دعوة للإفراج عن الصحفيين ومشاركي مظاهرات تأييد فلسطين قبل عيد الأضحى    البابا تواضروس يصلي عشية عيد القديس الأنبا أبرآم بديره بالفيوم    "ده ولا شيكابالا".. عمرو أديب يعلق على فيديو مراجعة الجيولوجيا: "فين وزارة التعليم"    غداً.. مصر للطيران تنهي جسرها الجوي لنقل حجاج بيت الله الحرام    المنوفية في 10 سنوات.. 30 مليار جنيه استثمارات خلال 2014/2023    آخر تحديث.. سعر الذهب اليوم الاثنين 10-6-2024 في محلات الصاغة    خالد البلشي: تحسين الوضع المهني للصحفيين ضرورة.. ونحتاج تدخل الدولة لزيادة الأجور    بدء عمل لجنة حصر أملاك وزارة التضامن الاجتماعي في الدقهلية    سفير فلسطين لدى موسكو يعلن عقد اجتماع بين حماس وفتح    رئيسة البرلمان الأوروبي: العمل سيبدأ فورا    أمر ملكى سعودي باستضافة 1000 حاج من ذوى شهداء ومصابى غزة    يمينية خالصة.. قراءة في استقالة "جانتس" من حكومة الحرب الإسرائيلية    شقيقة كيم تتوعد برد جديد على نشر سيول للدعاية بمكبرات الصوت    أحمد دياب يكشف موعد انطلاق الموسم المقبل من الدوري المصري    ميدو: مباراة بوركينا فاسو نقطة تحول في مسيرة حسام حسن مع المنتخب    الزمالك يستهدف التعاقد مع نجم الاسماعيلي    ليفربول يعلن إصابة قائده السابق ألان هانسن بمرض خطير    بالأسماء.. إصابة 14 شخصاً في حادث انفجار أسطوانة بوتاجاز في المنيا    الحكم على طعون شيري هانم وابنتها على حبسهما 5 سنوات.. اليوم    مواعيد امتحانات الدور الثاني لطلاب المرحلة الإعدادية بالإسكندرية    «لا تنخدعوا».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم في مصر (موجة حارة شديدة قادمة)    «كنت مرعوبة».. الفنانة هلا السعيد عن واقعة «سائق أوبر»: «خوفت يتعدي عليا» (خاص)    53 محامٍ بالأقصر يتقدمون ببلاغ للنائب العام ضد عمرو دياب.. ما القصة؟| مستند    لميس الحديدي: عمرو أديب كان بيطفش العرسان مني وبيقنعني أرفضهم قبل زواجنا    ضمن فعاليات "سيني جونة في O West".. محمد حفظي يتحدث عن الإنتاج السينمائي المشترك    ضياء رشوان ل قصواء الخلالي: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسُحقنا    أحمد عز يروج لدوره في فيلم ولاد رزق 3 قبل عرضه في عيد الأضحى    هؤلاء غير مستحب لهم صوم يوم عرفة.. الإفتاء توضح    عند الإحرام والطواف والسعي.. 8 سنن في الحج يوضحها علي جمعة    أدعية مأثورة لحجاج بيت الله من السفر إلى الوقوف بعرفة    دعاء رابع ليالي العشر من ذي الحجة.. «اللهم اهدني فيمن هديت»    وصفة سحرية للتخلص من الدهون المتراكمة بفروة الرأس    عددهم 10 ملايين، تركيا تفرض حجرًا صحيًا على مناطق بالجنوب بسبب الكلاب    بمساحة 3908 فدان.. محافظ جنوب سيناء يعتمد المخطط التفصيلي للمنطقة الصناعية بأبو زنيمة    النسبة التقديرية للإقبال في انتخابات الاتحاد الأوروبي تقترب من 51%    برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في القاهرة والمحافظات (رابط متاح للاستعلام)    تحرير 36 محضرا وضبط 272.5 كيلو أغذية منتهية