من هم شركاء الثورة؟! إنهم الثوار في ميادين التحرير, والحكومة الجديدة, والمجلس العسكري, وقبل ذلك وبعده, عشرات الملايين من المصريين القلقين والمتعاطفين والآملين في وصول سفينة الوطن الي بر الأمان, والذين لن يتحدث باسمهم إلا رئيس ومجلس تشريعي منتخبان وفقا لقواعد الديمقراطية, كما تهدف المرحلة الانتقالية الحالية, كما لا يمكن أن ننسي دور النخبة والإعلام في شراكة المناخ العام للثورة. وعندما تكون هذه الثورة في مفترق الطرق, فهنالك الحاجة الي نقطة نظام توجه للجميع, من منطلق الشراكة الكاملة التي ذكرناها. بالنسبة لثوار ميادين التحرير, وائتلافاتهم العديدة, أرجو أن يضعوا تحركاتهم ومطالبهم في إطار الصورة الكاملة لأوضاع الوطن الأمنية والسياسية والاقتصادية, والتحديات والمخاطر الخارجية, فعلي سبيل المثال, أخشي من اتجاه قلة منهم إلي تجاهل أحوال الاقتصاد والبورصة والسياحة والإنتاج, واعتبار الحديث عن ذلك من قبل الثورة المضادة. إنهم غير مسئولين عن هذه الأوضاع, لكننا يجب ألا نغمض الطرف عنها. كما أخشي من الاتهامات العديدة, واستعراضات القوة المتبادلة, لأن ذلك يذكرنا بمقولة أن الثورات تأكل أبناءها, لا قدر الله. كذلك أتمني عدم الانزلاق إلي المراهقة الثورية والعناد وتصعيد التحركات والمطالب دون حساب للعواقب, وتدفعني بعض الظواهر الي القلق البالغ من أن تتحول القدرة علي الحشد الثوري من مواجهة المشكلات الي مواجهة الشركاء, كل الشركاء, فيتحول الأمر من إسقاط نظام إلي إسقاط الوطن. مرة أخري, لا قدر الله, فهذا أمر لن يكون, ولا يرضاه أحد, لكننا يجب ألا نستهين به.. أما الحكومة والمجلس العسكري, اللذان أوكلت لهما الثورة إدارة الفترة الانتقالية, فلابد أن يتفق فكرهما وفعلهما مع المناخ الذي تتم فيه هذه الإدارة, هنالك موضوعات تكتسب عند الشعب حساسية خاصة, كمحاكمة الفساد وقتلة الشهداء. والكل يطالب بالعدالة الناجزة, مع العلانية والشفافية. وهنالك مطالب ملحة بتطهير وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة, وليس الداخلية فقط, كإحدي مهام المرحلة الانتقالية, وهنالك الرغبة في الاطمئنان إلي التوازن في التعامل مع القوي السياسية, واستعادة الأمن بالصورة التي تسمح باستكمال خارطة الطريق المؤدية الي الدولة الديمقراطية العصرية ذات الحكم المدني مهام ثقيلة, أرجو الله أن يعينهما عليها, وأن ندعمهما في انجازها. يأتي بعد ذلك الدور الحاسم لجموع الشعب, الذين يتحدث الجميع باسمهم. علي أية حال, إنهم الأهل والعائلة الكبيرة للشركاء السابقين, الثوار والحكومة والمجلس العسكري. لقد قامت الثورة ودعمها الجيش من أجلهم, وعليهم المساعدة في نجاحها وتحقيق أهدافها, يمكنهم ذلك بترك الماضي وملفاته للقانون والتاريخ, دون أن يعني ذلك التفريط أو عدم المتابعة, مع مساعدة الشرطة في إستعادة الأمن, والعودة الي العمل والإنتاج. كما يمكنهم تفعيل دور المجتمع المدني في مواجهة المشكلات الحياتية وتقديم الحلول ولعب دور إيجابي في انتخابات النقابات والهيئات والمشاركة الحزبية. كل ذلك سيمثل عاملا حاسما في تحديد بوصلة المستقبل بما يتلاءم مع مصر الجديدة. أخيرا, تتوجه نقطة النظام الي النخبة والإعلام, وهما يحتاجان الي معالجة مستفيضة مع ذلك يمكن باختصار أن نذكر الدور التحريضي الرائع للنخبة, الذي أدي إلي الثورة وعليها الآن أن تتحول الي طليعة, بالمعني العضوي وليس الايديولوجي القديم, تشحذ همة الجماهير في بناء المستقبل, أما الإعلام, فنتمني أن ينجح في أن يكون جزءا من الحل, لا جزءا من المشكلة, ولا أزيد!!!