سعر سبيكة الذهب اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025 بعد الارتفاع الكبير.. كم تبلغ قيمة السبيكة ال5 جرامات؟    السفير الروسي في ألمانيا يصف استخدام الأصول الروسية المجمدة بالسرقة    الموافقة على استخدام الشرطة للصواعق الكهربائية في جميع أنحاء ألمانيا    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 17-10-2025 والقنوات الناقلة    حمزة نمرة: وفاة والدتي في التاسعة من عمري أورثتني القلق.. وقضيت عاما كاملا أنتظر معجزة لشفائها    حمزة نمرة: عثرت على «فاضي شوية» بالصدفة.. وطرح ألبوم كامل الآن يظلم الأغاني    قرار تحريك أسعار المنتجات البترولية مع تثبيتها لعام كامل كحد أدنى × 7 معلومات    فى مقابلة قديمة .. لماذا هاجم صهر ترامب "الصهيونى " محمود عباس بعبارات "مهينة" !    فلسطين.. الاحتلال يدمر سيارة مواطن خلال اقتحام حي المخفية في نابلس    زيادة أسعار البنزين والسولار بقيمة 2 جنيه للتر    أسماء المرشحين على مقاعد الفردي بدوائر محافظة الشرقية لانتخابات مجلس النواب 2025    أول اختبار رسمي ل«توروب».. الأهلي جاهز لمواجهة إيجل نوار البوروندي    الزمالك يكشف حقيقة الإستغناء عن ناصر منسي.. ويتأهب للقاء ديكيداها بالكونفيدرالية    إعلان الكشوف المبدئية لمرشحي انتخابات مجلس النواب 2025 بسوهاج "مستند"    فنزويلا تطالب مجلس الأمن بإدانة الضربات الأمريكية قبالة سواحلها واعتبارها "غير قانونية"    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن أسماء المرشحين على النظام الفردي بانتخابات مجلس النواب    عماد النحاس وجهازه المعاون يصل إلى بغداد لقيادة فريق الزوراء العراقي    إعلام إسرائيلي: حماس أبلغت الوسطاء بعثورها على مزيد من جثث المحتجزين    القبض على المتهمين بارتداء ملابس فاضحة وارتكاب أفعال خادشة للحياء    الحفني: تعزيز السلامة الجوية أولوية تستهدف التشغيل الآمن وفق متطلبات الإيكاو    «مش صديقي.. وبقول اللي حسيته».. رد مثير من كريم نيدفيد بشأن هجومه على رمضان صبحي    ميس حمدان تخطف الأنظار بقصة شعر «boy cut» في افتتاح مهرجان الجونة السينمائي    موعد عرض مسلسل حلم أشرف الحلقة 19 والقنوات الناقلة    اتهام مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق ب 18 تهمة بينها الاحتفاظ بوثائق بشكل غير قانوني    مساعد الرئيس الروسي: بوتين يؤيد فكرة ترامب بعقد قمة روسية أمريكية فى بودابست    وفاة الفنان أشرف بوزيشن بعد مسيرة فنية مع كبار السينما المصرية    ماجد المصري: نجاح شخصية رجب الجريتلي لم أتوقعه.. والسر في نصيحة أحمد زكي    «زي النهارده».. وفاة شيخ الأزهر الدكتور عبدالحليم محمود 17 أكتوبر 1978    سعر الأسمنت اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025 فى الشرقية    طقس حار نهارًا وشبورة صباحية خفيفة.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس الجمعة 17 أكتوبر 2025    أطعمة طبيعية تساعد على خفض الكوليسترول في 3 أشهر    حيلة لتنظيف الفوط والحفاظ على رائحتها دائمًا منعشة    لو عايز تركز أكتر.. 5 أطعمة هتساعدك بدل القهوة    حبس متهم بقتل شقيقه فى قنا    جوتيريش يدعو للعودة إلى النظام الدستورى وسيادة القانون فى مدغشقر    الصحف المصرية: إسرائيل تماطل فى فتح معبر رفح    روسيا توسع أسواق نفطها وتستهدف إنتاج 510 ملايين طن    أوقاف الفيوم تعقد فعاليات البرنامج التثقيفي للطفل لغرس القيم الإيمانية والوطنية.. صور    أسماء المترشحين بنظام الفردي عن دوائر بمحافظة الغربية لانتخابات النواب    أسعار الخضار والفاكهة في أسواق أسوان اليوم الجمعة    الحفني يشهد توقيع بروتوكول تعاون بين سلطة الطيران المدني وإدارة الحوادث    بحضور رئيس مجلس