لشاعر العربية الكبير ابي الطيب المتنبي بيت شهير أشبه بصرخة مدوية اطلقها منذ أكثر من الف عام, في قصيدته التي مطلعها فهلا كان نقص الأهل فيها... وكان لأهلها منها التمام. ويبدو ان المتنبي كان مشغولا بفكرة التمام, فكان يري ان اخطر عيب للانسان هو استطاعته الوصول إلي التمام ولايفعل. ولم ار في عيوب الناس شيئا كنقص القادرين علي التمام, وإذا كنا لانبرئ ابا الطيب من الانانية المفرطة والأثرة التي عرف بها طيلة حياته, ولكننا نتفق معه في هذا البيت تماما. إن الناظر في مجتمعنا ويا للاسي ليري امراضا عديدة انتشرت وثبتت وترسخت في جسده حتي كدنا نفقد الأمل في الشفاء منها, من أبرز هذه الامراض التي انتشرت في بلادنا: الانشغال بالآخر علي حساب الانشغال بالذات.ماذا علينا لو صرفنا كل هذا الجهد في الاهتمام بالآخر للاهتمام بأنفسنا وتطويرها ورقيها, وأحببنا لغيرنا ما نحبه لأنفسنا؟! هل صار قدرا علينا ان نوجه كل مشاعرنا السلبية للآخر, ونبدي العداوة والخصام تجاهه؟! وماذا عسانا ان نفيد من ذلك؟! لقد علمتنا الحكم والأقوال المأثورة وأيدتها تجارب الحياة أن يد الله مع الجماعة وتأبي الرماح اذا اجتمعن تكسرا.. فاذا افترقن تكسرت احادا المرء قليل بنفسه, كثير باخوانه. إن من أهم نجاح ثورة 25 يناير المجيدة التوحد تحت هدف واحد, والوقوف علي قلب رجل واحد, ونسيان الانا في سبيل الآخر, وتحول الشعب كله إلي يد واحدة, وتواضع كل واحد فينا للآخر صغيرنا وكبيرنا, غنينا وفقيرنا, وسادت روح الأخوة بين كل طوائف المجتمع, حتي تحقق لنا ما أردنا, وغيرنا ما بأنفسنا, فغير الله ما بنا. نصرخ كما صرخ المتنبي من قبل من أجل الشوق إلي حياة إنسانية, ومجتمع يسعي إلي التمام والكمال, لا إلي الفتنة ونقص الفعال.