الصلاحية بمدينة دهب    عمر جابر يكشف كواليس حديثه مع لاعبي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية    "صحة الشيوخ" توصي بوضع ضوابط وظيفية محددة لخريجي كليات العلوم الصحية    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحى ما زال يخضع للتحقيق حتى الآن    القطاع الديني بالشركة المتحدة يوضح المميزات الجديدة لتطبيق "مصر قرآن كريم"    المستشار محمود فوزي: أداء القاهرة الإخبارية مهني والصوت المصري حاضر دائما    حلو الكلام.. إنَّني أرقص دائمًا    عمر جابر: سنفعل كل ما بوسعنا للتتويج بالدوري    اتحاد الكرة يكشف تطورات أزمة مستحقات فيتوريا    مقتل مزارع على يد ابن عمه بالفيوم بسبب الخلاف على بناء سور    نقيب الصحفيين: نحتاج زيادة البدل من 20 إلى 25% والقيمة ليست كبيرة    تعرف على فضل مكة المكرمة وسبب تسميتها ب«أم القرى»    سقوط 150 شهيدا.. برلمانيون ينددون بمجزرة النصيرات    صافرات الإنذار تدوى فى عكا وبلدات عدة شمالى إسرائيل    عوض تاج الدين: الجينوم المصرى مشروع عملاق يدعمه الرئيس السيسى بشكل كبير    مصر في 24 ساعة| لميس الحديدي: أصيبت بالسرطان منذ 10 سنوات.. وأحمد موسى يكشف ملامح الحكومة الجديدة    شعبة الدواجن: حرارة الجو السبب في ارتفاع أسعارها الأيام الماضية    لميس الحديدي تكشف تفاصيل تهديدها بالقتل في عهد الإخوان    "ابدأ": 70% من المشكلات التي تواجه المصنعين تدور حول التراخيص وتقنين الأوضاع    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير النصب التذكاري بالباحور    الطالبات يتصدرن.. «أزهر المنيا» تعلن أسماء أوائل الشهادة الإعدادية 2024    زيادة أكثر من 200 جنيه، ارتفاع سعر دواء شهير لعلاج مرضى الصرع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لعبة السياسة والدين‏(3)‏
الحلال والحرام‏..‏ السلفيون وكرة القدم
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 08 - 2011

قبل أي حديث عن السلفيين وكرة القدم‏..‏ وهو حديث حتما سيطول مهما كانت محاولات تفادي ألغام الفوضي والتناقضات والأكاذيب والخرافات‏.. لابد من التوقف أولا عند كتاب هام يكاد يكون هو المرجع الأساسي والأهم والأشهر للسلفيين بشأن كرة القدم.. وهو من تأليف الشيخ السعودي ذياب بن سعد الغامدي.. أحد كبار شيوخ الوهابية الذي ولد بمدينة الطائف وتلقي علومه علي أيدي الشيوخ عبدالله بن العزيز العقيل وعبد العزيز بن باز ومحمد بن صالح العثيمين.. وللشيخ ذياب الغامدي العديد من الكتب المتداولة في كل أوساط السلفيين منها هذا الكتاب الذي يحمل هذا العنوان.. حقيقة كرة القدم دراسة شرعية من خلال فقه الواقع.. وهو كتاب ضخم يتجاوز عدد صفحاته الثلاثمائة.. ويبدأه الشيخ ذياب بالتحذير من كرة القدم وأنه من الخزي والعار أن تغفل أمة المسلمين عن هذه اللعبة النكراء وأن تغض الطرف وتكمم الأفواه عن بيان مخاطرها علي أبناء المسلمين بيانا ناصعا.. ويؤكد الشيخ ذياب أن بعض دوافعه لهذا الكتاب كان أن كل المحاولات السابقة التي قام بها بعض الفقهاء