"بحوث الصحراء" يواصل دعم مزارعي ومربي مطروح بقوافل بيطرية مجانية    مسيرات أوكرانية تستهدف موسكو مع وصول زعماء أجانب للمشاركة في احتفالات يوم النصر    الثقة والارتياح.. ميدو يكشف سر تعيين أيمن الرمادي لقيادة الزمالك    11 مصابًا وشلل مروري في تصادم مروّع على الطريق الدائري| صور    "خد أكبر من حجمه".. نجم الزمالك السابق يعلق عبر مصراوي عن أزمة زيزو    رئيس اتحاد الجودو: تعاون المدربين واللاعبين سرّ الإنجاز.. والميدالية رمز تعب    بولندا تنتقد بشدة سياسة الهجرة التي تنتهجها الحكومة الألمانية الجديدة    لمدة 6 أيام.. الفرقة القومية المسرحية بالفيوم تقدم ليالي العرض المسرحي «يوم أن قتلوا الغناء» بالمجان    سهير رمزي: "اشتغلت مضيفة طيران والزعيم لم يكن شخص عصبي"    بوسى شلبى لورثة محمود عبد العزيز: زواجى مثبت وعلاقتنا لا تخالف شرع الله    حسام موافي يوضح الفرق بين الشريان والوريد    تفاصيل احتفال دمياط بعيدها القومى فى ذكرى انتصارات الأجداد عام 1250م    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات الطفولة المبكرة    المحامين": النقاش لا يزال مفتوحًا مع الدولة بشأن رسوم التقاضي    عمرو الورداني يقدّم روشتة نبوية لتوسعة الخُلق والتخلص من العصبية    نائب روسي: الاتحاد الأوروبي أصبح خليفة للرايخ الثالث    الجمعة.. قافلة طبية مجانية بقرية صلاح الدين في البحيرة    بإطلالة طبيعية.. مي كساب تخطف الأنظار في أحدث ظهور لها    انطلاق مباراة بي إس جي ضد أرسنال في دوري أبطال أوروبا    بمشاركة حمدي فتحي.. الوكرة يسقط أمام أم صلال بكأس أمير قطر    غموض موقف مدافع مانشستر يونايتد من لقاء بلباو    محافظ المنيا: حزمة تيسيرات جديدة للراغبين في ترخيص محالهم التجارية .. ولا تهاون مع المخالفين    مهرجان أسوان لأفلام المرأة يسدل الستار عن دورته التاسعة بإعلان الجوائز    الفوضى تسبب لهم التوتر| 4 أبراج فلكية لديها شغف بالنظافة والترتيب    حريق هائل في كسارة بلاستيك بالغربية - صور    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    الآلاف يشيعون جثمان الطفل ضحية الطلق الناري من زملائه في كفر الشيخ    البغدادي تستعرض مع وفد جمهورية تشيلي استراتيجية تمكين المرأة    أفضل من القهوة والشاي- 4 مشروبات صباحية تنقص الوزن    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات كلية التربية للطفولة المبكرة    البابا تواضروس: نحن مواطنون مصريون نعيش مع إخوتنا المسلمين فى وطن واحد    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    أوس أوس يطلب من جمهوره الدعاء لوالدته: «ادعوا لها تقوم بالسلامة»    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    عمر طلعت مصطفى: ننسق مع وزارة الشباب والرياضة للاستفادة من الفعاليات الكبيرة للترويج لسياحة الجولف    مبيعات أجنبية تهبط بمؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم.. فما الأسباب؟    وزير التموين يكشف تفاصيل عن تطبيق رادار الأسعار    أبطال «نجوم الساحل» يكشفون كواليس العمل مع منى الشاذلي..غدا    «الزيت يكفي 3.7 شهر».. وزير التموين: الاحتياطي الاستراتيجي من السلع الأساسية آمن    جامعة كفر الشيخ تشارك في منتدى «اسمع واتكلم» بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف    محافظ قنا يشارك في احتفالية مستقبل وطن بعيد العمال ويشيد بدورهم في مسيرة التنمية    خلافات مالية تشعل مشاجرة بين مجموعة من الأشخاص بالوراق    رئيس "أزهرية الإسماعيلية" يشهد امتحانات النقل الإعدادى والابتدائى    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    هل يجوز أن أصلي الفريضة خلف شخص يصلي السنة؟.. المفتي السابق يوضح    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    بدء اجتماع "محلية النواب" لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة    ضبط مروري مكثف.. سحب 934 رخصة وضبط 507 دراجة نارية ورفع 46 مركبة مهملة    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    «قمة الإثارة».. أفاعي الإنتر تلتهم نجوم برشلونة وتتأهل لنهائي الأبطال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالم يقرأ
انتحار الروائي والملف الأمني

كان صفوة من الأدباء والمثقفين وكتاب الروايات البوليسية يحتشدون في قاعة بأحد الفنادق البريطانية في أكتوبر‏2008‏ للاحتفال بفوز كاتب سويدي بجائزة أدبية رفيعة عن روايته البوليسية فائقة الروعة والحبكة الفتاة ذات وشم التنين‏.‏ وتقافز في قاعة الاحتفالات سؤال: لماذا تأخر الفائز بالجائزة ستيج لارسون؟ انه لم يحضر بعد لالتقاط صور تذكارية.
