العنصر الحاكم في هذا التطور, اي زالهجرة المضادةس يعتمد جوهريا علي غياب الامن, وتتفرع منه كافة الانشطة وسبل الاستقرار, وإذا كان دور جهاز الشرطة مهما في كل المناطق والمواقع في عموم محافظات الجمهورية, فان أهمية هذا الجهاز تتعاظم في محافظة مثل شمال سيناء, وأيضا جنوبسيناء لعدة أسباب, يأتي في أولها أنها محافظات حدودية تضم حدودا مع فلسطين زالسلطة الفلسطينيةس وإسرائيل, بطول يقترب من240 كيلومترا, من بينها13 كيلوا بين سيناء وقطاع غزة, ولذلك فان الوجود العسكري المفتوح في المنطقة الحدودية تحكمه اتفاقيات وشروط فنية, وهذا الواقع يستدعي التركيز المكثف والاعتماد بشكل مهم علي القوات الشرطية لحفظ الأمن داخل حدود مصر بشكل يقظ. إضافة إلي ذلك فان افتقاد منطقة غزة لعامل الأمن, وتعرضها للحصار والتنكيل والضغوط المتتالية من قبل إسرائيل يؤثر سلبا علي سيناء, وهو الأمر الذي انشأ معه حفر الانفاق تعويضا عن حالات الحصار, يضاف اليها فشل برامج التنمية في الوسط الذي يعاني اهله من الفقر الشديد في كافة سبل الحياة يأتي في بدايتها, وايضا نهايتها, قحط المياه الذي ادي بدوره الي افلاس التنمية وغياب الحد الادني من فرص العمل. الثقة المفقودة أيضا فان وقائع التاريخ تقول إن المنطقة تعرضت لنحو5 حروب علي مدي نصف قرن تقريبا, ومن بين أهم تداعيات هذه الحروب تسرب السلاح الي ايدي البعض من المواطنين, إضافة إلي العوامل الجغرافية والسياسية التي جعلتها ممرا لتجارة المخدرات وعبورا للإفريقيين الباحثين عن فرص العمل في الجانب الآخر زإسرائيلس والتي تسعي بكل السبل وتدفع بجهود متواصلة ومبتكرة لبث الفتنة وعدم الاستقرار في سيناء, يضاف إلي ذلك أن ممارسات الدولة في مصر قبل ثورة25 يناير كانت سببا في إحداث فجوة كبيرة عنوانها زالثقة المفقودةس بين الإدارة وبين المواطنين وخاصة في المناطق الصحراوية, تتركز في الجانب الامني الذي أهدر كرامة المواطنين هناك, اضافة الي الجانب الاداري الذي لايسمح لمواطني سيناء من تملك ارضهم وبيوتهم كماهو الحال مع باقي اشقائهم في محافظات الوادي, وفي تقرير لها أخيرا قالت صحيفة زالجارديانس البريطانية إن البدو الذين يعيشون في سيناء يقولون إنهم لا يتمتعون بحقوق المواطنة كاملة ويعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية, حيث لا يسمح لهم بالانضمام إلي الجيش, أو الشرطة وقال مواطن من سيناء لقد حصلنا علي وعود لاحصر لها للإفراج عن المعتقلين, لكن لا شيء ملموس علي أرض الواقع.. يجب علي الحكومة أن تدرك أننا مصريون أيضاس. الأمر اللافت أن جهود وخطط التوطين التي بدأتها الدولة عند عودة سيناء منذ نحو40 عاما تتتعرض للانهيار,لأن العديد من المواطنين والموظفين الذين حضروا من محافظات ومدن الدلتا للعمل والاستقرار في سيناء, وبدءوا في بناء أسس الاستقرار مثل شراء أراضي وعقارات بهدف الإقامة والاستقرار في سيناء, فان هؤلاء, في ظل حالة الانفلات الأمني وعمليات السرقة والنهب المستمرة, يستعدون حاليا لهجرة سيناء