وأهل العلم.. لم تشمل كل حقائق هذه اللعبة بكل أبعادها وأدوائها.. ولهذا قرر الشيخ كشف أقنعة خرقاء ترفرف فوق عقول أبناء المسلمين بالباطل ويهتك غاشية الوباء المنتشر بلا رقيب يدافع أو طبيب يعالج بسبب كرة القدم التي هي عبارة عن.. نعرات جاهلية وصيحات صبيانية وحركات خرقاء وتصفيق وتصفير وهمز وغمز وسب ولعن.. ومن جديد يؤكد الشيخ ذياب أن الكرة أصبحت طاعون العصر ومنبع الضلالة ومنجم الجهالة ومنها نشأت سحائب الغواية وإليها تقاد خبائث العماية.. ويطيل الشيخ الحديث عن سلوك اللاعبين في الملاعب وحركاتهم الخرقاء الحمقاء وقفزاتهم الحيوانية غير مشابهتهم لعادات اليهود والنصاري والكفار في الاحتفال والرقص ومظاهر الحزن والفرحة.. أما في المدرجات.. فالشباب يتقاسمون أدوارهم علي مدرجات الملاعب ومنهم جماعات تتمايل بطريقة هوجاء يصفقون ويصفرون ويهذون بأصوات غبية أجنبية ويلوحون بأعلام صبيانية حتي إنهم يصبحون أقرب إلي المسخ المشوه بعيدا عن الإنسانية السوية.. والكتاب ضخم يضم خمسة عشر فصلا كلها تدين كرة القدم وتحرم لعبها ومشاهدتها والاهتمام والانشغال بها والكلام أو الكتابة عنها وإدارتها وإنفاق أي مال عام أو خاص عليها
وأظن أنها المرة الأولي التي يخرج فيها مثل هذا الكتاب للنور وهو الذي كان يجري تداوله طول الوقت داخل أروقة السلفيين وحدهم باعتباره عماد رؤيتهم لكرة القدم.. أو يتم الاقتباس منه الشواهد والدلائل والأحكام اللازمة لتحريم الكرة وتصويرها علي أنها ضد الله وعبادته وضد الإسلام وشريعته.. وهي رؤية تستحق التوقف والاهتمام.. ولكنني قبل التوقف لمناقشة هذه الرؤية.. لابد أن أستعين أولا بشهادة للشيخ محمد حسان كأحد كبار قادة السلفيين في مصر والتي يؤكد فيها أن السلفية.. ليست حزبا وليست جماعة.. وليس من حق أي شخص أن يجعل من نفسه حارسا علي بوابة السلفية.. إنما هي منهج لفهم القرآن والسنة بفهم سلف الأمة.. وعلي رأس السلف سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم.. والمنهج السلفي بمعناه الدقيق هو فهم القرآن والسنة بفهم سلف الأمة أي بفهم الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وتابعيهم بإحسان إلي يوم الدين.. ويقول الشيخ محمد حسان أيضا أن شهادته تلك ليس معناها غلق باب الاجتهاد وإنما سيظل باب الاجتهاد مفتوحا إلي قيام الساعة مادام قد توافرت للمجتهد شروط الاجتهاد.. وفي حقيقة الأمر كنت أحتاج لشهادة الشيخ محمد حسان من أجل نقطتين تتعلقان بكتاب الشيخ ذياب بن سعد الغامدي.. النقطة الأولي هي أن باب الاجتهاد ليس مغلقا وأنه ليس من الضروري أن نرجع للسلف فيما يجد في حياتنا من أمور.. وبهذه الشهادة تسقط أهم ركيزة اعتمد عليها الشيخ ذياب لتحريم كرة القدم.. وهي أنها بدعة وأنها ليست من الرياضات التي دعا إليها السلف كالسباحة والرماية وركوب الخيل.. وفي كتابه الهام بعنوان أبو الشهداء عن قصة حياة الإمام الحسين.. قال الكاتب والمفكر الكبير عباس محمود العقاد: أن الإمام الحسين كان من ممارسي الرياضة وألعابها.. كان يهوي فنون الفروسية وركوب