بعد قليل، مؤتمر صحفي للهيئة الوطنية لإعلان نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    سرايا القدس تكشف عن عملية عسكرية دمرت فيها 52 آلية إسرائيلية    جلسة بين ريبيرو وطبيب الأهلي للاطمئنان علي إمام عاشور ومروان عطية    الأرصاد تعلن موعد انكسار الموجة الحارة (فيديو)    راغب علامة: زرت نقابة المهن الموسيقية 4 مرات ولي نجاحات مع حسن أبو السعود    أنس الشريف ومحمد قريقع.. ليلة استشهاد الصحافة فى غزة    نائب محافظ قنا: مشروع القطار الكهربائى السريع نقلة نوعية فى مجال النقل    "الوطنية للانتخابات": 516 ألفا و818 صوتا باطلا بنظام الفردي في انتخابات الشيوخ    رحيل الدكتور علي المصيلحي وزير التموين السابق بعد مسيرة حافلة بالعطاء(بروفايل)    مفتي القدس: مصر سند دائم للقضية الفلسطينية منذ النكبة.. والذكاء الاصطناعي أداة لتعزيز الفتوى الرشيدة    تصاعد الصراع وكشف الأسرار في الحلقة الرابعة من "فلاش باك".. أول ظهور ل خالد أنور    نجوى كرم: أتمنى تقديم دويتو مع صابر الرباعي (فيديو)    غدا.. الفرقة القومية للفنون الشعبية تقدم عرضا بمدينة المهدية ضمن فعاليات مهرجان قرطاج بتونس    «اعرف دماغ شريكك».. كيف يتعامل برج الميزان عند تعرضه للتجاهل؟    حكم الوضوء لمريض السلس البولى ومن يعاني عذرا دائما؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    محافظ سوهاج فى جولة مفاجئة للمستشفى التعليمى للاطمئنان على الخدمات الطبية    سيدة تضع 4 توائم فى ولادة حرجة بمستشفى أشمون العام بالمنوفية    نائب وزير الصحة تجتمع بعميد كلية التمريض دمنهور لبحث ملفات التعاون المشترك    متحدث باسم الخارجية الصينية: الصين تدعم كل جهود تسوية الأزمة الأوكرانية    ريال مدريد يرفض إقامة مباراة فياريال ضد برشلونة في أمريكا    نائب الرئيس الإيراني: التخلي الكامل عن تخصيب اليورانيوم "مزحة"    رئيس الأعلى للإعلام يكرم رائد الإعلام العربي فهمي عمر    ما نتائج تمديد ترامب الهدنة التجارية مع الصين لمدة 90 يوما أخرى؟    وزير التعليم العالي يفتتح المجمع الطبي لمؤسسة "تعليم" بمحافظة بني سويف    إقبال كبير على تذاكر مباراة ريال مدريد أمام تيرول    الحسيني وهدان يتوج بذهبية الكونغ فو في دورة الألعاب العالمية    رامي صبري وروبي يجتمعان في حفل واحد بالساحل الشمالي (تفاصيل)    وسام أبو علي يستعد للسفر إلى أمريكا خلال أيام.. والأهلي يترقب تحويل الدُفعة الأولى    ما الحكمة من ابتلاء الله لعباده؟.. داعية إسلامي يُجيب    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    منسقة الأمم المتحدة: إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب يعكس اهتمام مصر بالرياضة كقوة ثقافية ومحرك للتنمية    ضبط سائق لحيازته 53 ألف لتر سولار بدون مستندات تمهيدًا لبيعها بالسوق السوداء في الأقصر    رئيس جامعة أسيوط يستقبل محافظ الإقليم لتهنئته باستمرار توليه مهام منصبه    «جهار»: معايير «التطبيب عن بُعد» خطوة استراتيجية لدعم التحول الرقمي في القطاع الصحي    كريستيانو رونالدو يطلب الزواج من جورجينا رسميًا    «مصيلحي» و«المصيلحي».. قصة وزيرين جمعهما الاسم والمنصب وعام الموت    غدًا.. قطع المياه عن مدينة أشمون