الاثنين 6 أكتوبر 2025.. الدولار يواصل الهبوط أمام الجنيه ويسجل 47.65 جنيه للبيع    وزير النقل يلتقي وفد البنك الدولي لمتابعة عدد من المشروعات الجاري تنفيذها والتعاون المستقبلي    القناة 14 العبرية: نتنياهو تعهد ل بن غفير بعدم الإفراج عن البرغوثي    للمسنين.. 5 نصائح ذهبية لنوم مريح بعيدا عن الأرق    أسعار الخضراوات والفاكهة بكفر الشيخ الإثنين 6 أكتوبر 2025    بحضور وزيري المالية والتموين.. وزير العمل يشارك في الاحتفالية السنوية لشركة "طلبات مصر"    النفط يرتفع بقوة بدعم قرار "أوبك+" بزيادة محدودة للإنتاج في نوفمبر    الرئيس السيسي: الأمن والاستقرار المستدامين لن يتحققا إلا من خلال سلام عادل وشامل    صحف إسبانيا تحيي الذكرى الثانية لحرب غزة بمظاهرات حاشدة وتنديد بحصار إسرائيل    الرئاسة الفرنسية: ماكرون يقبل استقالة سيباستيان ليكورنو    العالم هذا الصباح.. السعودية: جميع حاملى التأشيرات بمختلف أنواعها يمكنهم أداء مناسك العمرة.. تصرفات ترامب الغريبة تفتح الباب حول حالته الذهنية.. وناشطة سويدية تثير الجدل بعد احتجازها فى إسرائيل    الرئيس السيسي يوجه التحية لترامب لمبادرته لوقف إطلاق النار في غزة    حدث في أمريكا .. قاضية فيدرالية تمنع ترامب من نشر الحرس الوطنى فى ولاية أوريجون    كأس العالم للشباب - منتخب السعودية ينهي المونديال بنقطة    وليد صلاح الدين: لا صحة لمشادة أفشة مع الجهاز الفني.. والشائعات أصبحت متكررة    حسين لبيب يناقش مع جون إدوارد أسباب النتائج السلبية للزمالك وطرق العودة للإنتصارات    ضربات متتالية للأمن الاقتصادي وحملات مكثفة تضبط مخالفات كهرباء وضرائب ومباني    ضبط ورشة لتصنيع الأسلحة البيضاء فى إمبابة والتحفظ على أكثر من ألف قطعة    انخفاض طفيف في درجات الحرارة بكفر الشيخ الإثنين 6 أكتوبر 2025    جامعة حلوان تدعم ترشح الدكتور خالد العناني لمنصب مدير عام "اليونسكو"    جمهور آمال ماهر يتفاعل مع سكة السلامة واتقى ربنا فيا بقصر عابدين    ما حكم وضع المال فى البريد؟.. دار الإفتاء تجيب    دار الإفتاء: الاحتفال بنصر أكتوبر وفاء وعرفان لمن بذلوا أرواحهم فداء الوطن    كامل الوزير يهنئ الرئيس السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر: ملحمة خالدة تلهم الأجيال    رئيس الرعاية الصحية يلتقي الغمراوي لبحث مباحثات توطين الصناعات الطبية    لهذا السبب.. ضياء الميرغني يتصدر تريند "جوجل"    نجم ريال مدريد يقترب من الرحيل في الشتاء    «الداخلية» تقرر السماح ل 84 مواطنًا مصريًا بالحصول على جنسيات أجنبية    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-10-2025 في محافظة الشرقية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-10-2025 في محافظة قنا    رئيس وزراء باكستان يؤكد التزام بلاده بتعزيز العلاقات مع ماليزيا    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6-10-2025 في أسواق محافظة الأقصر    معهد التغذية يحذر الأمهات من إهمال وجبة الإفطار للأطفال: مفتاح النشاط والتركيز    اليوم أم يوم الخميس؟ تعرف على الموعد الرسمي لإجازة 6 أكتوبر 2025    وظائف مصلحة الطب الشرعي 2025.. خطوات التقديم إلكترونيًا والشروط المطلوبة    «الإحصاء»: معلم لكل 28 تلميذًا في مصر خلال العام الدراسي 2024 2025    هل يتجاوز محمد صلاح أحزانه في ليفربول ليحقق حلم الصعود للمونديال مع الفراعنة ؟    " التعليم " تكشف أهمية التقييمات الأسبوعية والاختبار الشهري لصفوف النقل.. تعرف عليها    بعد 64 عامًا.. «لا تطفئ الشمس» لإحسان عبد القدوس من السينما والدراما إلى خشبة المسرح    ماذا قال رئيس الاتحاد السكندري عن الدوري الاستثنائي وأحمد دياب ؟    أسعار الفراخ اليوم الإثنين 6-10-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    نهر النيل لا يعرف الهزيمة    عيد ميلاد عزيز الشافعي.. رحلة نجاح بدأت من الحلم ووصلت إلى القمة    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 6 أكتوبر    مزيج بين الجريمة والدراما.. موعد عرض مسلسل المحتالون التركي الحلقة 1    «العناني» يقترب من منصب المدير العام الجديد لليونسكو    سكته قلبية.. وفاة شخص قبل نظر نزاع على منزل مع زوجته وشقيقه بمحكمة الإسكندرية    منتخب مصر يودّع كأس العالم للشباب رسميًا    بسبب الأطفال.. مصرع سيدة في مشاجرة بكفر الشيخ    يلا كورة بث مباشر.. مشاهدة السعودية × النرويج YouTube بث مباشر دون "تشفير أو فلوس" | مباراة ودية دولية 2025    البابا تواضروس الثاني يزور إيبارشية أبوتيج وصدقا والغنايم    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بالذكرى المئوية للعلاقات بين مصر وتركيا    31 مرشحًا خضعوا للكشف الطبي بالفيوم.. ووكيلة الصحة تتفقد لجان الفحص بالقومسيون والمستشفى العام    هناك من يحاول التقرب منك.. حظ برج القوس اليوم 6 أكتوبر    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    لحظة مصرع عامل إنارة صعقا بالكهرباء أثناء عمله بالزقازيق ومحافظ الشرقية ينعاه (فيديو)    فنانة تصاب ب ذبحة صدرية.. أعراض وأسباب مرض قد يتطور إلى نوبة قلبية    على زعزع يخضع للتأهيل فى مران مودرن سبورت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطيب‏..‏ نخلة علي جدول‏!‏

موهبته البازغة وأدبه الرائق وبشاشته الآثرة لاتفارق أبدا روحه المطمئنة وذكاءه الحاد ومرحه الطاغي الذي يدفعك دفعا لمزاحمة مريديه الكثيرين أينما حل‏,‏ لتسمع عنه كلمة أو تنال منه نظرة‏, ولشد ماكانت دهشتي وأنا أراقب مشهدا متكررا لأناس من كل الاعمار يتحلقون حول الطيب صالح في بهو المجلس الاعلي للثقافة بالقاهرة عام‏2005,‏ مناغشين إياه‏,‏ مثيرين طاقاته اللامحدودة علي الحكي الجميل والنهل من خلاصات تجاربة في منافيه الاختيارية‏.‏
وعلي منصة تتويجه بجائزة تسلمه جائزة القاهرة للابداع الروائي ارتجل كلمة خرجت عن مألوف الموقف فاضت بالدعابة التي يشتهر بها تحدث فيها عن غبطته بالجائزة‏,‏ لأنها تأتي من مصر التي تعني الكثير بالنسبة للسودانيين بصفة خاصة‏,‏ولأن قوافل التكريم تمر بالسودان حسب قوله دون أن تتوقف عنده‏,‏ فالعرب اعتبروه بلدا افريقيا والافارقة اعتبروه عربيا‏,‏ وتطرق لأخطاء السياسيين في بلاده فقال‏:‏ ان هذا النظام سييء المزاج ويفتقد روح المرح ماأثار عواصف الضحك والتصفيق في القاعة‏.‏
