لأن نفسنا قصير وجهدنا قليل وفكرنا شحيح واهتمامنا صغير وتخطيطنا غير سليم وفهمنا للمفهوم الحقيقي العلمي للتخطيط غير موجود.. لأن هذا موجود!. ما من قضية مهمة أو مشكلة تواجه الشعب.. إلا وتوقف العمل فيها وبقي الكلام عنها وحولها.. وتستمر المشكلة وتكبر المشكلة لأن حل أي مشكلة يحدث بالأفعال لا التصريحات والشعارات والهتافات... وأزمة الإسكان المستحكمة نموذج!. من قرابة نصف القرن ومصر كلها تتحدث عن أزمة الإسكان!. الناس يئنون ويشكون ولا سميع أو مجيب ويكفي الحكومة شرفا أنها سمحت لهم بأن يفضفضوا ويتكلموا ويشكوا ويصرخوا... المسئولون في الحكومات المتعاقبة خلال هذه السنين يتحدثون ويصرحون ويعلنون ويتعهدون والكلمات التي استخدموها في كلامهم لو جمعناها تبني بيوتا ومدنا لكن علي الورق وفي الهواء... تكرار الشكوي وتكرار التصريحات علي مدي السنين أفقد الناس الثقة في حل المشكلة.. والمسئولون فقدوا الثقة في قدرتهم علي حلها لتصبح أزمة الإسكان مثل السراب.. كلام فيها لا يتوقف وأي حل مستحيل وهكذا السراب.. مياه تراها علي مدد الشوف وكلما اقتربت منها ابتعدت عنك لأنها في الحقيقة غير حقيقية وغير موجودة... بعد كل ما قيل خلال كل هذه السنين.. هل فعلا أزمة الإسكان ستبقي بدون حل؟. هذا السؤال طرحته علي نفسي عندما قررت فتح هذا الملف.. وقلت لنفسي: حتي وإن كان لا يوجد لها حل, فلابد أن نجد بإذن الله لها حلا.. لأن الإسكان ليس مشكلة ولا مجرد أزمة إنما هو خطر داهم أراه أخطر من خطورة الصهاينة علينا... نعم أخطر من الصهاينة لأن عدم وجود مسكن لكل مواطن.. دمر ويدمر أحلام أجيال بأكملها وما قيمة أن يعيش إنسان بلا حلم وبلا هدف وبدون أمل... الإسكان هتك عرض ثوابت أخلاقية ومبادئ وقيم وتعاليم الأديان... الإسكان مزق عادات وتقاليد المجتمع المصري عندما أجبر الناس علي هجرة عشوائية للأجيال من مجتمعاتها التي تربت فيها وسط الأهل والمعارف والأنساب إلي أماكن عشوائية علي حافة القاهرة أو الإسكندرية والعشوائية الأهم ليست المباني إنما العشوائية الاجتماعية لمجتمع غريب متنافر لا نسب ولا قرابة ولا أهل ولا بلديات وفوق كل هذه العوامل السلبية صراعهم في البحث عن لقمة العيش.. فماذا ننتظر من غرباء يعيشون في عشش واجتمعوا علي الصراع؟. قناعتي التي لا تقبل أي شك أنه لا تقدم خطوة واحدة للوطن وأزمة الإسكان موجودة.. وقناعتي الأكثر رسوخا أن أزمة الإسكان يمكن حلها.. فيما لو خلصت النيات وتلاقت العقول والخبرات المصرية الجبارة وعندنا في عالم المعمار والهندسة والإنشاء.. مواهب عظيمة بإمكانها حل الأزمة لو تلاقت ولم تتناحر.. وهذا ما أسعي إليه من خلال هذه الحملة.. لأنني أبحث عن حلول للأزمة ولست عارضا فقط لأزمة.. والفارق هائل بين أن يقوم الإعلام بحملة لا تتوقف إلا بعد إيجاد حلول وصدور قرارات بتنفيذها.. وبين كتابة تحقيق يعرض الآراء المختلفة.. وسلامو عليكو!. لهذا السبب أكتب من سبعة أسابيع في أزمة الإسكان ومستمر إلي أن يقضي الله أمرا كان مفعولا وأسأل الله العون لأجل