الوزراء.. وزير الشؤون النيابية يشهد ختام أسبوع القاهرة الثامن للمياه    «أفضل لاعب في مصر بمركزه».. فاروق جعفر يتغزل ب نجم الأهلي    الداخلية تكشف ملابسات واقعة فيديو «التوك توك» بملابس خادشة للحياء    السيطرة على حريق سيارة ملاكي بميدان الرماية في الهرم    تركي آل الشيخ: «بدأنا الحلم في 2016.. واليوم نحصد ثمار رؤية 2030»    فضل يوم الجمعة وأعماله المستحبة للمسلمين وعظمة هذا اليوم    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة ووقتها المستحب    أدعية يوم الجمعة المستحبة للمتوفى والمهموم والأبناء    السيطرة على حريق داخل مخزن لقطع غيار السيارات بميت حلفا    رفضت إصلاح التلفيات وقبول العوض.. القصة الكاملة لحادث تصادم سيارة هالة صدقي    يونس المنقاري: بيراميدز فريق جيد.. سعيد ب أداء الشيبي والكرتي.. ومواجهة السوبر الإفريقي صعبة    تفاصيل لا يعرفها كثيرون.. علاقة فرشاة الأسنان بنزلات البرد    استبعاد هيثم الحريري من انتخابات البرلمان بالإسكندرية وتحرك عاجل من المرشح    سعر السكر والأرز والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025    الرعاية الصحية: المواطن يدفع 480 جنيه ونتحمل تكلفة عملياته حتى لو مليون جنيه    هل يجوز المزاح بلفظ «أنت طالق» مع الزوجة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الصلوات الخمس تحفظ الإنسان من الحسد؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كي لا ننتقل من الغربة إلي الغرابة

شهدت مصر‏,‏ بعد الثورة‏-‏ ولم تزل تشهد‏-‏ أحداثا جساما تنوء بحملها الأمم والشعوب الكبيرة‏,‏ لكننا مع‏,‏ ذلك كله‏,‏ نقوم أيضا‏,‏ وننهض‏,‏ مثل طائر الفينق الذي يعود ويتجدد‏,‏ شهدنا انتشار مشاعر الإحباط والخوف والغضب والقلق والشك وفقدان اليقين‏. وسمعنا أصواتا عدة تتأسي علي الماضي, وتناوئ الثورة العداء, وعرفنا أن الماضي يظل قائما في قلب الحاضر, وأنه في قلب هذه الألفة هناك وحشة, وفي عمق هذا الأمن النسبي هناك خوف, وفي جسد هذا اليقين الساطع هناك حضور أيضا للغرابة وللفقدان النسبي لليقين.. إلي آخر تلك الأمور التي نعرفها جميعا الآن, وندركها ونعايشها.
لقد أطلق الأستاذ عبد العظيم حماد علي ما يحدث الآن في مصر اسم ثورة الشك- وذلك في مقاله بالأهرام بتاريخ17 يونيو2011- ولم أجد في تاريخ العلم الاجتماعي مصطلحا أقرب إلي هذه الحالة من مصطلح الغرابة(uncanny في الإنجليزية, وفي الألمانيةunheimliche). إنه المصطلح المناسب الذي قد يساعدنا علي فهم كثير مما يحدث في مصر الآن لو استخدمنا ذلك العنوان الشهير لرواية الأديب المبدع يوسف القعيد. فما تلك الغرابة؟ لدي الفيلسوف الألماني شلنج(1775-1854) الغرابة اسم لكل شيء كان ينبغي أن يظل خفيا, وسريا, لكنه علي الرغم من ذلك يتكشف ويتجلي. ولدي المفكر فالتربينامين(1892-1940) تنشأ الغرابة عن ذلك التراكب وليس التركيب, الذي يحدث بين القديم من الأفكار والصور والمباني والمعاني والجديد منها, فيتعايشان معا, أو يحاولان التعايش, علي نحو يجمع بين المألوف وغير المألوف; وقد ينشأ بينهما صراع محتدم مستمر وغريب. ولدي فرويد الغرابة كلمة ذات معان ودلالات متعارضة, فهي تعني البيت أو الوطن; ومن ثم فهي ترتبط بكل ما هو مألوف, يتعلق بمسقط رأس الإنسان, بالأمن, بالحماية وبكل ما يحقق الراحة والطمأنينة, لكن هذه الكلمة نفسها قد تتحول تدريجيا إلي عكسها, نقيضها. قد ترتبط بالمؤامرات, بالتسبب في موت الأشخاص والمعاني, بالغياب, بكل ما هو ضد الألفة والبيت والأمن والوطن, بظهور المكبوت, وعودة الموتي, تحول الأحياء إلي موتي, والموتي إلي أحياء, بالخوف. إنها كلمة مزدوجة الطابع, متعددة الدلالات, حالة انفعالية, إحساس, خبرة تتعلق بما هو مخيف, بما يستثير الفزع والرعب.