الخيل والمصارعة والعدو.. وكان أيضا من هواة لعبة اسمها المداحي.. وهي تشبه لعبة الجولف في أيامنا الحالية حيث كان الإمام الحسين مع أصحابه يحفرون في الأرض حفرة ثم يقذفون بأحجار مستديرة ويفوز الذي ينجح في إسقاط الحجر داخل الحفرة.. وإذا كان الشيخ ذياب قد قال أن هذه الألعاب السلفية من شأنها تقوية أبدان أبناء المسلمين.. فإن كرة القدم يمكن أن تقوم أيضا بهذا الدور.. بل إن اللياقة والقوة التي تتطلبهما ممارسة الكرة قد تكون أكبر وأشد مما تحتاجه ألعاب مثل الرماية أو ركوب الخيل.. ومن ناحية أخري فإن كل الموبقات والخطايا التي رآها الشيخ ذياب ارتبطت بكرة القدم قد يكون لها نفس الارتباط أو أكثر بالسباحة أو الفروسية أو ركوب الخيل.. وانا هنا لست أجتهد ولست أخوض في أمور الفقه بدون حق أو علم أو قدرة.. ولست أسمح لأي خلاف في الرأي والرؤية بالانتقاص من قدر ومكانة وقيمة أي أحد سواء كان معي أو ضدي.. إنما أناقش الشيخ ذياب بالعقل والفكر والمنطق لأنني أؤمن بأن الإسلام لم يكن في أي وقت أو عصر ضد العقل أو ضد الفكر والمنطق.. وبهذا العقل أرفض أن يقوم الشيخ ذياب بمثل هذا التعميم الخاطيء الذي يفتقد لعدالة الإسلام وحكمته فيتهم كل من يهتم ويتابع كرة القدم بأنهم من الرعاع وفساق هذه الأمة ومن سفلة الناس وقليلي الإيمان ورقيقي الحياء.. والشيخ ذياب في حياته وأعماله.. استخدم ما لم يستخدمه السلف الصالح ولم يكن متوافرا في زمنهم.. وبالتالي كان الأولي بالشيخ أن يرفض كل هذا الجديد وفقا لهذا المنطق الذي استخدمه لتحريم كرة القدم باعتبارها ليست من جنس الألعاب المباحة أصلا.. ولكن الشيخ احتكم إلي العقل لا إلي السلف وأخذ من هذا الجديد كل ما لا يتعارض مع شرع الله وسنة رسوله وسلف صحابته واستخدمه واعتمد عليه.. ثم أنني لا أفهم كيف يسير سلفيون كثيرون وراء الشيخ ذياب الغامدي ويحرمون كرة القدم لأن المسلمين الذين يحبون ويتابعون هذه اللعبة إنما يتشبهون باليهود والنصاري والكفار.. بينما لا يجدون حرجا.. او تشبها بيهود أو نصاري أو كافرين.. حين يستخدمون الكمبيوتر أو الإنترنت أو اليوتيوب ويركبون السيارات ويسافرون بالطائرات.. وكلها وغيرها ليست مخترعات إسلامية وليست منتجات صنعها مسلمون وإنما يهود ونصاري ومن لا يؤمنون بالله ولا يعبدونه أصلا.. وإنما يستخدمها السلفيون وعموم المسلمين وهم لا ينوون التشبه بغيرهم ولكنهم يسايرون عصرهم وتفاصيله وأموره المباحة والمتاحة.. وهي المصلحة المرسلة التي تحدث عنها الشيخ محمد حسان قائلا أن المصالح ثلاثة.. مصلحة شرعية حيثما وجد الشرع صريحا وواضحا ومحددا وفارقا بين حلال وحرام.. ومصلحة ملغاة أو مهدرة.. أي رفض المال والمكاسب التي تأتي بما حرمه الله ونهانا عنه.. ومصلحة مرسلة تختلف باختلاف المكان والزمان وتضبطها القواعد العامة للدين.. وإذا كان الشيخ محمد حسان قد ضرب مثلا لتلك المصلحة المرسلة بعقود الزواج التي لم يكن يعرفها السلف ولم يكن التوثيق موجودا في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وفي القرون الإسلامية الخيرية الأولي