مدارس المعاهد القومية تعتبر مثلا صارخا لما يحدث في وزارة التربية والتعليم من تسيب وفساد غير مسبوق نتيجة حرص البعض علي النهب والسلب لكل مواردها. وهي برغم كونها تتبع جمعية المعاهد فإنها تخضع للوزارة ويرأسها الوزير شخصيا, ويمارس عليها مساعدوه سلطة غير معلومة, مما دفع الوزير السابق لتشكيل لجنة انتهت إلي23 مدرسة منها حققت خسائر تعدت3.5 مليون جنيه, وأن هناك عشرات الأفراد من المحالين للمعاش من جهات مختلفة يشغلون مناصب وهمية, مما جعل هذه المدارس عشا للدبابير حسب وصف مسئول كبير. بداية يؤكد خالد عبدالمقصود المستشار التربوي والإعلامي للمعاهد القومية السابق أن فكرة هذه المعاهد جاءت في تيار التأميم الذي اتخذته الثورة المصرية, حيث تتبع جاليات أجنبية في مصر وتبلغ الآن40 مدرسة, وكان عدد موظفيها5 أفراد وتركها رئيسها السابق أبو صالح الألفي تتمتع بفائض في ميزانيتها يبلغ5 ملايين جنيه, وأصبح حال تلك المدارس سيئا حتي إنها تستدين من إدارة الجمعية أو أخري لدفع رواتب المعلمين والموظفين برغم أن دخلها من الطلاب يفوق كثيرا مصروفات تلك المدارس. حالة التردي وأضاف أن الفساد في المعاهد القومية يكشف حالة التردي, فأحد رؤساء مجالس الإدارة بمدرسة بالقاهرة كان يعفي أولاده الأربعة من المصروفات الدراسية وتكاليف الأتوبيس ليعيث هو وزوجته فسادا وأثبتت التحقيقات أن أولاده كلفوا المدرسة طوال دراستهم نحو نصف مليون جنيه, أما النكتة الأخري أن أحد مستشاري وزير التربية والتعليم أخذ موافقة من الوزير السابق بإعفاء أبنائه من المصروفات الدراسية, ولم يعجبه ذلك فتقدم بطلب آخر طالبا إعفاءه من مصروفات الانتقال بالأتوبيس. وأضاف المستشار السابق للمعاهد القومية أن هذه التجربة من المدارس التعاونية تكون ناجحة لو أن هناك حدا أدني من الاهتمام والاحترام لدورها مع تطبيق القانون وإلغاء الاستثناءات وهي حل بديل لسلبيات التعليم الخاص حتي إن الإقبال عليها شمل70 ألف طالب في مختلف المراحل, ومع ذلك لا تطبق فيها أساسيات الأداء التعليمي الحالي مثل كادر المعلمين والدرجات الوظيفية للمعلم, ومازالت تستخدم مسميات مدرس أول, ومدرس, ووكيل وغيرها, مما ألغي في مدارس الدولة, بل إن المشكلة أن اختيارات المديرين والمسئولين لاتتم إلا بطريقة الخدمات الخاصة, وكذلك صرف المكافآت والحوافز في الوقت الذي لا يحصل فيه المعلم علي دورات تدريبية أو متابعة شخصية ولا يقف أحد أمامه إذا أجبر التلاميذ علي الدروس الخصوصية. وقال المستشار: إن أوضح صورة للفساد ببعض مدارس المعاهد القومية تظهر في قضية الجنايات رقم19845 بمحكمة أمن الدولة العليا التي أدين فيها3 مسئولين بمدرسة بالمعاهد بمصر الجديدة باستغلال النفوذ والرشوة الجنسية واختلاس99 ألف جنيه وحكم علي أولهم بالسجن12 عاما, حيث اعتبرت هذه أموال دولة حسب قرار المحكمة, مع ذلك فإن الكثيرين يعتبرون أموال مدارس المعاهد أموالا خاصة ويستحلون أموالهم. كسب غير مشروع ويؤكد الدكتور محمد عبدالظاهر الطيب رئيس المعاهد القومية سابقا أن هناك ترد شديد في هذه المعاهد بعد أن تحولت إلي مصدر للكسب غير المشروع لبعض المستشارين بالمعاهد والوزارة وأعضاء مجالس الإدارة في الوقت الذي تأخرت فيه الوزارة عن فتح ملف هذا الفساد علي مستوي جميع الوزراء السابقين, مما جعل المشكلات تتفاقم, والفساد ينتشر, خاصة أن أبناء بعض كبار رجال الدولة ملتحقون بها, ويتدخل الآباء لإنجاح أبنائهم بطريقة غير مشروعة, لذلك فإن هذه المعاهد تحتاج إلي إصلاح للمسار التعليمي بها. ملكية للدولة ويضيف د. جلال ناصف رئيس مجلس الإدارة السابق لمدرسة قومية بالإسكندرية أن هذه المدارس أنشئت ملكية للدولة برغم أنها تتبع النظام التعاوني وتعتبر مدارس خاصة مملوكة اعتباريا لجمعيات تعاونية وبمصروفات تقل عن نظيراتها من المدارس الخاصة المملوكة للأفراد, وهي مقامة لتقديم خدمة تعليمية متميزة مع اعتبار أموالها أموالا عامة فيما يخص الاختلاس أو الرشوة واجتذاب أعداد كبيرة من الطلاب فاق70 ألفا في جميع المراحل متركزة في القاهرة والإسكندرية والجيزة, ويديرها رؤساء مجالس مختارين من بين الآباء. ويطالب الدكتور جلال ناصف بضرورة ضم بعض المدارس بالمعاهد القومية, ذلك أن هناك مدارس يصل عدد طلابها إلي أكثر من5 آلاف طالب, وأخري لا يزيد عدد طلابها علي300 طالب.