إذا كان عالم «الاخوان المسلمين» مثيرا لكثيرين سواء إعجابا بفكرهم أو استنكارا له ..فإن عالم «الأخوات» أكثر إثارة، فبدا للعامة أن الأخت تسكن «الحرملك» خوفا من البطش الأمني، وتربى أبناءها انتظارا لعودة الأب المغيب خلف قضبان الاعتقالات، لكن ما لمسناه من عدة لقاءات مع بعض الأخوات بعد ظهورهن بشكل علنى منذ 60 عاما فى مؤتمر حاشد الاسبوع الماضى يقول غير ذلك. لم يكن فى «الحرملك» بل كن يعملن لكن فى حدود، والآن صار لديهن إصرار على المزيد من العمل بعد تطهير مصر من النظام السابق.. فهن على استعداد للبرلمان .. ينخرطن فى دورات لإعداد الكوادر .. يتحدثن عن خدمة البلد .. وعن مكتب الإرشاد .. وعن درجات الاخت «المحبة والمنتسبة والعاملة».. وعن المنزل والزواج والابناء. الأخت درجات أول ما يتبادر للذهن عند الحديث عن الأخوات، طبيعة النشأة وكيفية الالتحاق بالجماعة ونوعية المناهج التى تتلقاها الاخت، وتصل من خلالها الى هذا الثبات فى مقابل موجات الاعتقالات المتوالية للأزواج والآباء فى العقود السابقة، والأخت درجات كما تقول هدى عبدالمنعم المحامية بالنقض والدستورية والادارية العليا وعضو اتحاد المحامين العرب وهيئات استشارية عديدة وأمين مساعد لجنة المرأة بشرق القاهرة، فهى أولا الأخت المحبة، وهى لا تعادى الجماعة، بل تحبها لكن دون الانتساب لها، والأخت المؤيدة أى التى تؤيد تحركات الجماعة أو أى أخت، والأخت المنتسبة وهى أخت لا تشارك بالعمل ولا تتبرع باشتراك، أما الأخت العاملة فهى الأخت التى تعمل فى الجماعة وفق المهام المكلفة بها ووفق رغبتها الشخصية فى طبيعة الخدمة التى يمكن أن تؤديها، وهى تتبرع باشتراك شهري. لذلك تقول هدى التى التقينا بها فى منزلها إن الاشتراك الشهرى لأعضاء الجماعة نقوم من خلاله بجميع الأنشطة ولانقبل أى تمويل من الخارج، ف 10% من الدخل الشهرى الاجمالى لكل أخ أو أخت كافية تماما للوفاء بمتطلباتنا وأنشطتنا، فضلا عن أن الكثير من الاخوة يتبرعون بمبالغ أخرى إضافية كل حسب مقدرته. وتحكى المحامية المعروفة عن التحاقها بالجماعة قائلة «فى عام 1977 وأنا فى الفرقة الأولى بكلية الحقوق جامعة عين شمس حضرت لقاءات مع الجماعة الاسلامية وكان من بينهم اخوان، فاختارونى وتعرفوا على ورحبت بذلك، ووصلت الى الحاجة زينب الغزالى رحمها الله التى كانت مسئولة عن قسم الاخوات المسلمات وقتها، وتتلمذت على يديها ومعى 10 طالبات، وكنا نذهب إليها يومين فى الاسبوع، نأخذ دروسا فى تفسير القرآن الكريم وربطه بالواقع، وكنا نرى كيف تتعامل الحاجة زينب مع العاملين لديها والزائرين لها من مختلف أنحاء العالم، فتربينا على يديها، فالقدوة أعلى درجات التربية». وتضيف المحامية هدى وهى أم لأربع بنات وجدة لحفيدة عمرها شهر، هذا هو منهج الاخوان باختصار «التربية الصحيحة» التى تبدأ من رعاية الأشبال أو الزهرات فى سن الطفولة وتخصيص مناهج شرعية وتربوية تناسب أعمارهم، مع تخصيص أوقات لاكتشاف المواهب واقامة رحلات ترفيهية، وكل مرحلة سنية لها مناهجها. وإذا ما أصبحت الأخت عاملة فى الجماعة أمامها مجالات عدة لخدمة بلدها، كما تقول الدكتورة وفاء حفنى استاذ مساعد الادب الانجليزى ورئيسة قسم اللغات بكلية الدراسات الانسانية بجامعة الأزهر، وحفيدة الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الاخوان