    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    أشرف أبو الهول ل«الشاهد»: مصر تكلفت 500 مليون دولار في إعمار غزة عام 2021    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    عضو «المصرية للحساسية»: «الملانة» ترفع المناعة وتقلل من السرطانات    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    سعرها صادم.. ريا أبي راشد بإطلالة جريئة في أحدث ظهور    بإمكانيات خارقة حتدهشك تسريبات حول هاتف OnePlus Nord CE 4 Lite    الإسكان: جذبنا 10 ملايين مواطن للمدن الجديدة لهذه الأسباب.. فيديو    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    أمطار خفيفة على المدن الساحلية بالبحيرة    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد تصريحاته حول «حل الدولتين».. هل ينحاز ترامب للحلم الصهيونى أم يستمع للغة المصالح؟

عمرو موسى: الحل الإقليمى للقضية الفلسطينية مرفوض ولا يجب إشعال حرب سنية شيعية فى المنطقة

صائب عريقات: الإدارة الأمريكية الجديدة تحتاج خارطة طريق عربية تقوم على لغة المصالح التى يجيدها «ترامب»

أحمد الطيبى نائب رئيس الكنيست: نيتانياهو لا يتحدث سوى عن دولة فلسطينية منزوعة السيادة ويريد من الفلسطينيين الاعتراف بيهودية دولة الاحتلال

حل الدولتين وهو الحل الذى يرمى إلى إنشاء دولة فلسطينية مستقلة وكاملة السيادة، إلى جانب دولة إسرائيل وفق محددات الشرعية الدولية، التى نصت عليه، بات معرضا للانهيار بصورة أكثر وضوحا، لا سيما بعد التصريحات التى أدلى بها الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب، خلال قمته الأخيرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو بواشنطن، والتى تحدث فيها بقدر كبير من الاستخفاف بهذا الحل طارحا خيار الدولة الواحدة، والمقصود بها إسرائيل بالطبع مع ما يحمله ذلك من مخاطر على الدولة الفلسطينية، منسجما بذلك مع طروحات نيتانياهو التى تهدف إلى إقامة دولة يهودية واحدة، مع ما يعنيه ذلك من خطر حقيقى يواجه الشعب الفلسطينى الذى يعيش فى أراضى ما قبل نكبة 1948، أو فى الضفة الغربية وقطاع غزة، أى باختصار إنهاء القضية الفلسطينية، وهى معطيات تفرض على الفلسطينيين والعرب جميعا، التفكير فى البدائل التى تحول دون بلورة أفكار ترامب ونيتانياهو فى الواقع، إتكاء على منهجية القوة التى يجيدها رئيس الوزراء الإسرائيلى بكفاءة عالية، معتمدا على إسناد أمريكى أكثر فاعلية من إدارة ترامب عن غيرها من الإدارات التى سبقتها.
فى هذا السياق تتجلى أهمية الملتقى الحوارى الثالث، الذى نظمته مؤسسة ياسر عرفات التى رأسها الدكتور ناصر القدوة ابن شقيقة الزعيم الفلسطينى الراحل ووزير الخارجية السابق، بالتعاون مع السفارة الفلسطينية بالقاهرة، مساء يوم الخميس قبل الماضى بأحد الفنادق الكبرى، الذى كان مخصصا لمناقشة التحديات التى تفرضها توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة عربيا وفلسطينيا، وسط حضور لافت للنظر من شخصيات عربية وفلسطينية ومصرية من مختلف التوجهات الفكرية والسياسية، كان فى مقدمتهم المتحدثون الرئيسيون فى الملتقى: عمرو موسى الأمين العام الأسبق للجامعة العربية ورئيس مجلس أمناء مؤسسة ياسر عرفات، الذى تولى إدارة النقاش والمداخلات، ثم الدكتور صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطنيين وأمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، والسفير حسام زكى الأمين العام المساعد للجامعة العربية، والدكتور غسان الخطيب نائب رئيس جامعة بيرزيت الفلسطينية.
