آداب حلوان توجه تعليمات مهمة لطلاب الفرقة الثالثة قبل بدء الامتحانات    رحلة الجنيه الذهب منذ بداية 2024.. كم تراجع؟    السيدة انتصار السيسي: سعيدة بمشاركة حرم سلطان عمان زيارة المتحف المصري الجديد    في زمن التحوّلات.. لبنان يواجه تحديات في الشراكة الداخليّة ودوره بالمنطقة    تفاصيل هجوم روسيا على شرقي أوكرانيا.. وكييف تخلي بلدات في المنطقة    مودرن فيوتشر يتعادل مع البنك الأهلي بهدف لكل فريق    كيشو يفوز على بطل كازاخستان ويتأهل لأولمبياد باريس 2024    كرة سلة.. الأهلي والزمالك.. نصف نهائي دوري السوبر (فيديو)    عاجل.. رضا سليم يتواصل مع الشيبي لحل أزمة حسين الشحات.. ولاعب بيراميدز يحدد شروطه    برشلونة يستهدف حسم صفقة نارية قبل بطولة "يورو"    كتب رسالة قبل انتحاره.. تفاصيل إنهاء شاب حياته بذبح نفسه داخل مطبخ شقته في الطالبية    ماجدة موريس: "السرب" جمع عناصر الجذب الفني للجمهور .. والفن يوثق الذاكرة للتاريخ    نقاد: «السرب» يوثق ملحمة وطنية مهمة بأعلى التقنيات الفنية.. وأكد قدرة مصر على الثأر لأبنائها    «قومي حقوق الإنسان» يشارك في إطلاق الدورة الثانية من مهرجان إيزيس الدولي    انطلاق المبادرة الرئاسية للتشخيص الطبي عن بعد بمحافظة كفر الشيخ    حسام موافي يحذر من أكل الشارع.. يسبب «المرض اللعين»    بطولة العالم للإسكواش 2024.. يحيى النواسانى يتأهل للدور الثانى    حماس: تعاملنا بكل مسؤولية وإيجابية لتسهيل الوصول لاتفاق يحقق وقف دائم لإطلاق النار    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 بصيغة pdf وخطوات الحصول على أرقام الجلوس    مصرع فتاة خنقًا في ظروف غامضة ببني سويف    مصرع طالب سقط من القطار بسوهاج    العمالة المصرية على موعد للعمل في اليونان.. اعرف التفاصيل    الأسهم الأوروبية تغلق عند مستويات قياسية جديدة    شاهد أول فيديو.. «النقل» تستعرض المحطات الخمسة الجديدة للخط الثالث لمترو الأنفاق    بسمة بوسيل تكشف عن مفاجأة بشأن تامر حسني بسبب «البدايات» (تفاصيل)    د.آمال عثمان تكتب: المتحف المصري الكبير الأحق بعرض «نفرتيتي» و«حجر رشيد» و«الزودياك»    5 نصائح مهمة للمقبلين على أداء الحج.. يتحدث عنها المفتي    المفتي يحسم الجدل بشأن حكم إيداع الأموال في البنوك (فيديو)    وزيرة التعاون الدولي: الحكومة تتبنى إجراءات وتدابير محفزة للشركات الناشئة    شاهد| انتصار السيسي تودع حرم سلطان عمان بمطار القاهرة    12 عرضا تدل على الإصابة بأمراض الكلى    فضائل شهر ذي القعدة ولماذا سُمي بهذا الاسم.. 4 معلومات مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    نقيب المهندسين: نستهدف تعزيز التعاون مع صندوق الإسكان الاجتماعي    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد فعاليات المؤتمر الطلابي السنوي الثالثة    بعد زواجه من الإعلامية لينا طهطاوي.. معلومات لا تعرفها عن البلوجر محمد فرج    أسعار شقق جنة بمشروع بيت الوطن للمصريين في الخارج    الجيزاوي يتفقد مستشفى بنها الجامعي للاطمئنان على الخدمة الصحية    