ورغم ذلك باتت من ضرورات هذا الزمان ضمانا لحقوق النساء في زمن خربت فيه الذمم وقل الورع.. ومثلما أباح الشيخ محمد حسان توثيق عقود الزواج التي لم يعرفها السلف ولم يحتاجوا إليها.. فإنه من الممكن معاودة التفكير في كرة القدم التي لم يعرفها السلف.. ولست هنا أساوي في القيمة أو الحاجة بين توثيق عقود زواج وبين كرة قدم.. وإنما أتحدث عن مبدأ وعن منهج أيضا لأنني بهذا المنهج سأختلف أيضا مع الشيخ محمد حسان نفسه ولكن في أمر آخر وبعيد تماما عن كتاب الشيخ ذياب الغامدي
وإذا اتفقنا علي أن السلفيين ليسوا جماعة أو حزبا.. وبالتالي ليس هناك رأي واحد يمكن التأكيد علي أنه الرأي الموحد لكل السلفيين.. فليس بالضرورة أن تكون رؤية كل السلفيين هي تحريم كرة القدم.. بل بلغ الأمر بأحد هؤلاء السلفيين ألا يكتفي بحب الكرة أو مشاهدتها أو حتي لعبها.. وإنما باتت الكرة هي مهنته وحياته ومصدر دخله كلاعب محترف.. وأتحدث هنا عن جمعة مشهور.. اللاعب الملتحي في فريق الانتاج الحربي الذي أحرز هدفا في مرمي الأهلي في مباراة انتهت بتعادل الفريقين بهدفين لكل منهما.. وقصدت التوقف أمام هذه المباراة وهدف جمعة مشهور ولحيته لا لشيء إلا للتوقف أمام ردود أفعال الناس.. فالنشطاء علي الإنترنت والمواقع الكروية والفيس بوك.. قرروا اقتطاع هدف جمعة مشهور في مباراة الأهلي من حكاية المباراة ونتيجتها لإعلان الهجوم علي السلفية والسخرية منها.. وممارسة الاستظراف دون أي حواجز أو حدود.. فكتب أحدهم يقول أن السلفيين يكرهون الأهلي.. ويحاربونه رفضا لقيادة جوزيه المسيحي.. وتوالت النكات والتعليقات السخيفة التي لا قصد منها إلا الانتقاص من قدر السلفيين وفكرهم ومنهجهم بدون أي فكر أو احترام.. وهذه هي مشكلتنا كلنا في مصر الآن.. فلا أحد يحترم أحدا.. كل فريق يري لنفسه الحق في السخرية الفجة من بقية الفرق الأخري لكن أعضاء هذا الفريق يضيقون جدا بسخرية أي أحد منهم.. يمنح الليبراليون أنفسهم الحق في السخرية من السلفيين أو الإخوان لكنهم يغضبون كثيرا وجدا إذا سخر منهم السلفيون.. والسلفيون يغضبون جدا إذا سخر منهم أحد ومع ذلك يمنحون أنفسهم الحق في التهكم علي أي أحد وأي فكرة.. وإذا كانت هذه مشكلة حقيقية وموجعة.. فإن المشكلة الأكبر والأكثر وجعا وإرباكا هي التعميم.. نأخذ فتوي غريبة أو رأيا مفرطا في تطرفه أو سطحيته.. ونعممه ونعتبره رأيا لكل السلفيين.. نأخذ رأيا شاذة او دعوة ضد الدين والشرع يطلقها أحد الليبراليين.. وبسرعة نقرر أن هذا هو رأي ومنهج وشذوذ كل الليبراليين.. ونفس الأمر مع الإخوان أو الجماعات الإسلامية أو المتطرفين والسلفيين الأقباط
وأنا بالتأكيد لا أقبل أي سخرية من السلفيين أو أي أحد آخر مهما كانت خلافات الرؤي والقناعات.. أمنحهم كل الحقوق التي أطلبها لنفسي ولغيرهم من الجماعات والفرق والتيارات.. ولكن من الذي أصبح يحتاج للعقل وللحوار في حروبنا المعتادة والمتكررة مؤخرا التي لم تعد تشهد أي اعتراف بأي حقوق للآخر أو تسمح بأي احترام لأي صوت أو فكر يعارض ويخالف ما ندعو له ونقتنع نحن به..
