سامي قمصان مدرب الأهلي السابق.. زيزو سيكون إضافة كبيرة للأهلي والساعي قصر في حقه وهذه حقيقة خلاف كولر وأفشة    14 صورة ترصد اللحظات الأولى لحريق مصر الجديدة    إنتهاء أزمة البحارة العالقين المصريين قبالة الشارقة..الإمارات ترفض الحل لشهور: أين هيبة السيسى ؟    نشرة التوك شو| "التضامن" تطلق ..مشروع تمكين ب 10 مليارات جنيه وملاك الإيجار القديم: سنحصل على حقوقن    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأحد 11 مايو 2025    انتهاء هدنة عيد النصر التي أعلنها الرئيس الروسي في أوكرانيا    إعلان اتفاق "وقف إطلاق النار" بين الهند وباكستان بوساطة أمريكية    بسبب عزف الموسيقى والأغاني.. طالبان تعتقل 14 شخصاً في أفغانستان    انطلاق النسخة الثانية من دوري الشركات بمشاركة 24 فريقًا باستاد القاهرة الدولي    في غياب عبد المنعم، نيس يسقط أمام ستاد رين بثنائية بالدوري الفرنسي    "التعليم": تنفيذ برامج تنمية مهارات القراءة والكتابة خلال الفترة الصيفية    الأرصاد تكشف موعد انخفاض الموجة الحارة    إخلاء عقار من 5 طوابق فى طوخ بعد ظهور شروخ وتصدعات    إصابة شاب صدمه قطار فى أبو تشت بقنا    وزير التعليم: إجراءات مشددة لامتحانات الثانوية العامة.. وتعميم الوجبات المدرسية الساخنة    بضمان محل الإقامة، إخلاء سبيل بسطويسي عامل سيرك طنطا بعد زعمه التعرض لحادث سرقة    ورثة محمود عبد العزيز يصدرون بيانًا تفصيليًا بشأن النزاع القانوني مع بوسي شلبي    بعد الفيديو المثير للجدل، أحمد فهمي يوضح حقيقة عودته لطليقته هنا الزاهد    رئيس محكمة الأسرة الأسبق: بوسي شلبي تزوجت محمود عبد العزيز زواجا شرعيا    وزير الصحة: 215 مليار جنيه لتطوير 1255 مشروعًا بالقطاع الصحي في 8 سنوات    إجراء 12 عملية جراحة وجه وفكين والقضاء على قوائم الانتظار بمستشفيي قويسنا وبركة السبع    محافظة سوهاج تكشف حقيقة تعيين سائق نائباً لرئيس مركز    مصابون فلسطينيون في قصف للاحتلال استهدف منزلا شمال غزة    «التعاون الخليجي» يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    قفزة بسعر الفراخ الساسو وكرتونة البيض الأبيض والأحمر بالأسواق اليوم الأحد 11 مايو 2025    5 مصابين في انقلاب ميكروباص بالمنيا بسبب السرعة الزائدة    عددها انخفض من 3 ملايين إلى مليون واحد.. نقيب الفلاحين يكشف سر اختفاء 2 مليون حمار في مصر (فيديو)    رياضة ½ الليل| هزيمتان للفراعنة.. الزمالك يلجأ لأمريكا.. كلمات بيسيرو المؤثرة.. وشريف ومصطفى احتياطي    دلفي يواجه القزازين.. والأوليمبي يصطدم ب تلا في ترقي المحترفين    رسميًا.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي وطريقة استخراجها مستعجل من المنزل    حكام مباريات الأحد في الجولة السادسة من المرحلة النهائية للدوري المصري    أمانة العضوية المركزية ب"مستقبل وطن" تعقد اجتماعا تنظيميا مع أمنائها في المحافظات وتكرم 8 حققت المستهدف التنظيمي    في أهمية صناعة الناخب ومحاولة إنتاجه من أجل استقرار واستمرار الوطن    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 11 مايو 2025    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروعات التطوير بمارينا وكومبوند مزارين بالعلمين الجديدة    سورلوث يُبدع وأتلتيكو مدريد يكتسح ريال سوسيداد برباعية نظيفة في الليجا    نشوب حريق هائل في مطعم شهير بمنطقة مصر الجديدة    خالد الغندور: مباراة مودرن سبورت تحسم مصير تامر مصطفى مع الإسماعيلي    بعد أيام من رحيله.. سامي قمصان يتحدث عن صفقة انتقال زيزو إلى الأهلي    تفوق كاسح ل ليفربول على أرسنال قبل قمة اليوم.. أرقام مذهلة    ضع راحتك في المقدمة وابتعد عن العشوائية.. حظ برج الجدي