العودة إلي الميدان! يشير ضعف الحضور في ميدان التحرير في جمعة حب مصر, واستمرار محاولات استفزاز قوات الجيش والأمن الموجودة وسط حديقة الميدان, إلي الحاجة المتزايدة لتنظيم تظاهرات الميدان, الذي أصبح رمزا للثورة المصرية, خاصة أنه ليس هناك ما يحول دون أن تتكرر هذه الصورة مرة أخري الجمعة المقبلة بعد أن تحولت عمليات التظاهر إلي نوع من استعراض القوة, ومجرد ردود أفعال لتظاهرات قوي الثورة المختلفة, التي عجزت عن الاتفاق علي حد أدني من الترتيبات العقلانية الرشيدة التي تحفظ للميدان صورته ووحدته وديمقراطيته, بدلا من تكريس وجود الجيش والأمن وسط الميدان في صورة بديلة تعاكس صورة الميدان في أي من أيامه الأولي المجيدة! وقد لا يكون في وسع أحد أن يجادل في حق المصريين في التظاهر السلمي والاعتصام, لأنه واحد من أهم حقوق الإنسان, أو ينكر علي ثوار التحرير حقهم في التمسك بالميدان واسترداده رمزا للثورة المصرية, كما أنه لا يجوز عقاب أي شخص لأنه تظاهر أو اعتصم دفاعا عن مطالب مستحقة, لكن ثمة ضوابط مهمة ينبغي مراعاتها حفاظا علي صورة الميدان, أهمها أن تكون تظاهرات الميدان انعكاسا لمطالب الثورة, لا ترفع شعارات فئوية, ولا تنتصر لأهداف تخص تيارا بعينه, وتترفع عن استخدام العنف وتعطيل مصالح الناس, وتلتزم بوأد كل شعار أو تصرف يؤدي إلي الفتنة والانقسام, لا ترفع أعلاما غير علم مصر, وتخضع فيها الأقلية لقرارات الأغلبية التي تلتزم بإنهاء التظاهر والاعتصام متي وصلت رسائلها إلي المجتمع, كي لا يتحول الميدان إلي بؤرة شغب تثير غضب وسخط قطاعات واسعة من الشعب, كما يمتنع فيها علي أي من التيارات أن تحيل الميدان إلي رهينة لتحقيق مطالب أحادية لا تحظي بتوافق كل القوي المشاركة. أعرف أن بعض القوي التي شاركت في اعتصامات الميدان تخشي أن تندثر أهميتها إن غابت أسباب التظاهر بعد أن تسارعت استجابة الحكومة والمجلس الأعلي لمطالب الثوار, وذلك في حد ذاته يمثل مشكلة تحتاج من الشباب إلي إعادة تنظيم جهودهم, وتوجيهها إلي ميادين جديدة من العمل الثوري, تجعل من الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة نموذجا لنتخابات ديمقراطية نزيهة, تتكافأ فيها فرص الجميع, وتمتنع فيها أعمال العنف والتخويف والإرهاب, ويرتفع وعي الجماهير إلي مستوي مسئوليتها التاريخية. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد