تحفر الأيام في حياتنا معاني لعمق الأحداث وتؤثر سلبا أو إيجابا, ولكن المؤكد أن رمضان هذا العام له مذاق خاص مختلف, فقد جاء عقب ثورة اجتاحت بمشاعر ومتناقضات كنوع من رد الفعل القوي, كما يقول الدكتور سمير فؤاد أبوالمجد أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة, مشيرا إلي أن حلول رمضان علي الشعب المصري الذي خاض الثورة بكل معاناته علي مدي03 عاما, هو نفسه الذي يعاني اليوم من الخوف من الغد, وأيضا الأمل في غد يحقق أحلامه وكلها أمور طبيعية وما نراه في تلك الأيام يمثله الانصراف عن المسلسلات والبرامج والاندماج علي غير المعتاد في الحوارات السياسية وأخبار المحاكمات لأن الشعب وجد الهدف الذي كان يبغيه وهوالتخلص من الفساد وحلم المستقبل المشرق, وهذا لا يعني الشعور الكامل بالأمان, فالكبار يتوهمون أن الأيام السابقة كانت أكثر استقرارا وهو خطأ كبير والشباب بحماسه يأمل ويحلم وسط انشقاقات واختلافات وتطاحن للقوي السياسية والأحزاب المختلفة إضافة لإطلاق الشائعات والتكفير والتخوين وكلها أغراض عانتها كل الثورات التي مرت في التاريخ لكن ما يميز المجتمع المصري هو التماسك برغم كل شيء فهو دائما الأحسن والأعظم. وشهر رمضان يعتبر بروحانياته دافعا قويا لإعادة الحسابات والوقوف علي أرض صلبة قوية تحدد الهدف وفي التاريخ الإسلامي صور لانتصار كل صاحب حق في إنقاذ وطنه مادامت مبادئه العدل والتسامح والمشاعر النبيلة. وتري الدكتورة كريمة عبدالله أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة أن الله رحيم بعباده, ففي وسط الانفعالات الشديدة بالثورة والخوف علي مكتسباته يأتي رمضان كهدنة للنفوس المتعبة وأيضا رفع للراية البيضاء أمام أي تجاوزات ومنازعات والتحكم في الرغبات والأهواء. والمجتمع الذي يضم المسلم والمسيحي نجده في رمضان متحابا متعاطفا متزاورا وهي الروح التي تقضي علي الفرقة والتعصب وتقضي علي الفتنة الطائفية, ورمضان يجعل المتشدقين بما لا يفعلونه يحاسبون أنفسهم, فالبعض يتكلم عن الدولة المدنية الديمقراطية, لكن أفعالهم تناقض ذلك وآخرون يستخدمون التورية والمواربة والخداع بالكلمات وهو مكروه في الدين وليتهم بعد السجود صباحا ومساء يحاسبون أنفسهم ويتحدون لتحقيق أهداف الثورة التي فيها سعادة المجتمع كله وليس فئة محددة. وتدعو الدكتورة سلوي شعراوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الله أن يكون رمضان بارقة أمل لغد أفضل ومصر أعظم وأقوي بكل فئاتها ليعم الخير علي الكبير والصغير المسلم والمسيحي, وأن تصل الثورة إلي بر الأمان, ولتكن الابتهالات هذا العام لله من أجل إنقاذ الثورة وتوحيد الصفوف والاتجاه للعمل الذي يحثنا عليه الله من أجل عبور الكرب الذي نعيشه اليوم وسط الانشقاقات في الصفوف, ومحاولة الخروج من عنق الزجاجة لن يكون إلا بتماسك كل القوي السياسية والعمل الذي يعبر بنا إلي الحيز الذي هو بداخلنا جميعا والابتعاد عن تصفية الحسابات ولتكن الإرادة القوية التي نتغلب بها في أيام رمضان علي كل الأهواء دافعا قويا لتخطي الصعاب لبناء مصر بعد الثورة. الهدوء النفسي في رمضان بعد الثورة له مذاق خاص عند الدكتورة أماني يوسف رئيس القطاع المركزي للتمويل المتناهي الصغر, موضحة أن السنوات الماضية كان فيها هدوء الأيام الرمضانية, لكن هذا العام أكثر هدوءا بعد حراك نفسي صعب مر بالجميع, فالشد العصبي الذي مر بنا بين أحداث الثورة والقلق عليها كانت تحتاج إلي هذا الشهر الكريم لتقوية النوازع وإحياء المشاعر الصادقة, لذلك نكثف في هذه الأيام الاهتمام بالمرأة المعيلة وذوي الاحتياجات الخاصة, ومساعدة الفقراء وتمكينهم من مشروعات صغيرة تضمن لهم حياة كريمة, وحتي لا يتأثروا بارتفاع الأسعار, ولاشك أن لرمضان بعد الثورة أثر فقد علقت الاعتصامات واتجه الناس للعمل, وهو ما نريده من أجل تخطي هذه المرحلة الصعبة من تاريخ مصر. إعادة الحسابات وإصلاح النفوس والاتجاه للخير هي سمات رمضان بعد الثورة, كما تقول الدكتورة سحر نصر أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية, موضحة أن عمليات التخوين وإطلاق الشائعات ستكبل في رمضان وسندرك في أجواء التعبد والخوف من الله أن العد التنازلي للاختيار لمستقبل أفضل لن يكون إلا بالتسامح والرحمة وتفضيل مصلحة الوطن علي المصالح الشخصية والاتجاه للعمل كل في موقعه والإسهام بفكرة أو استراتيجية للنهوض مثلا بالتعليم من أجل أن يلعب الصغار دورا أكبر مما فعله الشباب الثوري لأن القدوة موجودة والهدف واضح ولنتخذ من انتصارات الشعوب لثوراتهم الدروس التي نتعلمها لإنجاح ثوراتنا وتحقيق مستقبل أفضل وليكن رمضان المقبل أكثر سعادة واستقرارا. أم محمد بائعة تري أنه علي الرغم من سعادتها بالثورة فإن ارتفاع الأسعار يطحنها, خاصة أن البناء توقف ولا يجد زوجها أي مجال للعمل في ظل تلك الظروف, وأملها أن تعود البلد لاستقرارها ولا يعنيها إلا رئيس جديد يهتم بالغلابة. سامية ربة منزل تقول: أعلم أن الثورة لازم الكل يتحمل من أجل انتصارها وسوف نساندها مهما تكن الأحوال ولو حكمت مش ها نأكل كفاية.. ربنا خلصنا من الرشوة والفساد والظلمة.. إحنا شعب اتظلم كتير ورمضان كريم وتمر الثورة علي خير. فكيهة موظفة: رمضان كريم ورزقه من الله ومش زعلانة من الثورة فكل ما مر بنا زمان لن يعود وأيام رمضان السنة دية فيها ناس كتيرة خيرة, ويمكن الأيام دية قوت التراحم والعطف علي الفقير ما كلهم قالوا إن الثورة علشان العدالة ومفيش أحسن من عدل ربنا.