والعودة إلي مناطقهم التي أتوا منها بسبب الخوف وانعدام الأمن وعدم قدرة الشرطة علي الحفاظ علي الأمن في الشارع والمدن والإحياء, أي ان سيناء تتعرض للهجرة المضادة. وكثيرا من حالات السرقة تحدث لأشخاص, لايستطيعون ذ خوفا ورهبا- الإبلاغ عما يتعرضون له, وحتي لو فكر احدهم الإبلاغ عن تعرضه للسرقة, فانه لن يجد مكانا للإبلاغ عما تعرض له نظرا لان أقسام للشرطة مازالت مغلقة بسبب احداث العنف الأخيرة, وهناك4 أقسام في العريش يعمل منها اثنان فقط. مطالب المشايخ لابد من التفكير بسرعة وبعمق لبسط الامن في سيناء, فالتأجيل قد يحتمل مع مناطق او مشروعات او ملفات هنا او هناك, الا سيناء لان ماتتعرض له حاليا يهدد الحد الادني من سبل الحياة والعيش علي أرضها, والعمل والاستثمار فضلا عن الاستقرار, نحتاج الي المزيد من الاهتمام بامن سيناء لان سيناء تختلف عن اية منطقة اخري في مصر. وثمة ايجابيات تسعي الحكومة الحالية برئاسة الدكتور عصام شرف إلي تحقيقها بدأها رئيس الوزراء بأول زيارة ميدانية بعد الثورة إلي سيناء, وتبعها لقاء وزير الداخلية اللواء منصور عيسوي أخيرا حيث بدأ في وضع معالجات واقعية للكثير مما يمتلئ به صدور أبناء سيناء بعد ان أعلن عن فتح أبواب كلية الشرطة أمام أبناء سيناء, وهو ما أشار إليه الشيخ علي فريح رئيس اتحاد القبائل العربية بشمال سيناء واوضح أن لقاء تم مع اللواء منصور عيسوي وزير الداخلية مع مشايخ سيناء لبحث كل المطالب المتعلقة بالاستقرار الأمني, ومطالب المشايخ لتحقيق الأمن لأبنائهم. وأضاف فريج أن عيسوي أعلن أن كلية الشرطة مفتوحة لاستقبال أبناء سيناء. حادثة أم مؤامرة ولاشك في أن تكرار حدوث انفجارات لخطوط الغاز الموصلة إلي الأردن وإسرائيل يعيد تأكيد أهمية التركيز علي الأمن في سيناء, لان مايحدث لايبتعد عن نظرية المؤامرة التي تحاك ضد محاولات الاستقرار علي ارض سيناء, وهو ماتؤكده ملابسات الحادث الأخير الذي راح ضحيته4( ضابط و3 من إفراد الشرطة) استشهد منهم اثنان, فقد أطلق مسلحون مجهولون النار علي أحد أكمنة الشرطة بالشارع الرئيسي في مدينة العريش, وقد باغتت قوة الكمين سيارتا دفع رباعي لا تحملان لوحات معدنية يستقلهما عدة أشخاص ملثمين ومسلحين, وتوقفتا بجوار الكمين موجهين أسلحتهم الآلية لأفراد الكمين ومطلقين عدة أعيرة نارية بشكل عشوائي ودون معرفة الأسباب وفروا هاربين. ولايبتعد الحديث عن نهضة سيناء او تنميتها عن ولاء ابنائها, والحقائق تقول ان مجمل دعاوي التشكيك في الولاء للوطن والانتماء لترابه لامحل لها هناك عند الاعراب والحضر علي السواء بشهادة خبراء عاشوا هناك واحتكوا بأهلها وخبروا دروبها, ويظل الاقتراب من هذا الموضوع, وان كانت اعمال العنف تعد افرازا لحقبة مريرة عاشتها مصركلها في السابق, وكان نصيب اهالي سيناء اضعاف ماتحمله اشقائهم في محافظاتهم, الا ان قيم الوطنية تظل متواصله عبر الاجيال وهو ما جسده الشيخ سالم الهرش الذي تحدي موشي ديان عام1968 متمسكا بمصرية سيناء, ويحافظ علي هذه المشاعر