فى مستهل مداخلته أكد الدكتور أحمد الطيبى، نائب رئيس الكنيست الإسرائيلى، أنه لايوجد وزير فى الحكومة الفلسطينية لا يؤمن بحل الدولتين، بينما لايوجد وزير واحد فى حكومة نيتانياهو يؤيده وقد تحديته مرة فى الكنيست بأن يلفظ عبارة دولة فلسطينية مستقلة أو ذات سيادة " فما يذكره دائما هو دولة فلسطينية منزوعة السيادة، ثم أضاف أخيرا دولة غير مكتملة، والفلسطينيون لم يناضلوا على مدى أكثر من سبعة عقود للوصول إلى مثل هذه الدولة، لذلك عندما تحدث ترامب عن خيار الدولتين أو دولة واحدة لم يكن ذلك سوى كذبة كبيرة، لأنه لا يمكن لأى فلسطينى أن يقبل به، مضيفا أن الدولة الواحدة تعنى أنها دولة أبارتهايد (تمييز وفصل عنصرى) يستحوذ فيها مجموعة من السكان على كل الحقوق وذلك مرفوض بالمرة، أو تكون دولة ديمقراطية تتحقق فيها المساواة للجميع، أى أن يكون حق التصويت متاحا لكل سكانها، وهنا فإن نيتانياهو يدرك أن الفلسطينيين سيشكلون الأغلبية وفق القواعد الديمقراطية، وبالتالى سيكون بمقدورهم هزيمته ديمقراطيا، ما يشكل بالنسبة للإسرائيليين كابوسا، وبالتالى يتجنبون طرحه لافتا فى هذا السياق إلى أن هناك ثلاثة أنظمة حكم تدار بها إسرائيل، أولها نظام ديمقراطى يطبق على 80 فى المائة من سكانها وهم اليهود، والثانى عنصرى ضد العشرين فى المائة من السكان وهم العرب، بينما يتجسد النظام الثالث فى نظام الاحتلال المطبق بضراوة فى الأراضى المحتلة، مؤكدا أنه لاتوجد ديمقراطية مع وجود الاحتلال وإسرائيل تعرف نفسها بأنها دولة يهودية وديمقراطية، وفقا لنظامها الأساسى وهو ما يحمل الشىء ونقيضه، ففى الدولة الديمقراطية يفترض أن جميع سكانها متساوون مثلما يحدث فى السويد وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وغيرها من الدول الديمقراطية، أما فى ظل الدولة اليهودية، فإن اليهودى أفضل من العربى، ومن ثم فإن التوصيف الصحيح لدولة إسرائيل أنها ديمقراطية تجاه سكانها من اليهود وعنصرية بالنسبة لسكانها من العرب، لذلك فإن نيتانياهو يطالب من الفلسطينيين الاعتراف بيهودية دولة الاحتلال.

بيئة سياسية جديدة
من جانبه يقول الدكتور غسان الخطيب، نائب رئيس جامعة بيرزيت والوزير الفلسطينى السابق، إن الكيان الإسرائيلى، شهد تغييرات ديموغرافية وسياسية، ولم تعد النخبة الحاكمة على استعداد للتعايش مع حل الدولتين، لأنهم غير مستعدين للتخلى عن الوجود الإسرائيلى، وهذه العقلية تفترض أن المشروع الصهيونى فى الضفة الغربية، وهو استكمال للجزء الأول من المشروع الذى بدأ فى فلسطين التاريخية قبل عام 1948، وبالتالى فنحن أمام كيان إمبريالى استعمارى يسعى للسيطرة على ما تبقى من فلسطين .