بالصور.. الشرقية تحتفي بذكرى الدكتور عبد الحليم محمود    خطيب الجامع الأزهر: الحضارة الإسلامية حوربت من خلال تشكيك المسلمين في تراثهم العريق    أشرف صبحي يلتقي فرج عامر وأعضاء سموحة لتعزيز الاستقرار داخل النادي    بالصور.. تشييع جثمان والدة يسرا اللوزي من مسجد عمر مكرم    واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة، الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة    للتخلص من دهون البطن.. تعرف ما ينبغي تناوله    السيطرة على حريق شقة سكنية بمنطقة الوراق    البيئة تناقش المواصفات الفنية للمركبات الكهربائية للمشروع التجريبى للنقل منخفض الانبعاثات    "علم فلسطين في جامعة جورج واشنطن".. كيف دعم طلاب الغرب أهل غزة؟    محافظة الأقصر يناقش مع وفد من الرعاية الصحية سير أعمال منظومة التأمين الصحي الشامل    مفتي الجمهورية: الفكر المتطرف من أكبر تحديات عملية بناء الوعي الرشيد    محلل أداء منتخب الشباب يكشف نقاط قوة الترجي قبل مواجهة الأهلي    حملة بحي شرق القاهرة للتأكد من التزام المخابز بالأسعار الجديدة    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    بدء جلسات اجتماع اللجنة الدائمة للقاء بطاركة الكنائس الشرقية الأرثوذكسية في الشرق الأوسط    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    رد فعل محمد عادل إمام بعد قرار إعادة عرض فيلم "زهايمر" بالسعودية    مصرع وإصابة 4 أشخاص في اصطدام سيارة بكوبري في الغربية    مراسل التلفزيون المصري: تصريحات إسرائيل بفتح منفذ كرم أبوسالم غير صحيحة    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوريا وثنائية المعارضة والإصلاح‏..‏ ماذا بعد؟

بالرغم من مرور أربعة أشهر علي اندلاع الانتفاضة الشعبية السورية المطالبة بإحداث تغيير جذري في النظام السياسي‏,‏ فإن الحديث عن حسم قريب أو حل يلوح في الأفق للخروج من الأزمة بمتغيراتها وإشكاليتها الداخلية من ناحية, وحساباتها الدولية والإقليمية من ناحية ثانية لا يزال حديثا بعيد المنال; ففي الوقت الذي تتآكل فيه شرعية النظام علي إثر المواجهات القمعية من قبل الجيش وقوات الأمن للحركات الاحتجاجية المختلفة فإنه يتجه لتقديم حزمة من الإصلاحات السطحية التي لا يمكن التعويل عليها في تحقيق إصلاح حقيقي علي أرض الواقع, فالإصلاحات السياسية الممنوحة من النظام وإن كانت لها وجاهتها إلا أن توقيت طرحها المتأخر دائما وسط استمرار سياسة القمع بات يفقدها القدرة علي إحداث التغيير المأمول منها ويفقدها في الوقت نفسه قبول الأوساط السياسية والشعبية لها. فقد شهدت الأزمة السورية بعد أربعة أشهر متغيرات داخلية عدة يمكن تحديدها في نقطتين محوريتين: الأولي, تتعلق بتفاعلات قوي المعارضة السياسية في الداخل والخارج مع تطورات الأحداث ومدي تأثير هذا التفاعل علي مجريات الأزمة خلال الأيام القليلة الماضية. والثانية, تتعلق بمشروع قانون تشكيل الأحزاب الجديد الذي أقرته الحكومة السورية في السادس والعشرين من يوليو2011 كخطوة إصلاحية تستهدف امتصاص الغضب الشعبي المتزايد تجاه النظام.