الاستمرار إلي أن يأذن الله ويتم التوصل إلي حلول تخفض قيمة تكلفة المساكن لأن الأسعار الحالية حكم بالإعدام علي كل شاب وتعجيز للحكومة لأن قدرتها علي الدعم محدودة والمطلوب من شقق سكنية بالملايين ولا حكومة أمريكا تقدر علي دعم عدد الشقق المطلوب وأظنه وصل إلي عشرة ملايين شقة مطلوبة لأجل محدودي الدخل وخريج الجامعة محدود الدخل والشقة لابد أن تكون في متناول دخل الشاب وتتناسب مع دخله بحيث لا يكون إيجارها أو قسط تمليكها الشهري أكبر من ربع دخله ويكون سعرها بدون فوائد وأن يقوم بتنفيذها المقاولون الصغار مباشرة وليس كما هو متبع الآن.. شركة كبيرة يرسي عليها العطاء ولا تبني هي إنما تسند إلي مقاولين كبار وتأخذ مكسبها والمقاول الكبير يسند إلي مقاولين صغار ويحصل علي مكسبه وطبيعي ومنطقي أن المقاول الصغير سيحصل علي مكسب وكل هذه المكاسب يدفعها الشاب محدود الدخل المطحون.. بالذمة هل هذا كلام!. مستمر في الكتابة حتي الوصول إلي أرخص تكلفة لأفضل شقة وللعلم تحت يدي دراسة.. تكلفة الشقة فيها بنفس المواصفات نصف تكلفة شقة الحكومة التي توزع علي الشباب... مستمر في الكتابة لقناعتي بأنني أخوض قضية بالغة الأهمية للوطن وهذه مهمتي وتلك رسالتي.. حتي لو غضب البعض وتعجب من إصراري علي الكتابة أسبوعيا في قضية واحدة مثل الأستاذ عادل فرغلي لبيب في التعقيب رقم13 علي مقال الأسبوع الماضي وفي كلامه يقول: أسبوعيا تكرر نفس المقالات بشكل عجيب لدرجة أنني اعتقدت أن هذه هي مقالة الأسبوع الماضي أو قبل الماضي!! ألا يوجد لدي سيادتك غير هذا الموضوع للحديث عنه وبنفس الطريقة كل مرة؟. آسف للنقد... ورسالة أخري تتهمني بعدم المعرفة أي لا مؤاخذة الجهل باعتبار أن الإسكان ليس تخصصي.. وكل ذلك لأنني تجرأت وقلت إن أزمة الإسكان نتاج زمن الاشتراكية وفيما يبدو أن الاقتراب من هذه النقطة مازال محظورا حتي الآن والويل لمن يقترب من هذه الفترة التي حدثت فيها كوارث نعاني منها للآن مثل الإسكان ومثل تفتيت ملكية الأرض الزراعية ومثل وضع أساس الدولة البوليسية وكوارث أخري كثيرة تطورت ونمت وكبرت وتعاظمت فيما بعد في النظام التالي الذي تحول من نقيض إلي نقيض.. من الاشتراكية إلي الرأسمالية بدون خطة وبدون جدولة زمنية وبدون حماية للشعب.. فحدثت كوارث أخري تراكمت علي ما سبقتها ووضعت أساسا راسخا لكوارث العهد الثالث التي فاقت كل تصور... الإسكان بدأت أزمته يوم تدخلت الحكومة أو النظام بين المالك والمستأجر وحتي اللحظة التي سبقت تدخل الحكومة بقانون الإيجارات القديم.. لم تكن هناك مشكلة بين المالك والمستأجر ولم تكن هناك أزمة إسكان ويافطة شقق للإيجار موجودة في كل مكان والأسعار في متناول الجميع لأنها مسألة عرض وطلب.. إلا أن!. الحكومة تدخلت ليس لأن السكان اشتكوا إنما لأن الاشتراكية مثل الفريك لا تحب لها شريكا ولا مكان فيها لأي استثمار أهلي أي غير حكومي حتي لا يتحكم فرد معه مال في آخرين ليس عندهم فلوس... الحكومة أصدرت قانون الإيجار القديم بما فيه من تخفيضات مستمرة للإيجارات وبعقود مفتوحة.. ولأنه لم تكن هناك أزمة إسكان ولم يكن عند صاحب القرار رؤية مستقبلية فيما سيجلبه هذا القرار من مصائب.. لأنه لا يوجد فكر وتخطيط يحكم القرارات.. صدر قانون الإسكان وخطيئته الحقيقية أنه أخرج القطاع الأهلي من استثمار أمواله في بناء المساكن الإيجار حيث لم يكن قد ظهر بعد التمليك ومن يستثمر فلوسا في بناء شقق للإيجار مع قانون جعل سعر الإيجار لا يتناسب إطلاقا مع سوق البناء والتأجير وأصبحت الحكومة مسئولة عن الإسكان بمفردها وهنا بدأت الأزمة لأنه ولا أغني حكومة في العالم بإمكانها أن تتولي إسكان الشعب بمفردها ولابد من تشجيع الناس علي الاستثمار في مجال الإسكان وهذا ما كان قائما حتي لحظة صدور قانون الإيجارات القديمة.. الناس يبنون ويؤجرون لأنه استثمار مأمون ويوفر دخلا شهريا مأمونا لأن علاقة الملاك بالمستأجرين رائعة وهائلة وهذه العلاقة هي التي جعلت الاستثمار في شقق الإيجار أحد أهم مجالات الاستثمار المأمون في مصر إلي أن صدر قانون الإيجارات الذي اعتبر هؤلاء الملاك فئة المستغلين المطلوب محوها من المجتمع وعندما رفعت هذه الفئة يدها وابتعدت عن البناء ظهرت أزمة الإسكان وبدأت بخلو الرجل وانتهت بالتمليك والإيجار الجديد وكلها كوارث القانون القديم للإيجارات القائم للآن وضحاياه كثيرون وخطيئته تورث!. وأقول لصاحب الرسالة أنا لا أهاجم عهدا وأدافع عن آخر.. فكل عهد أصاب وأخطأ وليس هذا وقت الخلاف بيننا علي ما حدث زمان وإنما وقت التلاحم والتلاقي لأجل إيجاد حلول للمشكلات التي تواجهنا الآن!. التعقيبات كثيرة علي كل ما كتبته في الأسابيع الماضية وفوق ال95 في المائة منها تؤيد كل حرف في كلمة علي سطر مما كتبته وطبيعي ومنطقي ألا يتفق الجميع وفضل الله أن الذين اختلفوا واحد أو اثنان علي مدي الأسابيع الستة والذي اختلفوا فيه جاءتهم تعليقات كثيرة من السادة القراء عليه وهذه رسالة يرد فيها صاحبها علي الأستاذ بليغ الذي اتهمني بأنني لا أعرف حاجة.. تقول الرسالة: أستاذ عادل فرغلي بليغ, بعد التحية, سيدي الكريم, علي ما يبدو أنك مستأجر إيجار قديم وهذا ما يدفعك إلي الهروب من مواجهة الواقع ومواجهة مشكلة استيلاء المستأجرين علي ما لا يحق لهم! أرجوك الهدوء وأعط الحق لكل إنسان في تبني وجهة النظر التي يراها وألا نتخلي عن اللياقة في النقد. أما عن التكرار المزعوم من جانبكم, فأشهد الله تعالي أن المقالات ليس لها أية تكرار ولكنها سلسلة حرفية محترفة من أجل مواجهة مشكلة فادحة ألا وهي مشكلة الإسكان في مصر, الذي هو حق لكل مواطن ولكي يتم إعطاء كل مواطن حقه في السكن, فإنه لا يتصور إمكانية حدوث ذلك الحق في ظل ظلم شديد واقع علي أصحاب العقارات القديمة أو تشريعات متناقضة أو عدم وجود خطة واضحة سليمة للنهوض بهذا القطاع... كيف يأكل المستأجر أموال وأملاك المالك بل ويقوم المستأجر بتوريث ما لا يملك إلي ورثته! ما هذا العبث؟ ما هذا الظلم؟ والله إن إلغاء القانون القديم سوف يكون فاتحة خير علي البلد كلها وعلي المستأجر قبل المالك, والله إن العودة إلي الحق هي أول طريق الحق والنهضة وأخشي ما أخشاه أنه بدون عودة حق ملاك العقارات القديمة لن تحدث أي نهضة أو حل لمشكلة الإسكان في مصر أبدا أبدا أبدا. ما علينا من الرسائل وعلينا بالأفكار والاقتراحات.. وهذا مشروع حصل علي المركز الأول في بنك الأفكار وتناولته صحف كثيرة لأهميته.. وأهميته نابعة من كونه يقدم شقة90 مترا تحتوي علي ثلاث غرف وصالة وحمام ومطبخ وداخل تجمع سكني له خصوصيته وله مساحاته الخضراء وله خدماته وسعر الشقة60 ألف جنيه وهذا السعر نصف سعر أي شقة90 مترا موجودة في السوق!. ما من مسئول في مصر إلا ووصله هذا المشروع والغريب أنه ولا مسئول واحد تحرك وأحضر صاحب هذا المشروع وسأله وناقشه والكلام سوف يوضح إن كان المشروع حقيقيا أم وهميا... لكن لا أحد سأل ولا أحد اهتم ولا أعرف سببا واحدا لكن ما أعرفه أننا في عرض كل فكرة وكل تجربة توفر فلوسا في تكلفة المسكن.. فما بالنا والمشروع الموجود أمامنا يوفر نصف التكلفة وأكثر... صاحب المشروع المهندس الاستشاري محمد عبدالعزيز البستاني.. جلست معه واستمعت إليه ووجدت لديه حلا كاملا مفصلا فيه الحل المعماري الذي يضمن لنا شقة شكلها محترم يحترم إنسانية المواطن وحقه أن يسكن في عمارة حلولها المعمارية محترمة وحلولها الإنشائية أكثر احتراما... المهندس البستاني وضع70 جنيها لسعر متر الأرض وهذا السعر باعت به الحكومة الأرض لرجال الأعمال الكبار لأجل أن يبنوا شققا للشباب وبنوها والشقة سعرها150 ألف جنيه ومساحتها أقل من60 مترا... المشروع الموجود تحت يدي به كل بنود التكلفة من بداية الحفر وحتي تشطيب الواجهات.. هذا المشروع تكلفة متر البناء فيه أقل من600 جنيه.. بينما أقل متر بناء لنصف التشطيب في مشروعات الشباب2000 جنيه... المشروع معي والأرقام فيه واضحة وصريحة لكنها ستبقي محل خلاف مادامت الأمور تدور في مناقشات.. بمعني أنه سيخرج علينا من يشكك في الأرقام ومن يؤيد وما بين التشكيك والتأكيد تضيع القضية كلها.. ولذلك!. أنا أسعي حاليا لأجل أن يتم تقديم نموذج مبني فعلا علي الأرض.. وحسب وعد وزير الإسكان لي.. عندهم الأرض والمهندس البستاني سيقوم ببناء أساسات عمارة وتنفيذ دور بها يضم8 شقق... من يتحمل تكلفة هذا النموذج؟. أتحدث الآن مع الشركات العالمية وعندي موافقة مبدئية من شركة محترمة في مشروعاتها لخدمة المجتمع.. موافقة لأجل أن تدخل راعي بناء هذا النموذج الذي سيكون فاتحة خير بإذن الله ونحن نتكلم عن250 ألف جنيه.. يعني ثمن إعلانين في ليلة بالتليفزيون. تبقي ملاحظة وهي أن سعر الشقة انخفض إلي النصف من ضبط أجور العمالة ومن قصر الربح علي المقاول الصغير الذي نفذ المشروع دون وجود لوسطاء... هناك بنود كثيرة ستنزل بسعر الشقة مرة أخري.. منها سعر الأسمنت وسعر الحديد والاثنان مغالي فيهما وهناك مواد البناء الموجودة في الطبيعة ولا نستخدمها ومنها أفكار كثيرة لأساليب بناء مختلفة سوف أطرحها علي حضراتكم في الأسابيع المقبلة بإذن الله... وللحديث بقية مادام في العمر بقية