ولم يكن ممكنا ان يحضر لارسون, لأنه مات منذ نحو أربع سنوات, بينما كان في الخمسين من عمره, والمثير للدهشة أن معظم المحتفلين لم يكن لديهم علم بنبأ موته, وانه قضي نحبه بسكتة قلبية قبل نشر روايته حتي في بلده السويد. ولم يدرك بالطبع انها فور صدورها حققت أعلي مبيعات, وصارت ظاهرة ثقافية عالمية, فقد تم طباعة اكثر من خمسين مليون نسخة من هذه الرواية, وكذا من شقيقتيها الفتاة التي تلعب بالنار, والفتاة التي ركلت عش الدبابير.. وأطلق النقاد علي هذه الروايات الثلاث اسم ثلاثية الألفية.
ومما يتعين الالتفات اليه ان ثلاثية الألفية التي أضحت ظاهرة ثقافية قد تم نشرها مصادفة.. وهذا ما توضحه الناشرة السويدية ايفا جيدن.. فقد اتصل بها تليفونيا صديق للكاتب, وناشدها قراءة روايته, وما ان انتهت من القراءة, حتي قررت نشرها, وعندما التقت مع الكاتب أوحت له بفكرة الثلاثية, فوافق في هدوء, وتقول ايفا انه كان شخصا دمث الخلق ويجنح إلي الهدوء, كما كان خجولا.
ومما لاجدال فيه ان ايفا جيدن برغم براعتها في صناعة النشر لم تكن تتوقع ان تحقق الرواية هذا النجاح الباهر والمبهر.
وما ان حلقت ثلاثية الألفية في فضاءات عالم الثقافة حتي تطلع القراء بشغف عارم لمعرفة أي معلومات عن حياة مؤلفها, صحيح ان ستيج لارسون كان مشهورا في السويد, وفي دوائر اليسار السياسي الاوروبي باعتباره كاتبا صحفيا مناهضا لجماعات وتنظيمات اليمين المتطرف في السويد, لكن شهرته المدوية كروائي كانت أمرا مفاجئا.
السيرة الذاتية
ولعل السيرة الذاتية التي كتبها عن لارسون كاتب بريطاني هو باري فورشو قد أضاءت حياة مؤلف ثلاثية الألفية, إلي حد كبير, فقد نشرها تحت عنوان الرجل الذي رحل مبكرا في منتصف عام2010, وهي اكثر شمولا واحاطة بأطوار حياته ومواقفه السياسية من الكتاب الذي اصدرته أخيرا ايضا جبرليسون رفيقة درب لارسون تحت عنوان أشياء أود ان تعرفها عن لارسون وعني.
ويفيض ما كتبته ايفا بعاطفة مشبوبة, وتسرد أطيافا من حياتهما معا, غير ان ثمة ملاحظة مهمة استرعت انتباه نقاذ الأدب وهي ان لغتها عادية, وتختلف تمام الاختلاف عن اللغة الأدبية المشرقة والجميلة التي كتب بها لارسون ثلاثيته.
وليس القصد من هذه الملاحظة عقد أية مقارنة بين لغة كل من ايفا ولارسون, وانما الهدف من أبرازها يستهدف دحض التكهنات التي سرت في دروب الثرثرة حول مشاركة ايفا لارسون في كتابة الثلاثية أو الزعم الصاخب بأنها هي التي كتبت الثلاثية.