فبالنسبة لموقف وتفاعلات المعارضة السياسية السورية في الداخل والخارج فإنها شهدت حراكا كبيرا بعقد اجتماعين في أنطاليا واسطنبول بتركيا وفي بروكسل ببلجيكا بالإضافة إلي مؤتمر باريس, إلا أن هذا الحراك لم يثمر عن جديد, بل برزت فيه الاختلافات الفكرية وتجلت الانقسامات الإيديولوجية حول رسم خارطة طريق واضحة لبلورة موقف معارضي الخارج من الأزمة, في الوقت الذي دعت فيه السلطات قوي المعارضة الداخلية لعقد حوار توافق وطني لمناقشة تطورات الأوضاع وسبل معالجتها. فبقراءة سريعة لنتائج وفعاليات تلك المؤتمرات يمكن استخلاص أن المعارضة السورية في الداخل والخارج لا تزال تعاني من غياب القدرة علي طرح مشروع وطني متماسك يقدم رؤية استراتيجية لكيفية الخروج من الأزمة من ناحية أو يستشرف مستقبل الدولة حال نجاح الانتفاضات الشعبية في إسقاط النظام من ناحية ثانية; فقد بدا واضحا تراجع دور حركات وأحزاب المعارضة التقليدية خاصة حزب الاتحاد الاشتراكي والإخوان المسلمين عن أداء فعل يرتقي إلي مستوي التحرك الشعبي الجماهيري الجارف, وحتي حركات المعارضة التي برزت مع الأحداث الجارية كالتجمع الوطني الديموقراطي, ومجلس الإنقاذ الوطني, ولجان التنسيق المحلية.. الخ, لا تخرج عن كونها مجرد تجمعات غير منظمة لا تخضع في عملها لأطر وهياكل واضحة كما لا تتمتع بأرضية شعبية يعتد بها, الأمر الذي يجعل من عملية إيجاد بديل قوي وقادر علي تولي زمام الأمور في مواجهة النظام ومؤسساته البعثية أمرا غاية في الصعوبة إن لم يكن الاستحالة, ناهيك عن نجاح النظام في الاستفادة من الأخطاء التي وقعت فيها بعض قوي المعارضة في الخارج وبالتحديد في مؤتمر باريس الذي بدا وكأنه محاولة لتدويل الأزمة السورية علي غرار نظيرتها الليبية.
إذن انتفاء التأثير المأمول من قوي المعارضة في مجريات الأزمة يمكن إرجاعه إلي غياب وجود قيادة موحدة يتم اختيارها عبر التواصل الفعال بين معارضة الداخل والخارج, بحيث تمتلك تلك القيادة حق تمثيل شريحة كبيرة من المجتمع السوري بما يمكنها من طرح نفسها كبديل سياسي إلي جانب القوي الثورية من الشباب الذين يخوضون انتفاضة شعبية ضد النظام, ويمكنها في الوقت نفسه من بعث رسائل تطمينية إلي القوي الدولية التي لا تزال تتعاطي مع الأزمة وفقا لأجندة حسابات إقليمية محددة تنعكس بوضوح في موقف تلك القوي المتردد من الأزمة خاصة الولايات المتحدة وفرنسا اللتين تمارسان تصعيدا محسوبا تجاه نظام بشار الأسد في لعبة أشبه بشد الحبل علي أمل انتظار سقوط النظام أو نجاحه في قمع الانتفاضة.
ووسط كل هذه المتغيرات المتلاحقة علي المشهد السياسي السوري وفي محاولة متأخرة لمواجهة حالة الغضب الشعبي تم إقرار مشروع قانون تشكيل الأحزاب السياسية. ومع أن القانون يعد نقلة نوعية للحياة السياسية السورية باعتباره نظريا يفتح المجال أمام وجود نظام حزبي يقوم علي التعددية لاغيا بذلك نظام الحزب الواحد المعمول به علي مدي عقود طويلة مضت وهو ما يفترض واقعيا تفعيل الحراك السياسي وتوسيع نطاق المشاركة بما يؤدي إلي تداول السلطة, فإنه وبقراءة تحليلية سريعة يمكن القول أنه يعاني من مواطن ضعف متعددة يمكن إجمالها في النقاط التالية:
أولها: أن مشروع القانون جاء كمنحة أو هبة يقدمها النظام للشعب دون أن يشارك الأخير في صياغته, وهو ما يعني استمرار فكرة الهيمنة علي الواقع السياسي من جانب السلطة التي تعتبر نفسها هي الجهة الوحيدة التي لها حق المنح والمنع, مما يشير إلي أنه حتي ومع سلامة النص وقانونيته فإنه سيراعي بالضرورة مصالح النظام عند التطبيق الفعلي.