في الجيل الحالي بنسخته الجديدة, والذي يعرفه الاسرائيليون بصلابته, ويكفي ان هناك37 الف مصري يعيشون في اسرائيل من مختلف المحافظات ليس منهم واحد من اهل سيناء, وبالرغم من الاحتلال الاسرائيلي وقرب الحدود الا انه لم يتزوج احد من ابناء سيناء باسرائيلية. تباطؤ4 من40 اللواء منير شاش محافظ شمال سيناء الأسبق يبدي دهشته من تعمير فقط4 قري من بين40 قرية في زمام ترعة السلام ضمن اول مشروع قومي في الجمهورية وهو مشروع تنمية سيناء, ويري ان تعمير سيناء لن يصبح حقيقة الا بانشاء جهاز علمي متخصص لتعميرها, وان يشمل التخطيط والمتابعة والإنتاج والتعدين. ولاشك ان تعدد الجهات التي تتبع لها برامج التنمية في السابق ادي الي تباطؤ التنمية, وتأخر برامج نهضتها وهو مايشير إليه أمين القصاص الأمين العام لحزب الوفد في شمال سيناء الذي اوضح انه من المؤسف للحكومة أن يكون عدم تمليك الأراضي لأصحابها في سيناء وأنكارها هذا الحق عليهم بحجة الأمن القومي وحمايته ونسيت الحكومة أن تملك الأرض لأصحابها هو الأمن القومي بعينه وأن عدم تمليكها ينسف الأمن القومي ويقتلعه من جذوره فلا يستطيع أحد أن يدعي أن واحدا من أبناء سيناء قد فرط في شبر واحد من أرض سيناء لأجنبي. الانتماء والوطنية إن حق الملكية حق أصيل ولابد لحكومة الثورة أن يكون لها رأي فيه بما يحقق مطالب المواطنين وعندها ستفتح آفاق التعمير والتنمية أبوابها ويتوافد عليها المستثمرون وعندها تكون مصر قد حافظت علي أمنها القومي وحافظت علي أرضها ومواطنيها في سيناء مما يحيق بها من مؤامرات وأطماع. ومن بين جهود أبناء سيناء لإحداث نهضة تنموية نظم أبناؤها مؤتمر( الوطن والجرح- تحديات الحاضر.. وطموحات المستقبل) في القاهرة مؤخرا بمشاركة ائتلاف مثقفي سيناء ومحافظون سابقون, ومنظمات المجتمع المدني هناك, حيث أشار رئيس المؤتمر توفيق الشريف الي الإسراع في فرض الأمن في ربوع سيناء كأولوية قصوي وكمدخل للتنمية الاقتصادية وهذا جرس إنذار حيث ان الموقف علي وشك الانفجار, وإسقاط جميع الأحكام الغيابية. ويعد ملف زمنظمة سيناء العربيةس من بين اهم المسائل التي تتعلق بقيم الانتماء والوطنية, كما يري حاتم عبدالهادي السيد زشاعرس مطالبا بنشر ملفات منظمة سيناء الحربية لإظهار بطولات ابناء سيناء منذ عام1956 وحتي حرب1967 وحرب الاستنزاف وانتصارات أكتوبر, خاصة بعد مرور مايزيد علي30 عاما من تحرير سيناء, كما يطالب بالامن الاجتماعي والاهتمام بالثقافة وتنشيط عمليات جمع تراث سيناء, وربط الثقافة بالتنمية, وهو مايطالب به محمد علي سلامةس عضو نادي الادب بشمال سيناء ان بسط الامان وتحقيق الامن فقط هو الذي يعالج كافة السلبيات التي تعاني منها سيناء, والمطلوب هو التركيز علي اهمية امن سيناء قبل ان تستفحل الظواهر السلبية ومنها زالهجرة المضادةس وهنا يمكن ان نحقق, بعد الروح الجديدة للمصريين, ويمكن ان تستوعب سيناء اكثر من20 مليون مواطن, وليس3 ملايين, بشرط توافر شروط التنمية الحقيقة ولعلها تبدأ وتنتهي بالامن.