وتظهر هنا تلك العلاقة الخاصة بين الغرابة والاغتراب, فالشيء الذي أبعد عن العقل, والذي كان من نتاجاته, في مرحلة بدائية أو قديمة من تاريخ هذا العقل, والذي كان وقتئذ- موجودا مع العقل, مألوفا بالنسبة إليه, قد تم إبعاده, بفعل مرور الزمن, وتقدم الخبرات والحياة والعلم, تم كبته, تم تناسيه, ثم إبعاده, لم يعد مألوفا, لكنه فجأة- يعود, لأسباب عدة, وتغيرات شتي. يعود إلي العقل الجمعي في شكل مختلف, يحاول أن يسيطر عليه, أن يعيده مرة أخري إلي الوراء, أن يعيده إلي تلك البدايات, أن يسقط من تاريخه ما اكتسبه من خبرات ومعارف وتقدم; لذلك تكون تلك العودة للغريب, مخيفة, لمن يتأملها ولا ينساق إليها أو معها, لأنها ترتبط بالماضي, بشيء كنا اعتقدنا أننا تجاوزناه, شيء كنا نعتقد أنه مات, أو غاب, لكنه يعود حيا مرة أخري, يعود ويحاول أن يفرض موته علي الحياة. هكذا فإن المألوف, أو الذي كان مألوفا علي مستوي الفرد, أو الجماعة, يعود في شكل غير مألوف, غامض, مخيف, غريب. ولا تتعلق الغرابة هنا, بعودة شيء مختلف غير الذي تم كبته ونسيانه وتجاوزه; لكن بعودة الشيء نفسه, الفكرة نفسها, الشكل نفسه, وكأنه قد تجمد أو ثبت في مكانه, لم تغيره حركات الزمان, ولا تقلبات المكان, هنا يكون الغريب قد اكتسب الطبيعة المزدوجة الخاصة بشيء مألوف, لكنه يبدو لنا غريبا وغير مألوف; لأنه يعود دائما, وعلي نحو متكرر, وكأن الزمن قد تجمد, والعقل قد توقف عن الإبداع والتجدد.
والسياسة كما يراها بعض المفكرين سواء كانت سياسات أصولية دينية تعود الي الماضي البعيد او سياسات أصولية ذات توجهات تنتمي الي نظام سابق سقط منذ وقت قريب- هي دائما سياسات مسكونة دائما بأشباح الماضي, بذلك التراث الثوري الذي مات, لكنه الذي ظل أيضا غير مدفون, تم كبته أو إبعاده, لكنه يظل دائما يتحين الفرصة للعودة والظهور. هكذا تكون الغرابة هي المميزة لبعض الاتجاهات السياسية المحافظة, تلك التي تعود إلي الماضي المكبوت وتبعثه بأشكال مألوفة فيه تبدو, كلها, غريبة بمنطق العصر الذي تعود فيه. ويصاحب الغرابة نوع من الغموض الجوهري, ومثلما تصاحب الغرابة عامة- حيرة معرفية, فكذلك الغرابة السياسية, الغرابة المحافظة, الغرابة الأصولية, هي هكذا غير محددة, لا يمكن التنبؤ بها; وذلك لأن تأثيراتها أيضا لا يمكن التنبؤ بها كما قال دريدا. هكذا قد تكون الغرابة نوعا من المواجهة بين الألفة الاجتماعية المنشودة والغرابة القديمة المكبوتة, تلك التي تعود, وتبعث الميت أو القديم من الأفكار والرؤي, ومع عودتها هذه تحمل معها أشباح الماضي وظلاله, بالمعني المخيف السلبي المهدد للاستقرار, لكنها, أيضا- لو تسلحت بالوعي والمرونة, واتساع الأفق والخيال- قد تجدد الأفكار, وترتبط بالإبداع, وتدفع نحو التغيير الاجتماعي للراكد والمعتم, والمضطرب, والمخيف.
المزيد من مقالات د.شاكر عبد الحميد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.