منذ بضعة أيام كتبت أ.د. هند حنفي مقالا تشرح فيه كيف أن قرار مجلس الوزراء باعتبار جميع المناصب القيادية بالجامعة شاغرة ماسا بكرامة السادة الأساتذة بتلك المناصب وفي هذا المقال سأبين للقاريء أن ما كتبته د. هند حنفي هو حق يراد به باطل لأن الغالبية العظمي من القيادات الجامعية هم من الأصل أول من أهدروا كرامة الأستاذ الجامعي. ونقطة البدء في هذا المقال هو قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 الذي استندت د. هند حنفي اليه لتبرير شرعيتها وليتها ما فعلت! فهذا القانون كان يقضي بنظام الانتخاب كأساس لشغل المناصب القيادية بالجامعة, وهو الوضع الذي كانت عليه الجامعات في مصر منذ نشأتها, بالاضافة إلي أحقية الأستاذ الجامعي في الاحتفاظ بدرجة الأستاذية لمضي الحياة مع إعفاء الأساتذة الذين بلغوا من الستين من شغل أي مناصب قيادية. لكن النظام السابق ضاق صدره من تعالي أصوات أساتذة أفاضل كانت تنادي بالاصلاح والتصدي للفساد الذي تفشي في البلاد فتفتق في ذهن أحدهم, وهو بالمناسبة أحد أساتذة القانون في مصر, عن فكرة جعل القيادات الجامعية بالتعيين لضمان السيطرة الأمنية عليهم وعلي كلياتهم, طلبة وأساتذة, حتي يتم تدجين الجامعة. فالعميد أو صاحب المركز القيادي المعين سيحرص علي نيل الحظوة لدي الجهات الأمنية التي أصبحت صاحبة حق النقض في قرارات التعيين لضمان استمرار عملية التدجين. كما صاحب ذلك استحداث منصب الأستاذ غير المتفرغ للأساتذة الذين بلغوا سن السبعين فيصبح هؤلاء بعد ما قدموا طيلة حياتهم الجامعية مجرد أساتذة بالحصة حتي يتسني للقيادات الجامعية المعينة تهميش هؤلاء الأساتذة عبر استبعادهم من التدريس والإشراف العلمي متي خرجوا عن طوع النظام السابق. فنعم الكرامة التي يتمتع بها الأستاذ الجامعي في ظل ذلك القانون! ثانيا نتيجة لتعيين القيادات الجامعية ورغبة النظام في السيطرة علي الجامعة كمعقل محتمل للمعارضة أصبح هناك تداخل واضح بين الجامعة وأجهزة النظام المختلفة. فلم تعد الجامعة منارة للعلم بل ذراعا من أذرع الحزب الوطني المنحل وجهاز أمن الدولة فالمعارض للنظام لن يأتي به في منصب قيادي وجميع الأنشطة في الجامعة لا تتم دون موافقة الجهات الأمنية بما في ذلك السفر لحضور المؤتمرات بل حتي ركن سيارات أعضاء هيئة التدريس داخل الحرم الجامعي يستلزم موافقة الجهات الأمنية. فلا صوت يعلو علي صوت المخلوع وحكومته وفي سبيل ذلك يتم تزوير انتخابات اتحاد الطلبة لضمان السيطرة عليها وترقية أشخاص معينين في زمن قياسي تمهيدا لتولي مناصب قيادية في الجامعة اذا لم تتوافر في غيرهم الصفات المطلوبة من طاعة عمياء للنظام والتصفيق عند حضور المناسبات العامة التي يحضرها المخلوع وأسرته مع رد القيادات الجامعية المعينة الجميل في صورة حشد طلبة الجامعة وموظفيها لتأييد مرشحي النظام ولو اضطروا إلي شحنهم في أتوبيسات إلي مراكز الاقتراع. وبناء عليه فإن صدور قرار مجلس الوزراء بأعتيار جميع المناصب القيادية بالجامعة شاغرة هي محاولة لتصحيح الأوضاع لإعادة الكرامة لأستاذ الجامعة لا للمساس بها كما أدعت د. هند حنفي. فكان من الأفضل لكرامة تلك القيادات الجامعية أن تسعي لطلب التوبة والمغفرة لما اقترفته من إفساد للجامعة ومسايرة لنظام دمر مصر وأن تبادر من تلقاء نفسها بالمسارعة إلي ترك مناصبها لمن يختاره أعضاء هيئة التدريس بدلا من إتباع أسلوب المخلوع في العناد والتمسك بكرامة زائفة لأجل مناصب لم يكونوا في الأصل أهلا لها لولا أنهم كانوا راضين بما كانت عليه البلاد من فساد. فالكرامة الحقة كانت توجب الأستقالة لا التحدي الأخرق للثورة ومشروعها في النهوض بمصر!