وفيما يتصل التطور المتمثل فى أنتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة فإن كل الإدارات الأمريكية السابقة كانت تتسابق – والكلام ما زال للدكتور غسان الخطيب – لتقديم أقصى أشكال الدعم للكيان الإسرائيلى، غير أن إدارة ترامب ستكون فى حالة انسجام وتوافق استثنائى مع هذا الكيان، الأمر الذى سيولد المزيد من التحديات الإضافية أمام الشعب الفلسطينى والعالم العربى، لافتا النظرفى هذا السياق إلى التراجع الأمريكى الذى أظهره ترامب عن حل الدولتين - والذى كان مفضلا للإدارات السابقة - وإعلانه أنه يؤيد الحل الذى يتفق عليه الطرفان الفلسطينى والإسرائيلى، أى ترك الأمور للطرف الأقوى وهو الكيان الإسرائيلى، فضلا عن إبدائه التفهم للاتجاه الإسرائيلى الإستراتيجى المتمثل فى المسار الإقليمى لحل الصراع فى المنطقة - حسب تسمية نيتانياهو - أى التحول 180 درجة عن الاتجاه السابق سواء للولايات المتحدة أم لإسرائيل الذى كان يفترض أن اتفاق سلام فلسطينى إسرائيلى من شأنه أن يؤسس للسلام فى المنطقة، أما المسار الإقليمى فيقوم على التهدئة المشتركة بين إسرائيل والدول العربية لمواجهة إيران، وبالتالى وفق مفهوم نيتانياهو ستكون هناك إمكانية لبناء تفاهمات إقليمية تمكن إسرائيل من إبرام صفقة مع الجانب الفلسطينى، وهو للأسف ما قوبل بصمت عربى، الأمر الذى يوفر لليمين الإسرائيلى حيزا إضافيا للمناورة والتحرك باتجاه هذا المسار، ما يستوجب مواقف واضحة وجادة لإسقاطه، وهى مهمة القمة العربية الثامنة والعشرين بالأردن نهاية مارس المقبل، وفى يقينه فإن هذه النظرة الجديدة لنيتانياهو قد تشكل حجة جديدة لبناء تنسيق وتفاهم عربيين، بما فى ذلك الفلسطينيين، للتعامل بفعالية مع هذا المتغير الجديد وتشكل المبادرة العربية للسلام الأرضية الأفضل لمواجهة هذا الطرح الإسرائيلى، فهى تربط بشكل بناء بين مسار التفاوض ومستقبل العلاقات العربية الإسرئيلية.

السياسات الأحادية
ويلفت الخطيب إلى أن هذه التطورات التى طرأت على البيئة السياسية تقود إلى عدم توافر إمكانية الوصول إلى حل وإقامة الدولة الفلسطينية عن طريق المفاوضات، لا سيما أن إسرائيل حاولت فرض أمر واقع عن طريق سياسات أحادية الجانب وهى ستستمر فى ذلك الاتجاه لفترة ليست بالقليلة، ما يملى على الطرفين العربى والفلسطينين نوعين من المهام، أولهمها يتعلق بالسياسات العربية الخارجية فلم يعد بالإمكان المراهنة على المفاوضات الثانئية ما يتطلب التحول إلى المستوى الدولى واعتماد القانون الدولى لمقارعة إسرائيل على الصعيد العالمى، وحتى يكون هذا المنحى أكثر كفاءة وفعالية، فإنه من الضرورة بمكان إحداث تكامل بين الدبلوماسية السياسية والدبلوماسية الشعبية الآخذة فى التوسع لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها بالذات بالنسبة للفلسطينيين، حتى تتكامل السياسة الرسمية على المستوى الدولى وجهود النشطاء على نحو يوفر لهم مساحة أوسع من الحركة والعمل بشكل متداخل .
ويدعو الخطيب الفلسطينيين - وذلك هو المستوى الثانى - إلى أن تتسم سياستهم على المستوى الداخلى بالنفس الطويل، وتركز على تقوية العوامل الذاتية من خلال تعزيز الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام والاهتمام بالخدمات التى تقدم للمواطن، وبناء جيل جديد فلسطينى توفر له كل الفرص للحاق بالمستقبل، لا سيما أن القيادة السياسية لم تعد تولى متطلبات الداخل ذات البعد الخدماتى من تعليم وصحة وفرص عمل نفس الدرجة من الاهتمام التى توليها للعمل السياسى الخارجى، ومن ثم فإن تحصين الجبهة الداخلية يستوجب تمتين البناء المؤسساتى وتعزيز إمكانات الصمود وزيادة قدرة أبناء الشعب الفلسطينى .

إرادة جماعية عربية
وجاءت مداخلة السفير حسام زكى الأمين العام المساعد للجامعة العربية تحمل جملة من الخلاصات:
أولا: ثمة قناعة بأن الإدارة الأمريكية يمكنها أن تفعل ما تريده فى المنطقة، وكذلك الأمر بالنسبة لإسرائيل التى تنفذ مخططاتها دون أن تكون هناك سبيل لمواجهتها، بيد أن ذلك أمر غير صحيح ومرفوض، لاسيما إن توافرت إرادة عربية حقيقية يمكن تفعيلها بشكل جماعى لمواجهة المخططات التى ترسم للمنطقة خلافا للمصلحة العربية .