ولم يبق الأمر مقصورا علي تلك الفتوي القديمة فقط.. وإنما أتوقف أمام ما قاله أحد القراء في الموقع الإليكتروني لجريدة الوفد تعليقا علي خبر يخص قيام السلفيين بنزع الآيات القرآنية المعلقة علي جدران مسجد السيدة زينب بدعوي أن تلك الآيات بدعة وتشغل المصلين عن أداء الصلاة.. خبر سبقته أخبار أخري كثيرة في صحف ومواقع هاجمت كلها السلفيين وسخرت منهم.. وقد توقف هذا القاريء أمام كل ذلك وكتب خائفا أن يتضح فيما بعد أن السلفيين هم الذين وراء نزول جمهور الزمالك إلي الملعب في مباراة الأفريقي التونسي أو هزيمة الإسماعيلي في البطولة الأفريقية.. وإذا كان هذا القاريء قد اضطر إلي ذلك ضيقا بكل ما يلاحق السلفيين من سخرية ومبالغات واتهامات كاذبة.. فإن صلاح الناهي.. المدير الفني السابق لنادي غزل المحلة.. كان في منتهي الجدية وهو يعلن أنه اضطر للاستقالة مؤخرا من تدريب الفريق خوفا من السلفيين الذين ذهبوا إليه قبل انطلاق مباراة غزل المحلة مع مطروح ووجهوا له السباب وطلبوا منه تطهير الجهاز الفني من أحمد حسن المدرب العام ومساعده أشرف شيحة ومغاوري مدرب حراس المرمي.. وقال صلاح الناهي أنه اضطر للرحيل بعدما تأكد من صعوبة بقائه واستمراره.. والمشكلة أن صلاح الناهي استقال لأن السلفيين شتموه لأنه رفض ابعاد أحمد حسن.. بينما نكتشف أن أحمد حسن هو الذي تولي المهمة بعد رحيل صلاح الناهي.. فهل اختفي السلفيون فجأة من نادي غزل المحلة.. أم أنهم غيروا حساباتهم وأفكارهم بحيث سمحوا بأن يدير الفريق من كانوا يرفضون استمراره في دور الرجل الثاني مع نفس الفريق.. وكأنه بات مطلوبا منا ألا نفكر أو نسأل أو نراجع أي شيء أو أي أحد طالما كان الهجوم علي السلفيين وكانت السخرية منهم
وأنا لا أنوي المشاركة في هذا الهجوم أو تلك السخرية سواء من السلفيين أو غيرهم.. إنما فقط أفتش عن الكرة ومكانها ومكانتها وحلالها أو حرامها داخل الرؤية السلفية.. وعلي الأرجح يري معظم السلفيين أن الكرة حرام.. ويستندون في ذلك لما قاله شيوخ وفقهاء مثل الشيخ محمد بن صالح العثيمين الذي حين سئل عن حكم الشرع في مشاهدة مباريات الكرة فقال أن مشاهدة هذه المباريات يضمن العديد من المحاذير.. فالمبتلي بتلك المشاهدة ينهمك فيها حتي تضيع عليه أوقات كثيرة وربما أضاع صلاة الجماعة أيضا بل والصلاة نفسها أحيانا.. ثم أنه ينظر إلي قوم كشفوا نصف أفخاذهم.. والفخذ عورة عند كثير من العلماء.. وقد تدفعه الكرة إلي تعظيم أحدهم مع أنه قد يكون من أفسق وأكفر عباد الله.. ثم أن هذه المشاهدة يترتب عليها إضاعة المال.. لأن التليفزيون يعمل بالطاقة الكهربائية وإهدار هذه الطاقة المدفوع ثمنها فيما لا فائدة منه في الدين أو الدنيا يعتبر إضاعة للمال.. كما أن الكرة تؤدي إلي النزاع والخصومة والمطاولة في الكلام.. وسلوك اللاعبين أنفسهم أثناء اللعب والركض يسمح بافعال تتنافي مع