اليوم 11 مايو    حان وقت التخلص من بعض العلاقات.. حظ برج القوس اليوم 11 مايو    «عشان تناموا وضميركم مرتاح».. عمرو أديب يوجه رسالة إلى أبناء محمود عبدالعزيز    افتتاح النسخة الثالثة لمعرض البورتريه المعاصر بجاليري قرطبة.. الأربعاء    وزيرة التضامن ترد على مقولة «الحكومة مش شايفانا»: لدينا قاعدة بيانات تضم 17 مليون أسرة    باكستان تعلن إحياء "يوم الشكر" احتفالًا بنجاح عملية "البنيان المرصوص" ضد الهند    أبرزها الإجهاد والتوتر في بيئة العمل.. أسباب زيادة أمراض القلب والذبحة الصدرية عند الشباب    تبدأ قبلها بأسابيع وتجاهلها يقلل فرص نجاتك.. علامات مبكرة ل الأزمة القلبية (انتبه لها!)    منها «الشيكولاتة ومخلل الكرنب».. 6 أطعمة سيئة مفيدة للأمعاء    أخبار × 24 ساعة.. رفع معاش تكافل وكرامة ل900 جنيه يوليو المقبل    وزيرا خارجية السعودية وبريطانيا يبحثان مستجدات الأوضاع    قلعة طابية الدراويش.. حصن مصري يحتضن حكاية اختطاف أعيان باريس    بوتين يعبر عن قلقه بشأن استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي    صاحب الفضيلة الشيخ سعد الفقى يكتب عن : رسالة مفتوحة لمعالي وزير الأوقاف؟!    عالم أزهري: خواطر النفس أثناء الصلاة لا تبطلها.. والنبي تذكّر أمرًا دنيويًا وهو يصلي    رئيس جامعة الأزهر: السعي بين الصفا والمروة فريضة راسخة    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كي لا ننتقل من الغربة إلي الغرابة

شهدت مصر‏,‏ بعد الثورة‏-‏ ولم تزل تشهد‏-‏ أحداثا جساما تنوء بحملها الأمم والشعوب الكبيرة‏,‏ لكننا مع‏,‏ ذلك كله‏,‏ نقوم أيضا‏,‏ وننهض‏,‏ مثل طائر الفينق الذي يعود ويتجدد‏,‏ شهدنا انتشار مشاعر الإحباط والخوف والغضب والقلق والشك وفقدان اليقين‏. وسمعنا أصواتا عدة تتأسي علي الماضي, وتناوئ الثورة العداء, وعرفنا أن الماضي يظل قائما في قلب الحاضر, وأنه في قلب هذه الألفة هناك وحشة, وفي عمق هذا الأمن النسبي هناك خوف, وفي جسد هذا اليقين الساطع هناك حضور أيضا للغرابة وللفقدان النسبي لليقين.. إلي آخر تلك الأمور التي نعرفها جميعا الآن, وندركها ونعايشها.
لقد أطلق الأستاذ عبد العظيم حماد علي ما يحدث الآن في مصر اسم ثورة الشك- وذلك في مقاله بالأهرام بتاريخ17 يونيو2011- ولم أجد في تاريخ العلم الاجتماعي مصطلحا أقرب إلي هذه الحالة من مصطلح الغرابة(uncanny في الإنجليزية, وفي الألمانيةunheimliche). إنه المصطلح المناسب الذي قد يساعدنا علي فهم كثير مما يحدث في مصر الآن لو استخدمنا ذلك العنوان الشهير لرواية الأديب المبدع يوسف القعيد. فما تلك الغرابة؟ لدي الفيلسوف الألماني شلنج(1775-1854) الغرابة اسم لكل شيء كان ينبغي أن يظل خفيا, وسريا, لكنه علي الرغم من ذلك يتكشف ويتجلي. ولدي المفكر فالتربينامين(1892-1940) تنشأ الغرابة عن ذلك التراكب وليس التركيب, الذي يحدث بين القديم من الأفكار والصور والمباني والمعاني والجديد منها, فيتعايشان معا, أو يحاولان التعايش, علي نحو يجمع بين المألوف وغير المألوف; وقد ينشأ بينهما صراع محتدم مستمر وغريب. ولدي فرويد الغرابة كلمة ذات معان ودلالات متعارضة, فهي تعني البيت أو الوطن; ومن ثم فهي ترتبط بكل ما هو مألوف, يتعلق بمسقط رأس الإنسان, بالأمن, بالحماية وبكل ما يحقق الراحة والطمأنينة, لكن هذه الكلمة نفسها قد تتحول تدريجيا إلي عكسها, نقيضها. قد ترتبط بالمؤامرات, بالتسبب في موت الأشخاص والمعاني, بالغياب, بكل ما هو ضد الألفة والبيت والأمن والوطن, بظهور المكبوت, وعودة الموتي, تحول الأحياء إلي موتي, والموتي إلي أحياء, بالخوف. إنها كلمة مزدوجة الطابع, متعددة الدلالات, حالة انفعالية, إحساس, خبرة تتعلق بما هو مخيف, بما يستثير الفزع والرعب.
