صراع له جذور(3) لا يمكن الحديث عن جذور الصراع العربي الإسلامي دون فهم لمنهج الاستيطان الذي يمثل جوهر ومظهر الاغتصاب غير المشروع لأراضي الغير, بينما يجري تصويره في أوروبا وأمريكا بالباطل علي أنه إعمار وتعايش! إن الاستيطان وفق أي تعريف علمي يعني قيام أشخاص غرباء باستيطان أرض لا تخصهم من نوع توطين سكان من أوروبا في أمريكا واستراليا بعد اكتشافهما كأرض جديدة خالية من الحضارة ولا ضير من إبادة أو عزل سكانها الأصليين باعتبارهم يمثلون عائقا أمام مشروع نشر الحضارة الأوروبية. ووفق التعريف العلمي الصحيح للاستيطان فإنه يعكس الطبيعة العنصرية للاستعمار بمفهومة التقليدي حيث يحل المستوطنون محل قوات الاحتلال العسكرية بدوافع التفوق الحضاري واحتقار السكان الأصليين, والعمل علي إشعارهم بدونيتهم أمام التفوق الوافد والتمدين المزعوم. وفي كل مكان حلت عليه لعنة الاستيطان قبل نكبة فلسطين كان الهدف واضحا في احتلال الأرض من سكانها الأصليين واستعمارها وجعلها شبه خالية منهم بعد ترحيل معظمهم خارج الحدود إلي الدول المجاورة باستخدام كل وسائل الترهيب. وعلي عكس الكيانات الاستيطانية في أمريكا واستراليا وجنوب إفريقيا التي كانت تعمل علي تشجيع هجرة البيض وضمان ازدواجية الجنسية لهم, فإن الحركة الصهيونية بنت مشروعها الاستيطاني علي تشجيع هجرة اليهود فقط إلي فلسطين وفق برنامج زمني يتوافق فيه تشجيع هجرة اليهود مع تكثيف عمليات تهجير الفلسطينيين وإصدار أغرب قانون عرفه التاريخ بالسماح بنقل ملكية الأراضي من الفلسطينيين إلي المستوطنين وعدم السماح بنقل الملكية من يهودي إلي عربي تحت أي ظرف من الظروف. وكما فعلت فرنسا في الجزائر والنظام العنصري في جنوب إفريقيا احتلت عملية الاستيلاء علي الأراضي وإقامة المستوطنات مكان الصدارة في أجندة الحركة الصهيونية دون أدني اعتبار لمباديء القانون الدولي واتفاقيات جنيف. وخلاصة القول ان المشكلة الفلسطينية ليست صراعا سياسيا يمكن حله بالقرارات الدولية أو الاتفاقيات المرحلية وإنما هو صراع وجود.. وما لم يحدث تغيير جذري في الفكر الإسرائيلي يؤدي إلي استبعاد الاستيطان تماما ونهائيا من الأجندة الإسرائيلية فإن الصراع لن يطول أمده فقط, وإنما سوف يزداد تعقيدا وتضيع إمكانيات التعايش لتحل محلها خيارات الإقصاء.. إما نحن وإما هم! خير الكلام: التسليم بالأمر الواقع مرحليا لا يبرر الاستسلام نهائيا! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله