في خضم خفض التصنيف الإئتماني للسندات الأمريكية, وما نجم عنه من اضطرابات في أسواق المال العالمية. أراد الرئيس الأمريكي أوباما أن يجدد الثقة بالاقتصاد الأمريكي. فتحدث عن أربعة عوامل تتميز بها بلاده قائلا: إن الولاياتالمتحدة لا يزال لديها أفضل الجامعات, وبعض العمال الأكثر انتاجيه, والمجتمعات الأكثر ابتكارا, والمقاولون الأكثر مغامرة. وهكذا أدرك أوباما العوامل الحقيقية لقوة الاقتصاد الأمريكي. ولهذا لم يستخدم أية مؤشرات اقتصاديه كمية, رغم كثرتها. لكنه أشار لجودة المستوي التعليمي والإنتاجية, والإبتكار وقبول المخاطرة في ارتياد الأعمال. وهكذا يمكننا أن نستفيد بالدرس الأمريكي من خلال التركيز علي جودة المنتج التعليمي في بلادنا مع الإهتمام بالجوانب التطبيقية. والي التركيز علي رفع مستوي الانتاجية في كافة مواقع العمل. ومن هنا يحتاج المجتمع الي السير في عدة خطوط متوازية: (1) وضع رؤية اقتصادية ذات أهداف معينة خلال فترة زمنية معروفة. يشارك في صنعها المتخصصون من المجالات الاقتصادية المختلفة. ترتكز علي أساسيات أبرزها: إعطاء أولوية للتشغيل والنمو عند وضع السياسة النقدية والمالية والإستثمارية. إعطاء الأولوية للإقتصاد العيني خاصة في مجال الزراعة والصناعة. توجية الحوافز الاستثمارية علي إختلاف أنواعها للاستثمارات ذات الأولوية, وبالمناطق الأكثر حرمانا خاصة الصعيد. تسخير كل القطاعات من تعليم وصحة ومرور وبنوك وتأمين وبورصة وإعلام وغيرها لخدمة الإنتاج. ترشيد الفاقد في كافة مراحل العمليات الانتاجية والتسويقية. حتي بالنواحي الخدمية. إتاحة بيئة تنافسية للمنتجين ومحاربة الإحتكار. تنويع أشكال التمويل للمشروعات وعدم الاقتصاد علي التمويل بالديون. ومن ذلك التمويل من خلال الأسهم والتمويل التأجيري. إعطاء دور رئيسي للتعاونيات علي اختلاف أنواعها: إنتاجية وزراعية وإسكانية واستهلاكية. التوزيع العادل لثمار التنمية بين أفراد المجتمع وبين المناطق الجغرافية. (2) التصدي الفعال للدين العام الضخم, والذي يزداد حجمه نتيجة العجز المستمر بالموازنة. فبدون علاجه سيتأخر الاصلاح الحقيقي لسنوات قادمة. (3) الخفض الحيوي للعجز بالموازنة, وذلك من خلال إجراءات حاسمة. لا تنفع معها المواءمات السياسية. بالتصدي لملف العمالة الحكومية الضخم. من خلال أساليب متعدة منها التدريب التحويلي التدريجي لجانب منهم الي أعمال إنتاجية وخدمية. والتصدي لملف دعم المشتقات البترولية الذي يتجه أكثرة للأغنياء. ولزيادة ايرادات الموازنة مطلوب حصار أشكال التهرب الضريبي خاصة بالنسبة للمهن غير التجارية. وتحصيل المتأخرات الضريبية التي فاقت المائة مليار جنيه. وفرض ضريبه علي الأرباح الرأسماليه بالبورصة, للحد من المضاربات ودفع المستثمرين للاستثمار الإنتاجي. وفرض ضرائب علي أرباح المستثمرين الأجانب قصيرة الأجل بالبورصة. وبيع المخزون الحكومي الراكد. (4) جعل غالب الإنفاق الحكومي متمثلا في الاستثمارات, بعد خفض أعداد الموظفين, وإصلاح ملف الدعم. لتصبح الاستثمارات المكون الأكبر للإنفاق بالموازنة, لتعويض نقص وتردي أحوال البنية الأساسية. (5) إعطاء دورا أكبر للمجتمع المدني, ففي اطار الإنتشار الجغرافي للجمعيات الأهلية وتنوع وظائفها, يمكن الإستفادة بتلك الأزرع في مد سبل الحماية الإجتماعية, لكثير من الشرائح. (6) التوجه المجتمعي لإصلاح أحوال البحث العلمي وربطه بقطاعات الانتاج. (7) استثمار الطاقات العاطلة في مختلف المجالات. حيث أن الاستفادة بتلك الطاقات الانتاجية العاطلة يعني التشغيل السريع لها لتضيف الي انتاج السلع والخدمات. (8) الإستفاده بالمزايا التنافسيه بالتصدير, في ظل تعدد المزايا المختلفه التي تشكل تنوعا حيويا بالاقتصاد المصري. من زراعه وصناعة وسياحة وثروة معدنية وثروه حيوانية. وعلي كل قطاع البحث عن المزايا التنافسية التي تميزه. (9) اشراك المجتمع في الحوار الاقتصادي, لتعبئة المجتمع من أجل التحول الإنتاجي. بمعرفة أهمية دور القطاع الخاص في التنمية والتشغيل. وتشجيع المبادرات الفرديه. وإدراك الدور السلبي الذي تمثله الاستثمارات في سوق التداول بالبورصة, والتي لا تضيف للناتج المحلي شيئا. والإنحياز نحو تفضيل المنتجات المصرية كوسيلة لاستمرار العمالة بتلك المنشآت والحد من الواردات. والتعريف بأهمية الجودة في الإنتاج والإلتزام بالمواصفات القياسية. وزيادة القيمة المضافة كوسيلة للتشغيل وتقليل الواردات. ودفع الاقتصاد الموازي الي الإندماج التدريجي بالاقتصاد الرسمي. والتوعية بمضار الاقتصاد الأسود المتمثل في تجارة المخدرات وتهريب الآثار, والاستيلاء علي الأراضي والدعارة وتجارة السلاح وتهريب السلع. وعدم الركون الي الاستثمار السلبي من خلال الإكتفاء بايداع الأموال بالبنوك, والحصول علي عائد سنوي زهيد. والاتجاه الي تشغيل تلك الأموال بما يعود بالنفع علي المجتمع, من خلال تأسيس الشركات المساهمة في ربوع البلاد. لتوفير الإحتياجات المحلية من السلع والخدمات وزيادة فرص العمل وإمكانات التصدير. وهو ما يمكن أن يحدث عندما يدرك الجميع, أن ثمار التنمية التي يشاركون فيها ستعود عليهم بالنفع. المزيد من مقالات ممدوح الولى