شهد منتصف فبراير الحالي, احتفال كوريا الشمالية بعيد ميلاد زعيمها ذي الإرادة الحديدية كيم جون إيل. وبينما كانت الاحتفالات تتوالي في البلاد. شارك نشطاء من الكوريتين في تظاهرة بالقرب من الخط العسكري الفاصل بين الكوريتين. مطالبين بإنهاء الحكم الديكتاتوري للزعيم الكوري الشمالي, ومطلقين آلاف البالونات التي تحمل منشورات وأوراقا مالية من فئة الدولار لمساعدة الكوريين الشماليين.زعيم كوريا الشمالية الذي تغيب عن مشاركة شعبه بهذه المناسبة نظرا لحالته الصحية كان قد إختاره والده كيم إيل سونج مؤسس كوريا الشمالية ليكون خليفة له في عام1994, وبذلك أصبحت كوريا الشمالية أول نظام وراثي في دولة شيوعية. وكان آخر ظهور علني للزعيم في أبريل2009 أمام البرلمان. ويواجه كيم جون إيل العديد من التحديات الداخلية, خاصة بعد إصداره في نهاية العام الماضي قرارات اقتصادية أثارت استياء شعبيا نادرا, منها إعادة تقييم العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية في تحرك وصفه المراقبون بالمتسرع مما أدي إلي ارتفاع خرافي في الأسعار وكاد يوقف النشاط التجاري. وخارجيا, يتعرض كيم لضغوط دولية شديدة للعودة للمحادثات الرامية الي نزع السلاح النووي لبلاده مقابل الحصول علي مساعدات اقتصادية وفنية. وتأتي هذه الضغوط تحت وطأة عقوبات فرضتها الاممالمتحدة بعد اجراء بلاده تجربة نووية في مايو الماضي. وبرغم ذلك لا يعتقد الخبراء أن حكم كيم يواجه خطرا, فشعبه لا يعرف بديلا له, بل ويصف عدد من المراقبين كيم بأنه' قائد ذو إرادة حديدية فريدة' و' أعظم بطل في تاريخ كوريا الممتد لأكثر من خمسة آلاف سنة' لخمسة أسباب رئيسية: أولا: نجاح كيم في المحافظة علي أمن وسلامة بلاده وعدم التورط في حرب مدمرة مع الولاياتالمتحدة خاصة بعد أن تعدي الزعيم الكوري الشمالي' كل الخطوط الحمراء' لتصبح دولة نووية دون أية مساعدة. ثانيا: قيام كيم بإنشاء جيش قوي ذي قدرة هجومية عالية وامتلاكه صواريخ باليستية عابرة للقارات فضلا عن ترسانة نووية وهو ما يجعل كوريا الشمالية رابع أكبر دولة نووية بعد أمريكا وروسيا والصين. ثالثا: نجاح كيم في تحسين الأوضاع الاقتصادية مقارنة بما كانت عليه في بداية التسعينيات, كما أصبحت كوريا الشمالية أحد المنتجين الرئيسيين في مجال برامج الكمبيوتر والتليفونات المحمولة وافلام الكارتون. رابعا: حرص كيم علي التواصل المستمر مع مختلف القوي الاجتماعية في كوريا الشمالية عن طريق القيام بجولات ميدانية في المدارس والمصانع والمزارع والقواعد العسكرية. وربما يكون ذلك هو أحد العوامل التي تفسر عدم ظهور حركات احتجاجية تجاه الزعيم برغم الصعوبات التي تواجه شعبه. خامسا: نجاح كيم في كسب تأييد الصين وروسيا لمواقفه برغم الضغوط الأمريكية. علي أية حال يمكن القول ان زعامة كيم جونج ايل نجحت في المحافظة علي استقرار النظام السياسي في كوريا الشمالية وتحصينه برغم التحديات الداخلية والخارجية, وهو الأمر الذي يستحق متابعة أكثر تفصيلا في الأيام المقبلة.