اختيار السيد محمد العرابي وزيرا للخارجية في هذه المرحلة اختيار صائب يصب في مصلحة ومستقبل الاقتصاد المصري, لأننا نحتاج في المرحلة الحالية والمقبلة إلي رجال قادرين علي أداء مهمة الدبلوماسية الاقتصادية, فالاقتصاد المصري في مرحلة حرجة, وللأسف تفرغت النخبة إلي القضايا السياسية, ولم يتنبه الكثيرون إلي أهمية البعد الاقتصادي في تحقيق طموحات وآمال ثورة 25 يناير. هناك تحديات هائلة تواجه الاقتصاد المصري وأولها استعادة الثقة في مناخ الاستثمار, وجذب رءوس الأموال العربية والأجنبية للمشاركة في عملية البناء والتنمية, وتوفير فرص عمل للشباب. إن التحدي الأكبر أمام أي حكومة مصرية مقبلة هو توفير فرص العمل, وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بضخ استثمارات جديدة في شرايين الاقتصاد المصري. وإذا كانت المدخرات المحلية غير كافية لتوسيع النشاط الاستثماري فلا محالة من الاستعانة بالاستثمارات الأجنبية, من هنا تأتي أهمية الدبلوماسية الاقتصادية, والسيد محمد العرابي, وزير الخارجية يعد مكسبا كبيرا مؤهلا للقيام بهذا الدور بما يمتلكه من خبرات متراكمة تجمع بين الحنكة السياسية والرؤية الاقتصادية. صحيح أن نجاح مصر في التحول نحو الديمقراطية سيزيد من جاذبيتها أمام المستثمرين, ويمكن الأمر يحتاج إلي جهود ورؤية وتصورات خاصة لإقناع المستثمرين لأن المنافسة علي جذب الاستثمارات ستكون شديدة, بعد الثورات العزلية في ليبيا, وسوريا, واليمن, بالإضافة إلي تركيز دول الاتحاد الأوروبي علي إنقاذ اليونان والبرتغال والتوجه نحو دول إفريقية أخري جاذبة للاستثمار. ومع ظهور بوادر لاضطراب في منظومة الاقتصاد العالمي تزداد أهمية الدبلوماسية الاقتصادية علي الساحة العالمية, ولعل زيارة الرئيس الصيني الأخيرة لأوروبا, والتي سيطر عليها البعد الاقتصادي تؤكد أهمية الاقتصاد في علاقات مختلف دول العالم. والوزير محمد العرابي يدرك كل هذه الأبعاد, وأعتقد أنه سيضع البعد الاقتصادي ضمن أجندته في كل لقاءاته وزياراته ليجعل من الدبلوماسية المصرية قاعدة لاستعادة الثقة في الاقتصاد المصري بعد ثورة 25 يناير, وهذه مهمة نراها تمثل أولوية قصوي لمصر وأنها مهمة صعبة للغاية, ولكن العرابي أهل لها والأقدر علي القيام بها.