يكن الاجتماع الثالث لمجموعة الاتصال الدولية حول ليبيا الذي استضافته العاصمة الاماراتيةأبوظبي مؤخرا بحضور ممثلين لنحو40 دولة ومنظمة اجتماعا لحشد الدعم المادي للثوار الليبيين فحسب, وإنما كان في الاساس مخصصا لبحث مستقبل ليبيا في مرحلة ما بعد القذافي. لمويبدو واضحا عند استعراض النقاط التي تضمنها البيان الصادر عن الاجتماع ان المشاركين استمعوا الي شرح واف من ممثلي المجلس الوطني الانتقالي عن' خريطة طريق' لمستقبل ليبيا, وانه جري الترحيب بها بل والموافقة عليها لمنح الشرعية للمجلس الانتقالي واتاحة الفرصة امامه للتحدث باسم الشعب الليبي. وخلال اجتماعات أبوظبي كانت الاشارات التي تمنح الشرعية للمجلس الانتقالي وحده واضحة, سواء في حرص وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون علي استخدام مصطلح' المحاور الشرعي' عند الحديث عن المجلس بما يعني انه ممثل الشعب الليبي.. أو تأكيد فرانكو فراتيني وزير خارجية ايطاليا أن' ليبيا اليوم لديها ممثل شرعي وحيد هو المجلس الوطني الانتقالي'. الحرص علي منح الشرعية للمجلس الانتقالي لا يرتبط فقط بضمان تفعيل الآلية المالية لدعم الثوار والتي تم اقرارها بالفعل في ختام اجتماعات أبو ظبي, وانما يتعلق بوضع الأسس التي تكفل استرداد هذه الاموال في المستقبل خلال مرحلة ما بعد القذافي.. ولعل هذه النقطة بالتحديد هي التي أدت الي عدم الاستجابة لمطالب الثوار في الحصول علي جزء من الاصول والاموال الليبية المجمدة أو عوائد النفط.. وكانت الحجة لدي الدول المقرضة أن هناك اشكالية قانونية تتطلب قرارا من مجلس الامن لرفع التجميد عن الاموال الليبية علي أساس أنه من دعا الي تجميدها. ووفقا للآلية التي اعتمدها المشاركون في اجتماع أبوظبي حصل ثوار ليبيا علي1.1 مليار دولار وتحدد الآلية اسسا سياسية لصندوق مخصص لدعم المجلس الانتقالي علي ان تقوم كل دولة بالمساهمة كما تريد واعلن وزير خارجية الكويت الشيخ محمد الصباح ان بلاده ستقوم' فورا' بتحويل180 مليون دولار لهذا الصندوق.. اما ايطاليا فقد تعهدت بالمساهمة بما بين300 و400 مليون دولار فيما اعلن وزير الخارجية الفرنسي الان جوبية عن مساهمة فرنسية في الصندوق ب290 مليون يورو.. كما اعلن وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو عن مساهمة بلاده بمئة مليون دولار. وكان مسئولون في المجلس الوطني الانتقالي قد حذروا من عدم التوصل الي اعتماد آلية تلبي متطلباته بينما أكد المسئول في المجلس فتحي البعجة ان المعارضة كانت تأمل بالمزيد.. وقال' نطالب بجزء من الاموال المجمدة'.. بينما قال عبد الرحمن شلقم وزير الخارجية الليبي السابق وأحد كبار المنشقين عن القذافي ان المعارضة بحاجة لثلاثة مليارات دولار لتغطية الرواتب وتكاليف الغذاء في الشهور الاربعة المقبلة.. موضحا أن الاصول الليبية في ايطاليا يمكن أن تساهم في توفير هذا المبلغ. واذا كنا نتحدث عما وفره اجتماع أبوظبي من دعم مادي لثوار ليبيا فان هناك دعما لايقل أهمية علي الصعيد السياسي قدمته الامارات للمجلس الانتقالي بعد مرور72 ساعة علي انتهاء اجتماعات مجموعة الاتصال الدولية وذلك باعلان اعترافها بالمجلس واعتباره الممثل الشرعي الوحيد للشعب الليبي لتصبح الامارات البلد الثاني عشر الذي يعترف بالمجلس بعد فرنسا وقطر وبريطانيا وايطاليا وجامبيا ومالطا والاردن والسنغال واسبانيا واستراليا والولايات المتحدة. ورغم ان الشيخ عبد الله بن زايد وزير خارجية الامارات اطلق اشارات واضحة حول رؤية الامارات بشأن المجلس خلال اجتماعات أبوظبي الا أنه لم يعلن حينها صراحة اعتراف بلاده بالمجلس واكتفي بالرد علي الاسئلة حول هذا الموضوع قائلا:' لقد أثبتت الأيام والأسابيع والأشهر ان المجلس الوطني الانتقالي هو المؤسسة التي تمثل الشعب الليبي وتعبر عن طموحاته لغد مشرق وعلينا ان نحيي جهود المجلس في ضم جميع مناطق ليبيا ضمن الاجماع حول ليبيا جديدة وموحدة تتطلع بكل ثقة نحو المستقبل'. وكان واضحا أن الاعلان الرسمي سيتم وفق جدول زمني محدد وهو ما حدث بالفعل حيث تزامن الاعلان مع زيارة مصطفي عبدالجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي الي أبوظبي والتي التقي خلالها مع الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلي للقوات المسلحة. وفي سياق توضيحه لمبررات الاعلان الاماراتي قال الشيخ عبدالله بن زايد انه يعد تأكيدا لحرص الإمارات علي علاقتها بالشعب الليبي والتزامها العربي.. وأيضا حرصها علي وحدة التراب الليبي ومستقبل الشقيقة العربية العزيزة ليبيا. واشار الي أن تطور الموقف الاماراتي ينطلق من قناعة بأن المجلس الوطني الانتقالي قد أصبح عمليا ممثلا لليبيا ولليبيين كافة ومن هذا المنطلق ستقوم الإمارات بالتعامل معه علي أساس علاقة حكومة بحكومة وفي كافة الشئون الخاصة بليبيا.. مؤكدا أنه لا توجد شرعية اليوم في ليبيا إلا شرعية المجلس الوطني الانتقالي.