ثانيا: هناك واقع عربى يتسم بالكثير من السلبيات والانقسامات وتعمل الأطراف الأخرى فى مقدمتها إسرائيل، وبعض الدوائر فى الولايات المتحدة على توسيع التناقضات بين الدول العربية حول القضية الفلسطينية، خصوصا أن البعض منها يعمل على أن يعلى من مصالحة الخاصة على حساب هذه القضية، ما بات يستوجب تحقيق قدر من التوازن فى التعامل مع واشنطن والتعامل مع القضية الفلسطينية على نحو يقترب كثيرا من المصالح العربية، لأن تحقيق الاستقرار فى الوضع الفلسطينى من شأنه أن يحقق مصالح الدول العربية خصوصا المحيطة بفلسطين، ومن ثم فإن التحدى الكبير الذى يواجه العرب فى المرحلة الراهنة يتمثل فى كيفية إعادة القضية الفلسطينية إلى موقع الصدارة، بعد أن تراجعت كثيرا عالميا وعربيا بعد أن بات الحديث دوما هو عن سوريا واليمن وليبيا والعلاقات مع إيران، ثم يأتى الحديث عن فلسطين وذلك يحتاج إلى جهد كبير، وإذا لم يتحقق سوف تظل القضية الفلسطينية قابعة فى موقع متأخر فى سلم الأولويات العربية، الأمر الذى سينتج عنه استمرار الجانب الإسرائيلى فى تكريس سياساته وانتهاكاته ومشروعاته الاستيطانية، ومع ذلك ثمة قناعة -طبقا لما يؤكده زكى - بأن القضية الفلسطينية بتكوينها وشرعيتها هى ضد أى إمكانية لتجاهلها من قبل العالم، لكن ذلك مرهون بعدم السماح لإسرائيل بتحييد كل عناصرها والعمل على تهدئة الأوضاع فى فلسطين ريثما تحقق أهدافها .
رابعا: من الضرورة بمكان وضع القضية الفلسطينية فى حزمة القضايا الإقليمية التى تثير اهتمام الجانب الأمريكى، لا سيما أن الإدارة الجديدة لاتتحدث عن رغبة فى تجاهل ملفاتها ولكن فى إمكانية الوصول إلى حل لا يتسق مع الأطروحات العربية، وذلك يتطلب تبنى قدر من المرونة المؤسسة على المواقف المدروسة، وليس التنازلات والتخلى عن الثوابت، وذلك حتى لا يتهم الجانب العربى بأنه يعرقل الوصول إلى حل، مع التأكيد على أن أى محاولة لتجزئة المبادرة العربية للسلام أو إعادة ترتيبها لن تفلح فى زحزحة الموقف العرب، ولاشك أن قمة عمان ستشهد التأكيد على هذا الموقف العربى الصلب من المبادرة الذى استمر أكثر من عشرين عاما.
خامسا: إن خلفية الرئيس دونالد ترامب بحسبانه رجل استثمارات عقارية وصفقات تجارية، والتى تمثلت فى حديثه عن رغبته فى إيجاد حل وتسوية للقضية الفلسطينية سوف تصطدم بالمواقف الإسرائيلية المتصلبة بشكل أقرب مما نتخيل، وسوف تصل بالجانبين إلى حالة من الافتراق، لكنها لن تصل إلى المستوى الذى بلغته العلاقات بين الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو، غير أنها قد تصل إلى حد يشعر فيه ترامب أن الجانب الإسرائيلى لا يريد أن يتماشى مع أى طرح للتسوية يسعى إليه لا دولة واحدة أو دولتين وهو ما يستوجب من الجانب العربى أن يتحرك بقوة يدفع الطرفين إلى هذه النتيجة .

