سويعات قليلة من عمر الزمن، هو الوقت الحقيقى لانهيار النظام السابق، فمنذ إعلان الرئيس السابق عن تنحيه فى الحادى عشر من فبراير الماضى، أخذ نظامه فى الانهيار بسرعة شديدة رآها البعض غريبة، فيما رآها الغالبية متوقعة نظرا لهشاشة النظام. مجلس الشعب جاءت الغاليبة العظمى من أعضائه بالتزوير، وكذلك مجلس الشورى، حكومة كانت تعمل لصالح فئة قليلة جدا من الشعب المصرى اطبقة رجال الأعمالب حتى بات أكثر من 40% من مواطنيه تحت خط الفقر، فساد طال الجهاز الإدارى للدولة وتوغل و توحش، وأصبح سمته الغالبة. حزب واحد تخطى أعضاؤه الملايين الثلاثة، كان يسمى حزب الحكومة، و كان المدخل لأى وظيفة مرموقة، بعد أن يضفى عليها أمن الدولة لمسته المشهورة، وأحزاب أخرى لقبت بأحزاب المعارضة رضيت بأن تلعب دور الممثل السنيد فى المشهد السياسى المصرى دون أن تكون لها الفاعلية المطلوبة فى الحياة السياسية بالشكل المأمول. عناصر كثيرة تكاتفت بشكل منظم لإنجاح مشروع التوريث ذ رغم المعارضة المكتومة و المعلنة أحياناً ولأنه كان الهدف الوحيد تم فى المقابل القضاء على باقى مشاريع الشعب المتعلقة بأحلام و طموحات أبنائه الشرفاء الكادحين. وقامت ثورتنا المجيدة، و التى بذل فيها شبابنا دماءهم الطاهرة من أجل استعادة بلدنا من يد حفنة من الطغاة سرقوا أحلامنا و ثرواتنا، و بدأت مصر تعيش عصر الحرية الحقيقية، و لكى تكون حرية مسئولة و بناءة لابد من التفكير السليم الفعال فى مستقبل هذه الأمة، ولكى نتلافى أخطاء الثورات السابقة التى أكلت أبناءها، يجب علينا جميعا التحرك بإيجابية. كيف؟ فالحياة السياسية فى مصر الآن أصبحت شبيهة بالمسرح الذى يعتليه الممثلون بمختلف أدوارهم ويسبقهم الفنيون الذين يقومون بإعداد المسرح وأخيرا الجمهور الذى يجلس فى صالة العرض يصفق احيانا وأحيانا أخرى دون رد فعل يذكر. هذا هو الحال الآن، ميدان التحرير وأشباهه فى المحافظات المختلفة هو المسرح بكل أدواته.. و الشعب المصرى هو الجمهور، و لكن من هو المخرج، وكيف يدير العرض المسرحى هذا هو السؤال الملح الآن؟ يبدو أن هذا العرض المسرحى بالنسبة لى على الأقل يديره أكثر من مخرج حسب المعطيات والأولويات التى تتغير بين حين وآخر، و أيضا حسب الضرورات. قوى سياسية تتشكل بسرعات كبيرة، ائتلافات يصعب حصرها، حتى يمكن أن نقول إن هناك ائتلافا لكل مواطن، تتفق أو تختلف ليس من الأهمية فى شىء، فالمهم هو وجود الائتلاف، ليظهر مجموعة من متزعميه فى وسائل الإعلام المختلفة، يتحدثون عن مطالب ائتلافهم، مؤكدين شرعية ائتلافهم، وفى هذا الزخم السياسى الكبير جاءت جموع كثيرة وصولا الى جمعة االثورة أولا.. و التى تنادى بمطالب أرى فى كثير منها حقا مشروعا، ثم إستجابة لبعضها من الجهات المسئولة.. وفى هذه الأثناء عم الانفلات المجتمع بكل أشكاله (أمنى، أخلاقى..، ألخ) الأمر الذى أدى إلى خلق صورة ذهنية سلبية عن مصر لدى العالم الخارجى، فجاء اعتذار الرئيس البرازيلى عن عدم زيارته لمصر لهذا السبب، ومن قبل عزوف السياح عن زيارة مصر لدرجه أن هناك بعض الدول باتت تحذر رعاياها من زيارة مصر فى الوقت الحالى، و من يصر على زيارتها ، يتحمل مسئولية نفسه!! و النتيجة خسائر مهولة بسبب قلة أعداد السائحين. الأمر الجدير بالملاحظة أن مخرجى العرض المسرحى الحالى، أو بمعنى أدق زعماء التيارات السياسية المختلفة اتفقوا على تحييد أجنداتهم الخاصة مؤقتا وصولاً إلى تحديد أهداف موحدة أرى أن الجمهور االأغلبية الصامتةا يؤيدها و يوافق عليها و بشدة، الأمر الذى يجعلنا نسترجع روح 25 يناير ، حين وقف الشعب المصرى كله على قلب رجل واحد، مطالبا بحريته التى سرقت منه ، و ليلة الإعلان عن تنحى الرئيس السابق عاشت مصر ليلة لم تعش مثلها منذ عقود، و بدأت بذور الأمل تنمو و تنمو، ثم تمر الأيام تلاحق بعضها، و لم يجد الناس تغيرا إيجابيا بل العكس تماما. شهداء الثورة لم يتم القصاص لهم، ارتفاع فى الأسعار، وجود أمنى غير ملموس، بلطجة متزايدة، حتى وإن كانت غير مباشرة، وعد بزيادة الأجر لم يتحقق، تصريحات متضاربة أدت إلى حالة من القلق انتابت المواطن، وأصبح الأمر شبيها باللغز! وأخيراً كيف يمكن إسدال الستارعلى ذلك العرض المسرحى بطريقة ترضى الجمهور الذى قارب على الانفجار.. الأمر جدير بأن يحظى بكل الاهتمام والفرصة مازالت قائمة حتى الآن! المزيد من مقالات عماد رحيم