مطلوب حكومة قوية جاءت حكومة د. عصام شرف رئيس مجلس الوزراء الحالي محمولة علي أعناق ثوار الميدان, ومنحوها الثقة, وأعطوها الوقت لكي تعمل اعتمادا علي أنها تفهم أن مصر في حالة ثورة!. إلا أن الأشهر مضت بسرعة مذهلة, وبدلا من أن تفهم الحكومة أنها حكومة ثورة يحكمها منطق وأولويات الثورة فإنها تركت نفسها تغوص في بيروقراطية متعفنة, والأخطر أن قطاعات عدة منها كانت قد فقدت اتصالها بالواقع وجاءت بالعديد من الوجوه التي لا تتفق مع المتطلبات الثورية لتولي وزارات خطيرة في زمن أخطر!. ولم يكن ذلك فقط خفة في الحسابات بل عدم إدراك في فهم الواقع وضروراته وحساباته وأولوياته بل وحدة الزمن به!.. فلم يكن عسيرا علي أي أحد يفهم ولو قدرا يسيرا من السياسة أن يبدأ بالتالي: تطهير الداخلية بأسرع مايكون ومحاكمة قتلة الثوار, ويصاحب ذلك إنهاء معاناة المصابين وأسر الشهداء لأنها حقوق وليست منة من أحد!. هل كان ذلك عسيرا علي الفهم, وهل كان من الصعب وقف الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين عن العمل, أم أنه كان أقصي درجات العبث الذي لم تشهده أي دولة في العالم.. بأن يذهب هؤلاء الي المحاكم ثم يعودون لممارسة عملهم بعد ذلك!. هذه وحدها كفيلة بإثارة أعصاب الجميع, وبتفجير براكين الغضب والشك والاتهام لهذه الحكومة. وفي الوقت ذاته فإن محاكمات رموز النظام السابق وبقية الفاسدين لم تتوافر لها شروط العلنية, ولم يأت التعامل معهم بوصفهم دمروا حياة المصريين, بل وأضاعوا هيبة مصر ووضعها بين الأمم, بل جري التعامل بليونة, وتبدل الموقف وكأن هؤلاء القتلة والفاسدون هم الضحايا المطلوب العناية بهم في مقابل أسر الشهداء والمصابين بل الشعب الذي صنع هذه الثورة العظيمة الذين للحظات جري تصويرهم بأنهم مجموعة من الناس الذين بلا رحمة, ولا يهمهم سوي الثأر!. وهذا شوه المشهد بأكمله, ودفع براكين وهواجس الشك لتنفجر بقوة, وتصنع مانراه في ميدان التحرير وبقية المدن. ويبدو أن المطلوب الآن هو حكومة قوية جديدة لأن الثورة لن تهدأ, ولا شيء يعيد الثقة سوي مجيء حكومة أخري.