في الوقت الذي تؤكد فيه كل القواعد الإسلامية في القرأن والسنة علي أن الإسلام دين السلام وأنه يجرم الإرهاب بمفهومه المعاصر, إلا أن(الميديا) الغربية والعالمية وخاصة الصهيونية, تحرص علي أن تصم الإسلام بالإرهاب وتتهمه بأنه دين العنف. وللارهاب مفاهيم عديدة, منها السياسي والإجتماعي والنفسي, كما أنه يتعين علي الراصد أن يفرق بين الجهاد والمقاومة والعنف والإرهاب, وكل هذه المفاهيم انطلق منها الإرهاب بمفهومه العصري, إلا انه من المفارقات العجيبة انها حملت عدة حقائق.. أولها.. ما اكده فضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب, من أن الإرهاب لا دين له ولا وطن وذلك في سياق تصريحه الأخير منذ عدة ايام والذي أعرب فيه عن استيائه من عملية الإرهاب بالنرويج وإدانته لها. ثانيها.. لم يسلم العالم الإسلامي من صور الإرهاب البشعة, وأبرز هذه الصور ماحدث في العشرين من نوفمبر سنه1979 من سفك لدماء المصلين في قلب الحرم المكي, علي يد( جهيمان العتيبي) و(محمد عبد الله القحطاني) والذي اكد المعني السياسي للإرهاب, حين طالب جهيمان المصلين والمسلمين خارج الحرم بمبايعة القحطاني خليفة للمسلمين مستخدما سفك الدماء في مكان شدد فيه القرآن علي حرمة الدماء, وضرورة توفير الأمن والأمان لكل من فيه كما جاء في قوله تعالي( ومن دخله كان امنا) إلا أن المعني السياسي للإرهاب تجاهل هذا المرتكز الديني وغيره الكثيرمن الدلائل والمرتكزات ولم ير الإرهابيون قط إلا المعني السياسي والذي جعلهم يقتلون ويجرحون المئات دون اعتبار للامر القرآني.. ثالثها.. في غزة بفلسطين, يواجه اخواننا هناك القوة والجبروت والصلف الإسرائيلي علي مرأي ومسمع من العالم مطالبين بحقوقهم في الحرية والاستقلال, مما يؤكد انهم يعيشون حالة من المقاومة المشروعه ومن المفارقات ايضا أن تسمي هذه المقاومة إرهابا وهو ما يلزم ضرورة التفريق بين المعنيين, المقاومة والإرهاب. رابعها.. في افغانستان وفي عام1979 قام الجيش السوفيتي باحتلال افغانستان, مما أدي إلي قيام الأفغان برفع راية الجهاد في مواجهته, واستمرت هذه الرحلة الجهادية عشر سنوات, وانتهت بهزيمة السوفييت وانتصار المجاهدين الأفغان.. هذه الحالة المشروعة من المواجهة والتي رفعت راية الجهاد في العصر الحديث, أبت السياسة والميديا والرؤية الغربية إلا أن تجعل من هؤلاء المجاهدين الأفغان إرهابيين, وان كانت هذه الحالة بعيدة كل البعد عن الإرهاب بالمعني الديني والذي لم يرد الا في اية واحدة( واعدا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)لم يتحقق هذا المعني لانه لم يكن لدي المجاهدين الأفغان من قوة يمكن أن ترهب او تردع الجيش الروسي. بعد هزيمة الجيش الروسي في أفغانستان وخروجه فيها, تعرض المجاهدون العرب بقيادة اسامة بن لادن إلي حملة عالمية ضارية تتهمهم بالإرهاب وتمنعهم من العودة إلي بلادهم مما دفعهم إلي العمل السري وتأسيس تنظيم القاعدة والذي قام بعدة عمليات إرهابية أبرزها تفجير برجي التجارة بنيويورك11 سبتمبر2001, وتفجيرات مدينة الخبر بالسعودية في25-6-1996 والتي استهدفت عسكريين أمريكيين. وأجانب. الواضح من هذه التفجيرات