إن ما يميز علم تفسير الأحلام أنه علم تتغير أصوله باختلاف أحوال وهيئات الناس, وكذلك باختلاف الأوقات والأزمان, ولذلك يحتاج مفسر الأحلام أن يكون عالما بكتاب الله وبحديث رسوله صلي الله عليه وسلم وأمثال العرب, ويكون عارفا بأحوال الناس, وأن يكون طاهرا من الذنوب, ويجب أن يتحلي مفسر الأحلام أيضا بالأمانة علي الأسرار, يقول ابن القيم في أعلام الموقعين فالمفتي والمعبر والطبيب يطلعون من أسرار الناس وعوراتهم علي ما لا يطلع عليه غيرهم, فعليهم استعمال السر فيما لا يحسن إظهاره. يقول السيد عزت المرسي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إن الرؤي يعتبرها أهل العلم باعتبارات مختلفة, فلا يصح أن يطلب تفسيرها من كتب الأحلام مباشرة لأن الرؤيا لها شروط وتحتاج إلي علم واسع, فربما يري الشخص رؤيا تحزنه ويكون تأويلها خلاف ذلك, ويبين ابن قتيبة شرف هذا العلم بقوله: وليس فينا يتعاطي الناس من الرؤية لأنها جنس من الوحي وضرب من النبوة, ومن الأمثلة علي اختلاف التأويل باختلاف أحوال الناس ما روي عن ابن سيرين أن رجلا قال له: رأيت كأني أوذن قال له: تحج, وأتاه آخر فقال: رأيت كأني أوذن فقال: تقطع يدك! فقال له جالسوه: وكيف فرقت بينهما والرؤيا واحدة؟ قال: رأيت للأول سيماء حسنة, فتأولت قوله تعالي وأذن في الناس بالحج ولم أرض هيئة الثاني, فتأولت قول الله تعالي, ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون لذلك قال الذهبي عن ابن سيرين:( وله في ذلك تأييد إلهي) فرؤية الشيء الواحد يكون له عدة تفسيرات باختلاف حال الرائي كرؤية الشمس تأول علي تسعة أوجه علي الإمامة والملك والعالم والأمن الظاهر والوالد والزوج وغيرها, والقمر يؤول علي ستة عشر وجها حسب حال الرائي أيضا فربما يؤول برئاسة أو بولادة بنت أو بأمر باطل إن كان لاضوء له. ويضيف السيد عزت المرسي من الجائز أنه ربما فسرت الرؤيا خطأ وشاع في ذلك خطورة, ولكن قول النبي صلي الله عليه وسلم لأبي بكر: أصبت بعضا وأخطأت بعضا, ولم يبين لأبي بكر ما أخطأ فيه, دليل علي عدم الخوف من الخطأ في تأويل الرؤيا, أما عن وقت تحقق الرؤيا فغير معلوم, ولا يوجد سند شرعي نستطيع أن نقول إن الرؤي تتحقق فيه, فإن بين رؤيا يوسف عليه السلام وتأويلها أربعين سنة وأيضا تؤول رؤيا غير المسلم وأهل السجون والعاصي والفساد, لأن عزيز مصر رأي سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف فأولها يوسف عليه السلام, وكذلك رؤيا أصحاب يوسف في السجن, وكذلك يحكي أن فرعون مصر رأي رؤيا في منامه فأولت له بخروج رجل من بني إسرائيل, يكون علي يده خراب ملك فرعون, فكان موسي عليه السلام.