تعرضت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وآبار المياه في دلتا وادي وردان بمنطقة أبوصويرة التابعة لمركز ومدينة رأس سدر بمحافظة جنوبسيناء إلي تدفق وانتشار نحو40 ألف برميل من البترول الخام من جراء السيول الشديدة التي شهدتها المنطقة , حدث ذلك عندما تعرض خط البترول الرئيسي لحقل آبار منطقة عسل التي تقع جنوب رأس سدر بمسافة10 كم إلي التدمير من السيول, ويتكون حقل بترول عسل من15 بئر إنتاج تتبع الشركة العامة للبترول, وينتج حقل آبار البترول هذا ما يصل إلي20 ألف برميل يوميا, يتم ضخها إلي خزانات الشركة العامة للبترول برأس سدر علي البحر غير أنه نتيجة لكسر أنبوب البترول الرئيسي وصعوبة الوصول إلي مكان الكسر الذي يقع في مجري سيل وادي وردان فقد استمر التسرب لمدة يومين كاملين قبل السيطرة عليه مما ضاعف من كارثة السيول علي منطقة أبوصويرة وما حولها. فلم يكد الأهالي يفيقون من ذهول تدمير السيول لمنازلهم حتي ذهبوا لتفقد مزارعهم فوجدوا أن الكارثة أكبر مما يتصورون فلقد توقعوا أن تردم السيول بعض الآبار وشبكة الخراطيم الرئيسة والفرعية وماكينات ومواتير الري إلا أنهم فوجئوا بالكارثة الكبري عندما شاهدوا سجادة سوداء من البترول الخام تطفو فوق الآبار وتنتشر تحت أشجار الزيتون وفوق الأرض الزراعية التي اعتادوا زراعتها بعد موسم السيول مباشرة التي عادة ما تعوضهم بعض الذي فقدوه في منازلهم, غير أنهم قد أدركوا من خبراء المياه والتربة الذين ذهبوا إليهم بعد السيول لتفقد أحوالهم وتقييم التلوث أن الأرض قد لا تزرع مرة أخري إلا بعد معالجة التلوث البترولي وإزالته من التربة ومن آبار المياه تماما وهذا يتطلب جهدا كبيرا من الجميع وبخاصة من وزارة البترول التي يقع عليها العبء الأكبر, حيث إن الأنابيب والمنشآت البترولية التي حدث منها الانسكاب والتسرب تتبعها, وهنا يجب تطبيق مبدأ معروف عالميا في مثل هذه القضايا وهو من يلوث يجب أن يدفعPolluterPay التعويض اللازم للأهالي الذين تضررت آبارهم وأراضيهم, وفي هذا السياق فإنني أناشد المهندس سامح فهمي وزير البترول أن يزور الموقع ليقف بنفسه علي حقيقة الاضرار البيئية التي حدثت للمزارع وآبار المياه ومعالجة الكارثة بما لدي وزارة البترول من إمكانات وقدرات فنية لمعالجة مثل هذا التلوث, بغض النظر عن قدرة الأهالي والمحافظة علي رفع قضايا من هذا النوع ضد الوزارة, في ظل كارثة بحجم السيول الأخيرة. يجب معالجة التلوث نظرا لاحتواء البترول علي العديد من المركبات الهيدروكربونية مثل مركب البنزوبيرين وهو من الهيدروكربونات المسببة للسرطان, بالإضافة إلي المواد السامة مثل الكبريت والرصاص وغيرهما وهذه المواد تشكل خطرا كبيرا علي البيئة المائية والتربة الزراعية بمناطق التلوث مما يستلزم منا العمل علي إعداد حزمة من الإجراءات التنفيذية للتخفيف من التأثيرات البيئية والصحية للتسرب البترولي باستخدام تقنيات المعالجة الحديثة التي تمكنا حاليا من تنظيف التربة والمياه وإعادة تدوير المخلفات البترولية. د. كمال عودة غديف جامعة قناة السويس