استجداء الحوار! سبحان مغير الاحوال.. الملوك والرؤساء ينشدون الحوار, والمعارضون والثائرون يتدللون.. معظم القادة والزعماء العرب يستجدون اليوم الحوار استجداء من شعوبهم الغاضبة علي أوضاعهم المزرية علي مدي عقود طويلة.. يستجدونه من البؤساء والضعفاء والمساكين الذين ثاروا علي الظلم والفساد والطغيان في وقت كان المسئولون فيه ينعمون بكل مظاهر القوة والثراء والسلطان. والسؤال هو لماذا الآن؟ لماذا بعد أن فاض الكيل.. وانتفضت الشعوب.. واهتزت العروش.. واختلطت فيه المطالب العادلة بالشروط القاسية والمطالب التعجيزية التي يصعب تحقيقها في فترات وجيزة؟ لماذا الآن بعد ان انقلبت المعايير وتغيرت الموازين.. واصبحت صيحات الشعوب هي العليا وكلمات ووعود المسئولين هي السفلي؟ أين كان هؤلاء القادة والملوك والرؤساء وشعوبهم تئن ألما وجوعا وبؤسا وإحباطا؟ أين كانوا وسجونهم تمتليء بمئات المعتقلين السياسيين والاصلاحيين..؟ أين كانوا وقت ان انهالت عليهم النصائح بضرورة التطوير والتحديث والتغيير وهم ودن من طين وأخري من عجين؟! أنظر في عيون ووجوه المسئولين العرب وهم يتوسلون ويقولون إنه لا بديل عن الحوار غير النزيف الدموي والاقتصادي والتدمير الذاتي!! وأنظر إليهم وهم يؤكدون ان الحوار هو السبيل الامثل للحفاظ علي وحدة الوطن وأمنه واستقراره.. أنظر إليهم وهم يستجدون الحوار في وقت بلغت فيه أزمة الثقة بين الحكام والمحكومين ذروتها. وأرجو الا يفهم من كلماتنا السابقة أنها دعوة ضد الحوار.. أو إننا نحرض الثوار.. بل علي العكس إننا مع تحقيق الهدف والوصول إلي الغاية بأقل خسائر ممكنة.. دون التضحية بالشهداء أو إراقة مزيد من الدماء بشرط عدم خداع الشعوب.. وعدم الالتفاف علي مطالبهم والتلاعب بآمالهم واحلامهم ومستقبلهم في حياة حرة كريمة من أجل احتفاظ حفنة صغيرة بالسلطة والقوة والجاه والسلطان علي انقاض شعوبهم البائسة التي عاشت عقودا طويلة دون حول لها ولا قوة. احترموا ذكاء وتطلعات وإرادات شعوبكم الثائرة قبل ان تسحقكم موجات غضبهم المدمرة!! المزيد من أعمدة مسعود الحناوي