الأحكام المسبقة
ومن جنبه أعرب الدكتور صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين وأمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، عن اتفاقه مع الطروحات التى تطالب بعدم إصدار مسبقة على إدارة الرئيس دونالد ترامب، التى لم يمض على وصولها إلى السلطة سوى 33 يوما – يوم عقد الملتقى – لكنه لفت النظر إلى أن مقارنة خطاب تنصيبه مع خطابات 12 رئيسا سابقا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، تشير إلى أن العامل المشترك بين محددات السياسة الخارجية فى كل خطابات من سبقوه، يتركز على دعم الأصدقاء ومعارضة الأعداء لضمان نجاح الحرية، وبالتالى فإن العالم الحر والتجارة الحرة والدفاع المشترك شكلت نقاط ارتكاز فى السياسة الخارجية للولايات المتحدة منذ عهد ترومان إلى نهاية عهد أوباما، وهو ما يظهر أن هناك فرقا شاسعا فى خطاب تنصيب ترامب وخطب كل هؤلاء الرؤساء الذين سبقوه، وإن أكدت إدارة أوباما التى سبقت إدارته على جميع الأسس التى رسخها سابقوه من الرؤساء السابقين، حيث عملت بأكثر من اتجاه من أجل الحوار مع إيران ومع أطراف دولية أخرى، أما الرئيس ترامب فكانت نقطة الارتكاز فى خطاب تنصيبه ما اسميه نظرية الصفر وبمقتضاها "هم يربحون ونحن نخسر"، وبالتالى طرح مقولة "أمريكا أولا" و"أمريكا ستكون عظيمة مرة أخرى"، وقد قال بالنص فى هذا الخطاب: لعقود طويلة بنينا صناعات الدول الأجنبية، وبنينا جيوش الدول الأخرى على حساب تعزيز قدرة الجيش الأمريكى، ثراء الطبقة الوسطى نقلناه من غرف نوم هذه الفئة ووزعناه على العالم أجمع " وهو ما يبين أن ترامب لم يأت فى خطاب تنصيبه على أى تفريق بين الصديق والعدو، ولم يذكر كلمة الحرية أو الدفاع وحرية التجارة على الإطلاق، لكنه ذكر جملة لها دلالاتها قال فيها بالحرف الواحد".

خارطة طريق عربية
وفى ضوء تباين ما يمكن أن يثيره القادة العرب مع ترامب يتساءل عريقات: أين خارطة الطريق العربية للتحدث مع ترامب وفقا لمنظور لغة المصالح، فعلى سبيل المثال فإن ترامب الذى يسعى إلى إعادة الوظائف إلى الأمريكيين، وتفعيل التجارة مع الدول الخارجية، لا بد أن يعود إلى الإحصائيات التى تقول أن المملكة العربية السعودية، تحتل المركز الثالث والعشرين فى الميزان التجارى مع الولايات المتحدة، فهى تصدر لها بما يزيد على 18 مليار دولار وتستورد منها بما يزيد على 16 مليار دولار، بينما دولة الإمارات العربية المتحدة تحتل المركز السادس والعشرين فى الميزان التجارى، فهى تصدر إلى الولايات المتحدة 22 مليار دولار، وتستورد منها 33 مليونا، أما مصر فتصدر إلى الولايات المتحدة ما قيمته بليون دولار فقط من إجمالى حجم صادارتها إلى الخارج والبالغ 20 بليون دولار وفقا لإحصائيات 2016، بينما تستورد منها بما قيمته 3 بلايين دولار أى ما يعادل 6 فى المائة من إجمالى حجم وارداتها والبالغة نحو 58 بليون دولار، غير أنه عندما ينظر إلى الإحصائيات المتعلقة بدولة مثل الصين سيرى ترامب أن صادراتها لبلاده تصل إلى 482 بليون دولار فى العام 2016 ووارداتها تبلغ 116 بليون دولار، أى نسبة العجز لصالح الصين 336 بليون دولار، إذن سيسعى الرئيس الأمريكى الجديد إلى المسارعة بإحداث توازن فى الميزان التجارى مع الصين، وهو ما سوف يستغرق تفاعلات سياسته الخارجية لبلاده تجاه بكين .
وذلك يعنى – كما يضيف عريقات - أن ترامب فى تعاطيه مع السياسة الخارجية سيركز على المصالح والميزان التجارى، دون أن يعنيه لا القانون الدولى ولا شعاراتنا التى اعتدنا عليها فى الماضى.