ثانيها: تتعلق بشرط الحد الأدني لنسبة الأعضاء عند تأسيس الأحزاب والذي ينص علي أن يكون الأعضاء مسجلين في نصف المحافظات علي الأقل أي حوالي سبعة محافظات من إجمالي أربعة عشرة محافظة شريطة أن لا تقل نسبة الأعضاء عند التأسيس لكل محافظة عن5% من مجموع الأعضاء, وهو أمر يتضارب مع حقوق الأقليات التي عادة ما تتجمع في مناطق محددة كالأكراد حيث يتمركزون في أربع محافظات رئيسية ومن ثم لا يتوافر فيهم شرط أن يكونوا من نصف المحافظات السورية, ناهيك عن اشتراط أن يكون العضو المؤسس للحزب متمتعا بالجنسية السورية منذ10 سنوات علي الأقل مما مثل استبعادا مباشرا للأكراد من الحياة السياسية الحزبية باعتبارهم لم يحصلوا علي الجنسية السورية إلا منذ شهرين فقط. أيضا يمثل اشتراط المادة11 من مشروع القانون ضرورة وجود2000 عضو كحد أدني للعضوية عند التأسيس عقبة بالنسبة للأحزاب الجديدة, بالإضافة إلي أن هذا النص لا يتناسب مع مكونات الشارع السياسي السوري في الوقت الحالي الذي يشهد بروزا لقوي أخري جديدة غير تقليدية من الشباب الذي لم يسبق له العمل بالسياسة.
ثالثها: تتعلق بالجهة المنوط بها الإشراف علي عملية تطبيق القانون, حيث تشير المادة السابعة من مشروع القانون إلي خضوع لجنة تشكيل الأحزاب لوزير الداخلية أما أعضائها الثلاثة فيتم تعينهم من قبل رئيس الجمهورية دون شروط محددة, ناهيك عن الصلاحية الممنوحة لرئيس اللجنة في عرض أوراق تأسيس الحزب علي اللجنة خلال15 يوما من تاريخ التقدم بها أو يجوز له تجاهل تقديمها نهائيا مما يعيد الموضوع برمته إلي يد النظام مرة أخري, وهو ما رفضته العديد من القوي السياسية باعتباره يمثل استمرارا للعمل بالقواعد القديمة في هذا الشأن, كما رفضت اعتماد المحكمة الإدارية كجهة قانونية مختصة معنية بشئون الأحزاب لأنها لا تزال تتبع السلطة التنفيذية من ناحية, وباعتبار قراراتها غير قابلة للاستئناف أو الطعن أو حتي المناقشة من ناحية أخري.
رابعها: تتعلق بالمقصود بمفهوم الوحدة الوطنية الوارد في نص مشروع القانون, حيث يشترط في الأحزاب الجديدة التي سيتم تشكيلها الحفاظ علي وحدة الوطن, وهو نص يحتاج إلي تحديد المراد منه لأن المفهوم نفسه كان الذريعة الوحيدة التي طالما ساقها النظام لتبرير سياسات القمع علي مدي العقود الأربعة الماضية, ومن ثم فإن إعمال المفهوم نصا في مشروع القانون يعني وجود نية مبيتة لدي النظام استخدامه كسلاح مسلط تجاه الأحزاب الجديدة.
مما سبق يمكن القول أن قدرة النظام السوري علي القيام بعملية تصحيح للمسار تمكنه من الانتقال من موقع الخصم إلي موقع الشريك تظل محلا للاختبار, مما يفرض عليه ضرورة إعادة النظر في مجمل سياساته الداخلية وهو أمر يصعب تحقيقه إلا إذا اعترف مبدئيا بمشروعية المطالب الجماهيرية وأوقف الانتقام الدموي الذي يمارسه ضد شعبه كخطوة لإبداء حسن النوايا في إحداث التغيير المطلوب وإلا سيكون أمام خيار السقوط علي وقع الثورة الشعبية علي شاكلة النظامين التونسي والمصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.