انضمام الدول إلى منظمة التجارة العالمية يعتبر من أصعب وأعقد التجارب التى يمكن أن تواجهها الدول الراغبة لتلك المنظمة، وذلك بالمقارنة مع إجراءات الانضمام لمنظمات أخرى مثل منظمة الصحة العالمية أو العمل الدولية أو حتى نيل عضوية الأممالمتحدة، والتى لا تتطلب تقديم تنازلات أو القيام بسن تشريعات أو قوانين مثل تلك التى يتطلبها الانضمام لمنظمة التجارة التى تشرف على إدارة العلاقات التجارية متعددة الأطراف بين الدول منذ عام 1995م، لذلك تعمل مصر جاهدة لدعم الدول العربية للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. المؤتمر السنوى الثامن الذى عقدته المنظمة العربية للتنمية الإدارية بالتعاون مع وزارة الصناعة والتجارة الخارجية المصرية بالقاهرة أخيرا تحت عنوان «تحديات التجارة العالمية واهتمامات الدول العربية» طالب بضرورة تفعيل القرارات العديدة الصادرة من منظمة التجارة العالمية، مؤكدا أن ثورات الربيع العربى فرضت تحديات كبيرة على حكومات الدول العربية فى المضى قدما للانخراط الفعال فى التجارة العالمية، كما ناقش المؤتمر نتائج المؤتمر الوزارى الثامن لمنظمة التجارة العالمية بجنيف2011، ومفاوضات برنامج عمل الدوحة واهتمامات الدول العربية وموقفها فضلا عن استعراض التجارة فى الخدمات بين اتفاقية الجاتس والمفاوضات العربية للاتفاق الإقليمى وعرض تجارب الدول العربية فى قضايا التجارة الدولية والدروس المستفادة منها وتطبيق اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية. الدكتور محمود عيسى، وزير الصناعة والتجارة الخارجية، أكد أن مصر ستواصل دعمها وتأييدها لانضمام الدول العربية إلى منظمة التجارة العالمية كما ستظل متمسكة بموقفها الداعم لطلب الجامعة العربية الحصول على صفة مراقب فى المؤتمرات الوزارية والمجلس العام وهيئات منظمة التجارة العالمية، مشيرا إلى أنه لا يوجد أى مبرر لحرمان جامعة الدول العربية من هذا الحق باعتباره طلبا مشروعا فى هذه المنظمة التى تعتبر محفلا مهماً للتواصل مع الدول والوقوف على المبادرات المختلفة للتجارة الدولية. وأوضح أن الثقة فى النظام التجارى متعدد الأطراف لن تكتمل دون جولة الدوحة للتنمية مؤكدا التمسك باختتام جولة الدوحة وفقا للتفويض الصادر فى مؤتمر الدوحة عام 2011 مع ضرورة أن تبقى قضايا التنمية هى بؤرة العمل فى منظمة التجارة العالمية والأساس لأى اتفاقيات يتم حصادها فى وقت مبكر عن اختتام الجولة بكامل ولايتها معربا عن أمله فى أهمية التعاون المثمر بين الدول العربية فى هذا المجال ليكون عاملا محفزا. وأوضح أن الازمات المالية والاقتصادية العالمية والمشكلات التى تعترض اقتصاديات الدول المتقدمة قد ألقت بظلالها على النظام التجارى متعدد الأطراف حيث تصاعدت التوجهات الحمائية على مستوى الدول الأعضاء لا سيما دول مجموعة العشرين وطبقت بعض الدول 124 إجراء جديدا مقيدا للتجارة مما كان له تأثيرا على حوالى 9,0%من الواردات العالمية و 1,1 % من واردات دول مجموعة العشرين..