ويلفت كبير المفاوضين وأمين سر منظمة التحرير النظر إلى تمسك الجانب الفلسطينى بالمفاوضات مع إسرائيل كطريق للوصول إلى حل الدولتين، وهو ما تجسد فى قبوله دعوة الرئيس فلاديمير بوتين لاستضافة قمة تجمعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو فى موسكو، لكن الأخير هو الذى رفض، كاشفا عن الوجه الحقيقى للسياسات التوسعية لحكومته والمتمثل فى إقامة دولة بنظامين، بينما كل الحكومات السابقة كانت تسعى إلى دولة واحدة وبنظام واحد، وذلك يعنى أنهم أى الإسرائيليين لم يخرجوا بعد من عباءة بلفور الذى ينص على إقامة وطن قومى لليهود مع الحفاظ على الحقوق الدينية للأقليات الأخرى فى فلسطين، لذلك عندما طرح ترامب فى المؤتمر الصحفى عبارة دولة واحدة أو دولتين، فقد كان بناء عن تقدير موقف قدمه له أحد مستشاريه بأن الولايات المتحدة مع حل الدولتين، ولكن نيتانياهو يسعى إلى فرض الدولة الواحدة من خلال الاستيطان، وهذا ضد المصالح الأمريكية، ولأنه ليس سياسيا فقدعقب بقوله: دولتين أو دولة دون أن يكون لديه تصور واضح للمفهومين، غير أنه فى الحصيلة الأخيرة فإن الولايات المتحدة دولة مصالح وحديثها مع العرب والفلسطينيين يعتمد على ما يحقق مصالحها هى بالدرجةالأولى، وهو ما يستوجب وضعه فى الحسبان فى القمة العربية المقبلة.

قمة عمان
وأخيرا حدد عمرو موسى، رئيس مجلس أمناء مؤسسة ياسر عرفات، والأمين العام الأسبق للجامعة العربية رؤيته تجاه كل ما أثير فى الملتقى، وقال إن القمة العريبة المرتقبة فى عمان مطالبة برؤية إستراتيجية وموقف عربى، على نحو يمكن رئيسها – العاهل الأردنى باسم العرب جميعا فيما يتعلق بالقضايا الأساسية تعبيرا عن صوت الشرعية العربية، لافتا النظر إلى ميزة هذه القمة أنها تعقد فى توافر الإجماع حول المبادرة العربية للسلام، وهو ما يحول دون تقديم أى تنازلات بشأنها استجابة لضغوط خلال السنوات الماضية هدفت إلى إجراء تغيير أو تحديث لبعض بنودها غير أن الرد العربى جاء رافضا لذلك بقوة.
وأشار موسى إلى أنه على الرغم مما يبدو من صعوبات تواجه حل الدولتين، فإنه لا مجال للتنازل عنه ويجب تفعيله فى إطار زمنى محدد عن طريق المحافل الدولية المختصة بالسلام، وهو ما يجب أن تركز عليه قمة عمان، مشددا على رفض أى حديث عن حل إقليمى، وقال لا يمكن القبول به لأنه سيعيد المنطقة إلى المربع الأول ويطيل أمد التفاوض أكثر من عشرين عاما مثلما حدث مع التفاوض الثنائى الذى استمر عقدين دون أن يفضى إلى نتيجة .
كما أعلن رفضه لما يسمى بالحل الإقليمى الذى يعنى بناء تكتل عربى ضد إيران، وذلك ليس مطلوبا على الرغم من رفض سياسة إيران الإقليمية وضد تحرك سنى ضد شيعى، لأن ذلك يقود المنطقة إلى حرق المنطقة، محذرا من تسويق الحل الإقليمى والذى بدأ بالفعل من خلال بعض التحالفات المطروحة للاعتياد عليها فى المنطقة وهو ما يجب أن ينتبه له النظام الإقليمى العربى.
ولفت موسى النظر إلى ضرورة إنهاء ملف الانقسام الفلسطينى، وقال لا يمكن لنا نحن المواطنين العرب أن نتسامح إزاء استمراره, لأنه يعمل على إلحاق الضعف الشديد بالقضية الفلسطينية، وذلك حتى يمكن مواجهة إمعان نيتانياهو وحكومته على صعيد المشروع الاستيطانى وتكريس الاحتلال، وهو ما يستوجب مبادرة فلسطينية أساسية، وفقا لمحددات وطنية فذلك من شأنه أن يقلب الميزان، خصوصا أن ترامب لا يزال غامضا ولم يبلور خطا أو خطوطا سياسة يمكن التعبير عنها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.