أن المبعث الأساسي وراءها هي الدوافع النفسية والانتقام, لأنه كان من الممكن الاستفادة من خبرات هؤلاء العرب المجاهدين في بلادهم, ومن ثم تدارك أخطارهم بدلا من الضغط عليهم وتحويلهم الي قنبلة موقوته لكن الذي لاخلاف عليه أن الاسلام يرفض ترويع أو قتل المدنيين الأمنين مهما كانت الأسباب ولو كان أثناء الحرب أو القتال. خامسها.. دفعت مصر ثمنا باهظا للإرهاب في عدة مواقع, أبرزها قتل الرئيس السابق محمد أنور السادات في السادس من اكتوبر عام1981 وهو ماله من ابعاد سياسية, وكذلك مذبحة الاقصر في17 نوفمبر1997 والذي راح ضحيتها اكثر من ستين سائحا من الاوروبيين الآمنين وهي الحادثة التي تشير الي الجهل والبعد عن صحيح الدين, لأن هؤلاء السائحين هم من المؤمنين, والذين يفرض الإسلام علي مصر حكومة وشعبا أن تؤمنهم و تحميهم لأنهم ليسوا بقتلة ولا محاربين من أواخر وأبرز عمليات الإرهاب في مصر ماحدث في أول يناير الماضي, من تفجير كنيسة القديسين في الاسكندرية, والذي أدي إلي مقتل21 أكثرهم من المسيحيين والمارة, وهذه الحادثة بعينها كانت ومازالت مثار جدل بين المحللين, فمن قائل انها من صنع أجهزة أمن الدولة لتغطي علي حالات الفساد التي كانت شائعة وتصرف الرأي العام عن قضية التوريث, ومن قائل علي لسان الداخلية المصرية في23 يناير الماضي قبيل الثورة بساعات, أن المسئول عن هذا التفجير( منظمة جيش الإسلام الفلسطيني) وهي منظمة فلسطينية في غزة, وكلا الرأيين يؤكد أن الدافع وراء العملية لم يكن دينيا بل كان لتحقيق أجندة أمنية في المقام الأول, لأن دلائل الأمان بين المسلمين والمسحيين في مصر علي مدي التاريخ كثيرة وموجودة في الواقع. آخر الممارسات الارهابية في مصر هو إرهاب الدولة الذي قامت به قوات الأمن ضد المتظاهرين المسالمين في ثورة25 يناير وقتلت أكثر من ألف وجرحت الالاف, هذا من أبشع أنواع الارهاب, والاسلام يرفضه ويبغضه ويشدد عقوبته وهي الثورة لتغيير ومحاكمة هذا النظام ثم القصاص من المجرمين. الأمثلة اكثر من أن تحصي إلا أن أبرز الادلة التي تستخدمها الميديا الغربية والرؤية المعادية للإسلام هو الفهم الخاطئ لقول الله تعالي( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) لأن كل المفسرين قالوا أن المقصود بكلمة ترهبون هنا هم العسكريون أو المحاربون والمقاتلون بعيدا كل البعد عن المدنيين.. والرهبة هنا بمعني إثارة الرعب في نفوس الأعداء وتخويفهم لمنعهم من الإعتداء علي المسلمين, وبالجملة إنه إجراء إحترازي, ووقائع السيرة النبوية تؤكد هذا المعني كما يدعمه قول الله,( لا إكراه في الدين) و(ولا تزر وازرة وزر أخري) بل حث الإسلام علي عدم الإعتداء علي الغير, وحدد القرآن الكريم من يجب مقاتلتهم في قوله تعالي( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا) بل إن القول الفصل في هذا أن الإسلام امرنا بالبر والإقساط لغير المسلمين من المدنيين المسالمين فقال تعالي( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين). ان الدلائل القرآنية والسنه النبوية تؤكد أن الإسلام دين السلام وان الإرهاب بمعناه العصري المتداول يرفضه الإسلام ويبرأ منه.