وهكذا لايضع عبقري الرواية العربية الطيب صالح قيودا علي عواطفه وآرائه ونظرته للحياة‏,‏ ولكن كل ذلك لا يأتي إلا همسا‏,‏ مثل أدبه تماما‏,‏ حتي إنه يكاد تنطبق عليه مقولة الراحل الكبير محمد مندور من أن الأدب الهامس هو الذي يؤثر في القلوب ويحرك المشاعر ويمس عواطف الانسان بصورة عميقة‏,‏ أما الأدب الصاخب أو الخطابي فهو أقل تأثيرا في النفس‏,‏ ولاشك في أن الدكتور مندور كان علي صواب في فيما ذهب إليه عن الهمس‏,‏ فالصخب في الادب والفن يقلل من تأثيرهما وايجاد حاجز بينهما وبين القلب الانساني‏,‏ والقلوب تتأثر بالصوت الدافيء واللحن الهاديء أما الصاخبون الزاعقون الذين يدقون الطبول فهم لاينجحون في تحقيق شيء من التأثير الحقيقي علي النفوس والمشاعر‏.‏ إن اناقة اللغة ورشاقتها وشاعرية التعبير وشفافية المعني والمضمون والتفلسف البسيط المدهش الذي يحول موضوعه إلي مادة شعرية مثيرة للتأمل‏,‏ هي مرتكزات اساسية تشكل نسق التأليف الروائي الابداعي في اعمال صاحب عرس الزين وموسم الهجرة الي الشمال وضو البيت ومريود وغيرها وليس أدل علي هذا من روايته موسم الهجرة الي الشمال‏,‏ التي أتت تجسيدا جماليا لتجربة الاستعمار الغربي في العالم الثالث‏,‏ قبل أن يشد الرحال ثم لايلبث أن يعود ثانية بطرق أخري لا تقل عنفا أو استعبادا وإهدارا لكرامة الانسان مقدما في ذلك قراءة سردية مابعد كولونيالية مبكرة للشروخ الحادة التي خلفتها تجارب الاحتلال ولاتزال في أرواح ضحاياها لاسيما في إفريقيا والعالم العربي مذكرا في ذلك بجوزيف كونراد في قلب الظلام وبروايات ف اس نايبول وان اختلفت المنطلقات والرؤي مستخدما لغة مجازية كسبيل لتصعيد تأثير المجابهات الثقافية العديدة التي نجدها في الرواية‏,‏ مزيحا الاقنعة ونافذا بضوء إبداعه الي جنبات الروح وبحرارته الي شغاف القلب‏,‏ فحوادث القتل والافتتان بالنساء والاوهام الزاعقة والكذب العاتي علي النفس أولا‏,‏ يتم تصويرها كتصرفات رمزية تعبر عن توترات ثقافية محتدمة بين القيم التقليدية الراسخة للشرق والحداثية الضاغطة للغرب واختلال التوازن وسوء التفاهم بينهما نتيجة لذلك‏,‏ من خلال الاطار العام للرواية التي تصور طالبين سودانيين وغرفتين وحادثتي قتل ترتبطان ببطلها المأزوم مصطفي سعيد الذي يعد نموذجا لاولئك الذين رحلوا للغرب وذابوا في حضارته وأسلموا انفسهم لها فاقدين الروح النقدية المبنية علي اساس وعيهم بقدرات شعوبهم وامكاناتها بما يتيح لهم النفاذ الي جوهر حضارتهم الاصلية وجوهر حضارة الغرب وادراك ماعليهم أن يأخذوا وماعليهم أن يهجروا أي اجراء حوار حضاري ايجابي مع حضارة الغرب‏.‏
وبرغم المصالحة التي أجراها الطيب صالح بين الراوي وحضارة الغرب وكذلك مجتمعه التقليدي فإن الكاتب السوداني كان مدركا قطعا وهو من قضي شطر حياته الأكبر في لندن عاصمة الكوزموبوليتانية الأولي قبل أن يسبقها غيرها اليوم أن تغيير المجتمعات وسلوكياتها‏,‏ ومن ثم تغيير أنماط المعادلات الحضارية القائمة مع غيرها من الامم لايكون بمجرد الامنيات أو ابداء الرغبات فما من سبيل إلا المواجهة الصادقة الحاسمة والنهائية لمشكلة التقدم الذي طال انتظاره ليعود ضو البيت الغامر ناشرا الأمل والفرحة الموعودة في عرس الزين علي شاطيء النيل الخالد الأبيض أو الأزرق في ظلال نخلة علي الجدول أو دومة ود حامدالتي غرسها في تربتنا العربية ذلك الدرويش السوداني الطيب والصالح والعبقري قبل أن يحمل عصاه ويعود من حيث أتي‏,‏ قبل عام بالتمام من الآن‏..‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.