المروءة مما لا تصح مشاهدته.. وقصدت أن أقدم رؤية الشيخ محمد بن صالح العثيمين كاملة لأنه يمكن اعتبارها الرؤية الدائمة والحقيقية لكرة القدم في مفهوم السلفيين واعتقادهم.. وأضيف إلي ذلك رؤية الدكتور عبد المنعم الشحات.. أحد رموز التيار السلفي.. والذي بعد أن أكد رفض السلفيين للديمقراطية والدولة المدنية.. بدأ يوجه انتقادات حادة لجماعة الإخوان المسلمين التي يراها وقعت في كثير من الأخطاء.. من أهمها أنهم شجعوا كرة القدم هربا من الصدام مع مشاعر الجماهير.. وقد رد الإخوان علي هذا الهجوم فأكد الدكتور عصام العريان أن الإسلام هو دين الاهتمام بالشأن العام.. ولا يجوز للمسلم أن يعيش في صومعة بدعوي الحفاظ علي نقاء المنهج.. وعلي المسلم أن يكون مسلما صحيحا أولا ثم ينشغل بالشأن العام ثانيا حتي لو كان مباراة لكرة القدم.. ويضيف الدكتور العريان أنه ليس هناك ما يمنع المسلم من أن يكون له رأي في مباراة لكرة القدم وسبق للشيخ القرضاوي أن تحدث في خطبة جمعة عن التداعيات السلبية للتعصب الكروي.. وكل الردود التي قالها الإخوان وقادتهم ومفكروهم لن تجعل السلفيين في معظمهم يتراجعون عما ينادون به ويدعون إلي تطبيقه أو تحريمه.. فالمدرسة السلفية كما يراها القيادي الإخواني إبراهيم الزعفراني.. هي مدرسة الرأي الواحد.. وكل من يخالفها في الرأي مخطيء أو ضال.. ويمكن معرفة أن السلفيين لن يتراجعوا عن أحكامهم ورؤاهم لكرة القدم حين نقرأ لياسر برهامي وهو يؤكد أنه لا أحد من أهل السنة سيقبل بالتنازل عن عقائد ومباديء في سبيل الحصول علي كسب وقتي أو وضع سياسي أو إثبات الوجود علي الساحة
وبالتالي تبقي المشكلة الآن هي إثبات أن لعب كرة القدم أو مشاهدتها والتعلق بها ليس يستلزم التنازل عن مباديء الإسلام وقيمه وأحكامه وضوابطه.. وهو ليس أمرا مستحيلا لسببين.. السبب الأول هو أن السلفيين المصريين الآن بدأوا يخرجون للناس بعد احتجاب طويل اختاروه طائعين أو كان مفروضا عليهم وهم كارهيون.. وهم لم يخرجوا لمجرد الإعلان عن أنفسهم وأفكارهم ونصوصهم.. وإنما يريدون القيادة وتغيير المجتمع بكل ما فيه من خطايا ومحرمات يريدون إصلاحها وتغييرها.. فهل سيعني ذلك صدامهم مع جموع الناس عاشقة كرة القدم الذين لا يرون فيها إثما أو خطيئة ولا يتعاملون معها باعتبارها اللعبة الحرام التي تخالف شرع الله سبحانه وتعالي وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام.. وهل وقتها سيتراجع السلفيون عن أحكامهم المشددة برفض الكرة وتحريمها أو كراهية لعبها ومشاهدتها.. أم أن الناس هي التي ستقبل التنازل عن الكرة بكل معانيها وأدوارها في حالة السير وراء السلفيين.. وأنا بالقطع لا أملك الإجابة علي مثل هذا السؤال الصعب.. ولكنني أملك شواهد تاريخية تؤكد دوما أن الناس لم ولن تتنازل عن الكرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.