المسلمين منها المجال الدعوى والتربوى والسياسي، ورغم أن الأخوات نشاطهن لم يكن واضحا باستثناء بعض النماذج اللاتى ترشحن للبرلمان، إلا أن الدكتورة وفاء تقول إن الاخوات كن يعملن لكن بشكل غير معلن، فلم تكن الجماعة تستطيع القول بوجود تنظيم من الاخوات خوفا عليهن من الملاحقات الأمنية، لكن فى بعض الأوقات كانت تسير الاخوات والاطفال فى مظاهرات ولا يستطيع الأمن الاقتراب منهن. وكان العمل يسير فى الاتجاه الدعوى أيضا والخدمى وتنتشر الاخوات فى الجمعيات الخيرية، فعلى سبيل المثال كما تقول الدكتورة وفاء فان 75% من أعضاء جمعيات «رسالة» من الجماعة، ويرجع هذا الى سعى الاخوان الى العمل الخدمى والخيري، كما توجد مكاتب استشارات زوجية تعمل عليها الاخوات، وتوجه خدماتها للجميع، كما أن مجلة «الزهور» أنشأتها الاخوات .. وتضيف حفيدة البنا «أى أن حالة التضييق الأمنى لم تمنعنا من خدمة مصر، رغم ما عانينه» فالاخوان مهيأون لخدمة الأوطان، ولا داعى للقلق من «ما تخافوش من الاخوان.. دول خدام الأوطان»، ولانسعى للزعامة، فقط نعلى فكر الاسلام، وأن الانسان نافع لغيره ومتجرد من الأنانية. البرلمان والإرشاد وشهدت انتخابات 2010 ترشح عدد من الاخوات على مقعد البرلمان، وكان من أبرز المرشحات الدكتورة منال أبو الحسن استاذة الإعلام بجامعة 6 أكتوبر وأمينة المرأة فى قطاع القاهرة الكبرى وعضو المؤتمر العام التى خاضت الانتخابات ضد وزير البترول السابق سامح فهمي، والتى أكدت ل «الأهرام» أن الضغوط الأمنية كانت عائقا أمام بعض الأخوات فى خوض الانتخابات، وقالت : أنا أمينة للمرأة فى القاهرة الكبري، ومعى 4 مساعدات ووقت الانتخاب لأمانة المرأة كانت الأخوات تخشين من تحمل المسئولية وكن يتنازلن عنها.. فلو كنا فى أى مجتمع آخر لكانت المنافسة شديدة. ورغم حرص الأخوات على المشاركة فى مختلف الأنشطة إلا أنهن غير ممثلات فى مكتب الإشاد ولا مكتب شورى الجماعة وهو ما يعتبره البعض اقصاء لدور «الاخت» لكن الدكتورة منال ترى أن الأسرة الإخوانية متواصلة، وأن رأى الأخوات يصل إداريا، بل يصل دوليا»، وقالت إن تطورا كبيرا يتم الآن من خلال ورش التطوير ومن المتوقع تمثيل الأخوات فى المكاتب الإدارية بشكل فاعل. لكن هدى عبد المنعم ترى أن وجود الاخوان فى مكتب الإرشاد ومجلس الشورى كاف، وقالت لا أشعر بأننا فى حاجة للتمثيل بالمكتب، وتضيف «وعلى أى حال لا يوجد منع ولا حظر لتصعيد الأخوات فى مكتب الإرشاد، فنحن لم نطلب ذلك». فى حين اختلفت معها رفيدة بدوى حاصلة على ليسانس اعلام فى أن المرأة يجب أن تمثل فى مكتب الإرشاد، لأنهن «شقائق الرجال»، فيجب أن يتواجدن فى كل موقع، وقالت ربما كان التضييق الأمنى سببا لعدم وجودنا فى المكتب، لكننا نطالب بمقاعد فى المكتب ومجلس شورى الجماعة. بينما ترى الدكتورة وفاء حنفى حفيدة الإمام البنا الأخت تحتاج دورات تدريبية للالتحاق بمكتب الإرشاد وتقول «صعب ايجاد مسئولة تلتحق بالمكتب مرة واحدة لابد من التدريب، فكل شئ لدينا بالدورات، حتى المقبلات على الزواج لهن دورات». الأخوات والزواج وبمناسبة الزواج، هل يجب على الأخت أن تتزوج أخا؟ ترى الدكتورة وفاء أن المرحلة السابقة كانت تتطلب فعلا زواج الأخت من أخ لأن غير الأخ يمكن أن يمنعها عن العمل، وخاصة فى ظل الملاحقات الأمنية السابقة، وهنا لابد أن تنفذ رأيه، لأن الأخت مادامت «عاملة» يجب أن تعمل. وقبل الانتخابات يستشير مكتب الارشاد الأخ الذى تم اختيار زوجته للترشح للبرلمان، ويأخذ موافقته على ترشح زوجته، فإن وافق رشحها المكتب وأن رفض امتنع المكتب عن ترشيحها، هذا هو النظام السائد كما تقول هدى عبد المنعم المحامية، وتقول «تعرضت لهذه التجربة حين أرادت الجماعة ترشيحى ورفض زوجى خوفا من الملاحقات الأمنية، وبالطبع استجبت أنا والجماعة لرأى زوجي، فالأساس هو رأى الزوج، والأخت تربت على طاعة زوجها طالما أنه لا يأمرها بما لا يخالف الشرع. وترى أن معيار الزواج ليس أن يكون الزوج «أخا»، لكن أن يكون ذا دين وخلق، وقالت «زوج ابنتى أخ عامل، بينما خطيب ابنتى الثانية أخ محب». أما رفيدة بدوى وهى أم شابة لابنة فى شهورها الأولى فتقول «زوجى أخ وسأنزل الى العمل فورا، وكل طموحى الآن الوجود فى المحليات والمنافسة فى انتخاباتها، لأن المرأة قادرة على خدمة الحى الذى تقطن فيه، وتقول «أنا ممن يحبون التدريس للأطفال وأرى أنهم الأمل الآن، خاصة بعد الثورة واضافت «لدى عزم واصرار على العمل بعد فك القيود الأمنية»، وقالت وهى ابنة لأحد القياديين فى الجماعة عشنا سنوات من العذاب ونحن نرى ضباط أمن الدولة يقتحمون بيتنا ويقبضون على والدنا فجرا وسط صرخاتنا دون أى ذنب اقترفناه، حتى أن أختى الصغيرة كانت وهى فى عامها الرابع تصرخ اذا وجدت أمين شرطة فى الشارع وتختبئ تحت مقعد السيارة من هول ما رأته من مواقف «.. وتبتسم» الحمد لله، اليوم نعمل ونجتهد أكثر لخدمة مصر». أحلام الأخوات بماذا تحلم الأخت وماذا تدخر لمجتمعها؟ وكيف الطريق لتحقيق الحلم؟ بالطبع احلامهن كثيرة.. لكن ليس من بينها الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، فأجمعت الاخوات على أن الرئاسة للرجال، وليس لأن المرأة أقل، لكن لأنها «عاطفية» فهدى عبد المنعم ترى أن «عاطفية» المرأة قد تكون عائقا فى توليها الرئاسة، وتشاركها أيضا رفيدة، بينما ردت الدكتورة وفاء بأن الافضل اجراء تحليل نفسى للطرفين لقياس مدى قدرة المرأة بالمقارنة مع الرجل لاتخاذ القرارات الصحيحة، واصدر الازهر فتوى عن شرعية تولى المرأة الرئاسة، بينما رأت الدكتورة منال أبو الحسن أن الكلام عن تولى المرأة الرئاسة لا محل له من الاعراب. وكما أن الاخوان المسلمين لم يحددوا موقفهم من مرشحى الرئاسة، فان الاخوات ايضا ما زلن ينتظرن، فهدى عبد المنعم ترى أن الوقت مازال مبكرا وأن القانون المنظم للرئاسة لم يصدر، وبالتالى فهى تنتظر الموقف النهائى لكل المرشحين، بينما فاجأتنا الدكتورة وفاء بأنها تتمنى ترشح الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء، ويراود الدكتورة وفاء حلم البرلمان وقالت «انا على استعداد للترشح اذا طلب منى ذلك، فنحن خدام للوطن». ولم يحدد حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة الاسماء التى سيتم ترشيحها فى الدوائر المختلفة، لكن الدكتورة منال أبو الحسن وهى المرشحة السابقة فى برلمان 2011 امام سامح فهمى تقول إن عددا من الرموز تم ترشيحها على مستوى الجمهورية ومنهم 100 من الاخوة والاخوات لاختيار المرشحين ومسئولى الدعاية والمتحدثين الاعلاميين، وبشكل عام الكوادر السياسية، لكن الشكل النهائى لم يتبلور بعد.