ولعل السر في عربدة هذه التكهنات وتلك المزاعم أن ستيج لارسون ظل طوال حياته القصيرة العاصفة صحفيا وكاتبا سياسيا وقد حقق شهرته بسبب حملاته الصحفية المستمرة علي أفكار وتوجهات القوي اليمينية المتطرفة, خاصة النازيين الجدد.
وكان قد أسس صحيفة أكسبو التي اتخذ منها منبرا صحفيا رفيعا لنشر مقالاته التي تحذر من المخاطر التي تحدث بالمجتمع من جراء ظهور تيارات اليمين المتطرف, وانتشارها وقد تعرض لارسون لتهديدات بالقتل.
واضطر لارسون وايفا إلي مراوغة هذه القوي, حتي يتسني لهما الافلات من أية محاولات لامكان الاعتداء عليهما, وهذا ما يكشف عنه الكاتب باري فورشو.
وقد أججت واقعة موته المفاجيء بالسكتة القلبية نظريات المؤامرة ضده, غير ان هذه النظريات لم يتبين حتي الآن ما يؤكدها, والثابت ان لارسون بعد عناء يوم حافل بالعمل اضطر إلي الصعود إلي شقته بالدور السابع عن طريق السلم لان المصعد كان معطلا وقد انهك هذا الصعود قواه مما أدي إلي اصابته بأزمة قلبية أفضت إلي موته.
وهنا يشير كل أصدقاء لارسون إلي أنه كان يفرط افراطا شديدا في تدخين السجائر, ولم يكن يهتم بنوعية ما يأكل ويعتمد اعتمادا كبيرا علي الوجبات الجاهزة غير الصحية. ولم يكن يصغي لتحذيرات الاصدقاء من نمط معيشته هذا, ولم يكن يأخذ قسطا من الراحة.. فقد كان يعمل بشكل مستمر وعلي نحو شاق.
عائلة سياسية
هذا الرجل الذي صار ظاهرة ثقافية باعتباره صحفيا مرموقا وروائيا مبدعا قد ولد عام1954 في عائلة فقيرة ومولعة بالسياسة, وتعانق أفكار اليسار, وقد تولي جده وجدته رعايته حتي بلغ التاسعة من عمره.. ويعزي ذلك إلي أسباب تعثر والديه ماليا.
وكان لارسون ابان صباه شغوفا بالقراءة واستبد به الهوي للترحال عندما صار شابا, فقد قام برحلات في القارة الافريقية. وشهد عن كثب الحرب الاهلية الدموية التي اندفعت في أريتريا وهو ما دفعه لتكريس حياته لمناهضة الفاشية والدعوة للتسامح الديني والعرقي, وقد كتب باستفاضة منددا باليمين المتطرف في السويد.
وانخرط لارسون انخراطا نشيطا وجادا في مناهضة الحرب الأمريكية علي فيتنام,, وفي احدي المظاهرات التي كانت تندد بهذه الحرب التقي مع رفيقة دربه ايفا جبرليسون, وهي مؤرخة في فن العمارة, ولم يفترقا طوال نحو اثنين وثلاثين عاما. وتؤكد ايفا أن حياتهما معا كانت رائعة وتبدي حماسا وتفهما لمواقفه السياسية اليسارية المناوئة لليمين المتطرف وحركة النازيين الجدد في السويد.
وتكشف ايفا في كتابها عن سر بالغ الأهمية, عندما تؤكد ان لارسون كتب نحو مائتي صفحة من رواية جديدة غير انها راوغت في حديث أجرته مع صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عما اذا كانت ستسمح بنشر الرواية الجديدة بعد محاولة استكمالها أم لا. ذلك ان ثمة خلافات حادة بين ايفا واسرة لارسون حول ميراثه الأدبي, غير انها لم تشر في كتابها إلي تفاصيل هذه الخلافات, وأعربت عن رغبة صادقة في ان كل ما يهمها هو الحفاظ علي مكانة لارسون الثقافية والأدبية.
إن ظاهرة ستيج لارسون الكاتب مع الروائي لم تبح بعد بكل أسرارها السياسية والابداعية.
ويقول كاتب سيرته باري فورشو: لو لم يكن لارسون قد حلق في فضاءات الشهرة الادبية المدوية بعد نشر ثلاثيته, فإن العالم كان سيتذكره باعتباره بطلا مناهضا لليمين المتطرف والنازيين الجدد.
المزيد من أعمدة محمد عيسي الشرقاوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.