محمد ابن عمي محام شاب صعيدي يمتلك مطعما سياحيا في الأقصر ويعمل في مجال السياحة مثل غالبية شباب الأقصر، اتصل بي منذ عدة أيام وهو يصرخ: حرام عليهم أنا "حيتخرب" بيتي. سألته بفزع شديد: من هؤلاء ؟ رد بصوت عال: شباب التحرير. وما علاقة شباب التحرير بما يحدث لك؟ السياحة عندنا في الأقصر شبه منهارة.. نحن نعيش في كابوس التجار وباعة التذكارات حرموا من زبائنهم. فقد أصبحت الأقصر مدنية خاوية بعد خلو فنادقها وبازاراتها من السائحين وتعطل مرشديها عن العمل. الوضع خطير جداً. شركات السياحة لا تعمل، ولا أحد يبيع شيئاً. هل تصدق أن الفنادق والمطاعم شبه خالية من السائحين.. هل تصدق أن فندق "ونتر بالاس القديم" به خمس سائحين فقط هذا الوقت الذي يعد ذروة الموسم السياحي، تكون فنادق الأقصر عادة كاملة العدد، لكن الثورة الشعبية على النظام، وأعمال العنف في العديد من أنحاء البلاد دفعا السياح الذين كانوا موجودين إلى الفرار والآخرين إلى إلغاء سفرهم ليخلو مطار المدينة من أي طائرة تشارتر. وعلى ضفاف النيل، تصطف على الرصيف العشرات من السفن السياحية الخالية. سألته بخبث: هل أنت من فلول النظام القديم؟ أجاب بحماس: النظام القديم كان خرابا علي الأقصر كلها والمحافظ القديم "منه لله" هدم البلد كلها لتصبح متحفا مفتوحا.. ولكن الذي حدث أن البلد تم بيعها لرجال الأعمال وأكيد سمعت عن صفقات الأراضي مع حسين سالم وغيره.. لقد تغير طابع البلد فأنت تعلم أن كل بلد لها طابع وهذا الطابع الروماني القديم كان من سمات الأقصر لقد ضاعت ملامح وتراث ذلك البلد وتحولت الي مدينة مجهولة الهوية. قلت له مستفسرا: ولكن وجود الآثار يجعلها المدينة رقم واحد في العالم لزيارة السائحين. أجاب: أين هذه الآثار لقد تم نهب جزء كبير منها قبل وبعد الثورة وأكيد سمعت عن هجوم من يوم لآخر علي مخازن الآثار وسرقة ما به.. والمتحف تجد به آثار هزيلة لا تليق بمتحف مفروض أنه عالمى.. والجداريات والرسوم المنقوشة علي بعض المعابد لم تعد موجودة ولا نعرف هل بسبب عوامل التعرية أم السرقات أم ماذا؟! وهناك سؤال يحيرني دائما كيف نقيم معارض لآثارنا في الخارج ونحن يمكن اقامتها في بلدنا.. ونستفيد مرتين بما يدفعه السائح لمشاهدة الآثار وبما سيدفعه للإقامة لدينا في مصر؟! وختم ابن عمي مكالمته قائلا: "ده أكل عيش" ولو اعتصامات ميدان التحرير استمرت سنقوم نحن الصعايدة بهجوم لفض هذا الاعتصام.. يجب أن يتركوا الميدان حتي تعود الحياة لطبيعتها لقد قاربنا علي الافلاس وعندما يجوع الانسان لا يعرف ولا يقدر عواقب ما يفعله.. كفانا إعتصامات وتظاهرات صدقني البلد الآن في أيد أمينة وهي المجلس العسكري الذي حمي الثورة منذ يومها الأول ولو كان يريد التآمر علي الشعب لفعل مثلما فعل جيش سوريا وليبيا مع الشعب.. صدقني هذا انذار أخير.. فالصعايدة قادمون. المزيد من مقالات عادل صبري