وأكد أهمية تفعيل القرارات العديدة الصادرة من منظمة التجارة العالمية بمساعدة الدول النامية المستوردة الصافية للغذاء مطالبا باتخاذ خطوات جادة للنظر فى كيفية تنفيذ مقترح مجموعة الدول النامية المستوردة والذى تبنته المجموعة العربية بشأن برنامج عمل للتخفيف من آثار ارتفاع وتقلبات أسعار الغذاء على الدول النامية المستوردة للغذاء. ومن جانبه أوضح الدكتور رفعت الفاعوري، الأمين العام للمنظمة العربية للتنمية الإدارية، أن المؤتمر استعرض تطورات المفاوضات واهتمامات الدول العربية، والعلاقة بين النظام الدولى متعدد الأطراف والاتفاقيات الإقليمية فضلا عن مناقشة قضايا تتعلق بالتجارة فى الخدمات بين اتفاقية الجاتس، والمفاوضات العربية للاتفاق الإقليمي، مشيرا إلى أن المؤتمر سلط الضوء على تجارب الدول العربية العملية فى قضايا التجارة العالمية، والدروس المستفادة منها. وأكد مواصلة التعاون مع وزارات التجارة العربية من أجل بحث الفرص المتاحة للاقتصاديات العربية فى ظل اتفاقات منظمة التجارة العالمية مؤكدا على أهمية تعزيز النظام التجارى متعدد الأطراف بما فى ذلك تقوية نظام تسوية المنازعات والإسراع فى مفاوضات تسهيل التجارة..وأضاف أن الهدف من المؤتمر السعى للوصول إلى إطلاق رؤى عربية مشتركة فى التعامل مع اتفاقيات منظمة التجارة العالمية وتطبيقاتها ومفاوضاتها بما يمكن الأقطار العربية من تقوية موقفها التفاوضى ويعزز من اندماج اقتصادياتها فى التجارة الدولية بشكل إيجابى وفاعل..بينما أكد الدكتور عبدالعزيز ممدوح، مدير إدارة التجارة فى الخدمات بمنظمة التجارة العالمية، أن انعقاد المؤتمر يأتى فى مرحلة تتسم بتغيرات سياسية مهمة سواء فى دول المنطقة أم فى مناطق أخرى فى أوروبا وأمريكا حيث إن هذه التغيرات تشير إلى أنه لم يعد التعامل مع النظام التجارى تتحكم فيه دولة أو دولتين فقط حيث أصبحت منظمة التجارة العالمية تعمل فى إطار نوع جديد من الديمقراطية الدولية فى الوقت الذى نرى فيه إخفاقات فى مجال التعاون الدولى فى معظم المحافل العالمية. من جانبه، أكد الدكتور محسن هلال، مستشار منظمة التجارة العالمية، أن دول الربيع العربى والدول الأخرى التى تمر بها اضطرابات سياسية فى المنطقة تواجه أساسًا مشكلة عجز الموارد المالية الخارجية سواء فيما يتعلق بالاستثمارات أم عائدات الصادرات أم عائدات السياحة، موضحا أنه يفرض على هذه الدول زيادة الطلب على النقد الأجنبى وهو أحد أهم الوسائل فى زيادة تدفق الاستثمارات وهو هدف أساسى لاتفاقيات منظمة التجارة العالمية. وأشار إلى أنه يجب مراجعة اتفاقيات التجارة العالمية وتعظيم الاستفادة منها لعلاج أهم مشكلة لدول الربيع العربي، وهو زيادة الموارد من خلال حركة التصدير سواء من السلع أم الخدمات، أخذًا فى الاعتبار أن مصر وتونس أعضاء فى المنظمة منذ تأسيسها فى عام 1995 كما أن اليمن من المحتمل أن ينهى مفاوضات انضمامه للمنظمة ويكتسب العضوية الكاملة فى نهاية العام الحالي، بينما تحصل سوريا على صفة المراقب فى المنظمة منذ عام 2010 ولم تبدأ بعد مفاوضات الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية . فيما أكدت دينا محمود، مدير إدارة التجارة، فى الخدمات بوزارة الصناعة والتجارة الخارجية ضرورة إنشاء مجلس أعلى للتجارة، فى الخدمات بين الدول العربية، تقع تحت مظلته جميع القطاعات الخدمية، مع الأخذ فى الاعتبار أن الاتفاقية العربية للتجارة، فى الخدمات سوف تدخل حيز التنفيذ، بعد إنهاء إجراءات التصديق عليها، من جميع الدول العربية، خلال العام القادم. وأكدت ضرورة نشر ثقافة الوعى الكافي، بأهمية تحرير التجارة فى الخدمات، داعيةً الدول العربية إلى ضرورة الالتزام بالتوقيتات الزمنية، التى أوصى بها المجلس الاقتصادى والاجتماعي، وتحديد جداول التزامات زمنية، والتقدم بعروضها المحسنة والنهائية فى شهر ديسمبر المقبل.