وتظهر هنا تلك العلاقة الخاصة بين الغرابة والاغتراب, فالشيء الذي أبعد عن العقل, والذي كان من نتاجاته, في مرحلة بدائية أو قديمة من تاريخ هذا العقل, والذي كان وقتئذ- موجودا مع العقل, مألوفا بالنسبة إليه, قد تم إبعاده, بفعل مرور الزمن, وتقدم الخبرات والحياة والعلم, تم كبته, تم تناسيه, ثم إبعاده, لم يعد مألوفا, لكنه فجأة- يعود, لأسباب عدة, وتغيرات شتي. يعود إلي العقل الجمعي في شكل مختلف, يحاول أن يسيطر عليه, أن يعيده مرة أخري إلي الوراء, أن يعيده إلي تلك البدايات, أن يسقط من تاريخه ما اكتسبه من خبرات ومعارف وتقدم; لذلك تكون تلك العودة للغريب, مخيفة, لمن يتأملها ولا ينساق إليها أو معها, لأنها ترتبط بالماضي, بشيء كنا اعتقدنا أننا تجاوزناه, شيء كنا نعتقد أنه مات, أو غاب, لكنه يعود حيا مرة أخري, يعود ويحاول أن يفرض موته علي الحياة. هكذا فإن المألوف, أو الذي كان مألوفا علي مستوي الفرد, أو الجماعة, يعود في شكل غير مألوف, غامض, مخيف, غريب. ولا تتعلق الغرابة هنا, بعودة شيء مختلف غير الذي تم كبته ونسيانه وتجاوزه; لكن بعودة الشيء نفسه, الفكرة نفسها, الشكل نفسه, وكأنه قد تجمد أو ثبت في مكانه, لم تغيره حركات الزمان, ولا تقلبات المكان, هنا يكون الغريب قد اكتسب الطبيعة المزدوجة الخاصة بشيء مألوف, لكنه يبدو لنا غريبا وغير مألوف; لأنه يعود دائما, وعلي نحو متكرر, وكأن الزمن قد تجمد, والعقل قد توقف عن الإبداع والتجدد.
والسياسة كما يراها بعض المفكرين سواء كانت سياسات أصولية دينية تعود الي الماضي البعيد او سياسات أصولية ذات توجهات تنتمي الي نظام سابق سقط منذ وقت قريب- هي دائما سياسات مسكونة دائما بأشباح الماضي, بذلك التراث الثوري الذي مات, لكنه الذي ظل أيضا غير مدفون, تم كبته أو إبعاده, لكنه يظل دائما يتحين الفرصة للعودة والظهور. هكذا تكون الغرابة هي المميزة لبعض الاتجاهات السياسية المحافظة, تلك التي تعود إلي الماضي المكبوت وتبعثه بأشكال مألوفة فيه تبدو, كلها, غريبة بمنطق العصر الذي تعود فيه. ويصاحب الغرابة نوع من الغموض الجوهري, ومثلما تصاحب الغرابة عامة- حيرة معرفية, فكذلك الغرابة السياسية, الغرابة المحافظة, الغرابة الأصولية, هي هكذا غير محددة, لا يمكن التنبؤ بها; وذلك لأن تأثيراتها أيضا لا يمكن التنبؤ بها كما قال دريدا. هكذا قد تكون الغرابة نوعا من المواجهة بين الألفة الاجتماعية المنشودة والغرابة القديمة المكبوتة, تلك التي تعود, وتبعث الميت أو القديم من الأفكار والرؤي, ومع عودتها هذه تحمل معها أشباح الماضي وظلاله, بالمعني المخيف السلبي المهدد للاستقرار, لكنها, أيضا- لو تسلحت بالوعي والمرونة, واتساع الأفق والخيال- قد تجدد الأفكار, وترتبط بالإبداع, وتدفع نحو التغيير الاجتماعي للراكد والمعتم, والمضطرب, والمخيف.
المزيد من مقالات د.شاكر عبد الحميد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.