انتهي الدرس أعتقد أن قضية الجاسوس الإسرائيلي إيلان تشايم ليست الأولي ولن تكون الأخيرة في سلسلة أفلام ومسرحيات ميدان التحرير التي سوف تكشف كل منها عن شبكات واسعة ممن تدربوا في الداخل والخارج, وقد تم إلقاء الضوء علي هذه الكارثة منذ بداية الأحداث, إلا أن الجديد في الأمر هو تغلغل هؤلاء وأولئك في دور العبادة, والتحريض علي الفتنة, ناهيك عن تنفيذ أعمال واسعة من العنف والتخريب. إلا أن ذلك لن ينسينا أبدا توجيه التحية إلي أجهزتنا التي أخذت تراقب وتصور وتسجل مثل هذه الفاجعة منذ بدايتها, ليتم الكشف عن تفاصيلها في الوقت المناسب حتي لا نظل فريسة للمتآمرين خارجيا, والمخدوعين داخليا في آن واحد, وهو ما أكد بما لا يدع مجالا للشك أن مصر رغم كل هذه الأحداث كانت وستظل في أيد أمينة, حتي وإن بدا للبعض أن هناك تراخيا هنا أو قصورا هناك. وإذا كانت هناك أرقام تتحدث عن عشرات الآلاف من الذين حصلوا علي دورات تدريبية مشبوهة في الخارج بخلاف من ساروا في ركابهم إضافة إلي أمثال تشايم وأعوانه, فإننا أمام مأساة يجب تداركها فورا بإعادة النظر في شكل وطبيعة العلاقات مع الدولة الصهيونية التي تؤكد الوقائع الواحدة تلو الأخري أنها سوف تظل العدو الأول لأي تطور يمكن أن يحدث في بلادنا. وإذا كنا لا نشك أبدا في أن لدينا من الشباب من هم فوق الشبهات وقد خرجوا إلي الميادين بروح ثورية ينشدون مجتمعا أفضل, إلا أن أصحاب النفوس الضعيفة يجب الكشف عنهم بلا أي تردد, وذلك لأن هذه الكارثة ليست نتاج عدة شهور, وإنما نتاج سنوات طويلة من الفوضي والانهزامية التي توارت معها الروح الوطنية في ظل مناهج دراسية عفنة وإعلام ورقي وفضائي آثر السير في ركاب الحاكم وزبانيته الذين رأوا في استمرار هذا الوضع استمرارا لهم في مواقعهم. ولأن المأساة من إفراز حقبة شمولية وحفنة سلطوية فكان من الطبيعي أن تكتوي هذه الحفنة بنارها التي طالت للأسف جموع المواطنين قبل وبعد الأحداث, إلا أن السؤال الذي يجب أن يشغلنا جميعا إلي أن نجد الإجابة عليه وحتي لا نفاجأ بها هو: ولماذا كانت إسرائيل وغيرها من الأجهزة المخابراتية لبلدان أخري يسعون إلي العبث بأمن البلاد, أو إدخالها في متاهة من الفوضي والعنف, وما الذي تم إعداده سلفا ويتم إعداده الآن للنيل من مصر ؟ أعتقد أن أبسط رد علي هذه المؤامرات هو أن نفطن لما يحاك بنا, وأن نثق في قدرات أولي الأمر منا علي عبور هذه المرحلة الأخطر في تاريخ أمتنا, وألا ننساق لشائعات من هنا أو دعوات إلي الغضب والتمرد من هناك, حفاظا علي وحدة الوطن وأمن المواطنين بعد أن كشف المتآمرون عن وجههم القبيح, وانتهي الدرس يا.... شباب. المزيد من أعمدة عبد الناصر سلامة