التصدي لمشكلة البطالة مسألة مهمة وملحة لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي, ولذلك ينبغي أن تحرص الحكومات علي توفير فرص للعمالة, خاصة بالنسبة للشباب, وهذا أمر بديهي, نظرا لأن تزايد معدل البطالة بين الشباب ينطوي علي مخاطر سياسية. وتدرك الدول شرقا وغربا هذا المعني, وتعتبر تفاقم البطالة بمثابة قنبلة زمنية سياسية ينبغي المبادرة بنزع فتيلها وإبطال مفعولها. وهذا ما تدركه مصر, ومن ثم يأتي الاهتمام بضرورة فتح آفاق الفرص حتي يعمل الشباب, ولذلك يتردد الحديث في الأونة الأخيرة عن تدبير التمويل اللازم للمشروعات الصغيرة باعتبارها وسيلة ناجعة وفعالة لتوافر الفرص لعمالة الشباب, كما يتزايد الاهتمام معه ببرامج تدريب الشباب, بحيث تصقل قدراتهم مما يمكنهم من العمل في وظائف تتطلب مهارات أعلي, مثل تكنولوجيا المعلومات. ومما لا جدال فيه أن أي حكومة تتغاضي عن التوسع في البرامج التعليمية والتدريبية التي تؤهل الشباب للتقدم, فإنها تخاطر بتفجير مشكلات اجتماعية وسياسية. وليس أدل علي ذلك من موجة العنف والاضطرابات التي تشهدها بريطانيا هذه الأيام, وهي تعزي في جوهرها إلي أن حكومة ديفيد كاميرون انتهجت سياسات استهدفت خفض الانفاق الحكومي في قطاعات عدة من أبرزها الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي, وذلك بقصد سد عجز الموزانة. ووسط هذه السياسات زاد معدل البطالة بين الشباب, وأشار محللون سياسيون واجتماعيون إلي أن هؤلاء الشباب يشعرون بحالة من الاغتراب عن المجتمع, وهو ما يجعلهم لا ينتمون للمؤسسة الحاكمة وثقافتها, وربما يفسر ذلك موجة العنف والسلب والنهب في بريطانيا, ولكنه لا يمكن أن يبررها ذلك أن العنف مدان أيا ماتكن أسبابه. وأيا ما يكن الأمر, فإن علي الحكومات أن تبادر باتخاذ الإجراءات والتدابير التي من شأنها عدم اتساع الفجوة الاقتصادية والاجتماعية بين الأغنياء والفقراء, أي أن العدالة الاجتماعية هي السبيل للحلم الرشيد.