في المنوفية 8 ساعات    خصم يصل ل25% على إصدارات دار الكتب بمعرض رأس البر للكتاب    الطقس غدا.. موجة شديدة الحرارة وأمطار تصل لحد السيول والعظمى 41 درجة    حجز نظر استئناف المتهم بقتل مالك قهوة أسوان على حكم إعدامه للقرار    وزيرة التخطيط تشارك في إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب والرياضة 2025-2030    "الجمهور حاضر".. طرح تذاكر مباراة الزمالك والمقاولون العرب في الدوري    الوزير يترأس اجتماع الجمعية العمومية العادية لشركة السكك الحديدية للخدمات المتكاملة    وكيل وزارة الصحة بالدقهلية يحيل المدير الإداري لمستشفى الجلدية والجذام للتحقيق    مصرع طفل غرقا في ترعة باروط ببني سويف    الداخلية تضبط تيك توكر يرسم على أجساد السيدات بصورة خادشة للحياء    12 أغسطس 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    رسميًا.. باريس سان جيرمان يتعاقد مع مدافع بورنموث    وزير الصحة يبحث مع المرشحة لمنصب سفيرة مصر لدى السويد ولاتفيا التعاون الصحى    12 أغسطس 2025.. ارتفاع طفيف للبورصة المصرية خلال التعاملات اليوم    الرئيس السيسي يستقبل اليوم نظيره الأوغندي لبحث تعزيز العلاقات الثنائية    «تعليم كفر الشيخ» تعلن النزول بسن القبول برياض الأطفال ل3 سنوات ونصف    الدقهلية تبدأ مهرجان جمصة الصيفي الأول 2025 للترويج للسياحة وجذب الاستثمار    "زاد العزة" تواصل إدخال المساعدات المصرية إلى القطاع رغم العراقيل    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    تنطلق الخميس.. مواعيد مباريات الجولة الثانية من بطولة الدوري المصري    العظمي 38.. طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة في شمال سيناء    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يمكن محاكمة بلير؟‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 02 - 2010

في عام‏2003‏ كان توني بلير في السلطة رئيسا لوزراء بريطانيا شرع عدد من كبار المحامين البريطانيين في إعداد الاجراءات القانونية لمحاكمته كمجرم حرب لا يختلف كثيرا عن الرئيس اليوجوسلافي السابق سلوبودان ميلو سيفيتش الذي حوكم وحكمت عليه المحكمة بالسجن‏.‏ وفي ذلك الوقت تناقلت الصحف البريطانية ووكالات الأنباء ما قاله فيل شاينر المسئول في شركة بابليك انترست لأعمال المحاماة في برمنجهام بالتأكيد مائة في المائة سيتم التحقيق مع بلير بواسطة المحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم الحرب في العراق وحول هذه الجرائم فيما يمثل لائحة اتهام جاهزة‏:‏ قتل آلاف المدنيين العراقيين وتدمير البنية الاساسية لدولة عضو في الأمم المتحدة في حملات القصف المكثفة واستخدام أسلحة محرمة دوليا واختلاق أسباب مزيفة لشن هذه الحرب‏.‏ وتجاهل الشرعية الدولية‏..‏ الخ‏..‏ وكان الرأي القانوني لهؤلاء المحامين أن المحكمة الجنائية الدولية وضعت سياقا دوليا جديدا للحرب كان علي بلير أن يلتزم به وأن يدرك مسئوليته الشخصية وانه بمخالفته عمدا للقانون الدولي ولمعاهدات جنيف لن يكون بمنأي من المحاسبة‏..‏ وبوش ايضا‏,‏ وإن كانت الولايات المتحدة تعارض المحكمة الجنائية الدولية بحجة انها تنتهك السيادة الأمريكية فإن الولايات المتحدة تنتهك سيادة الدول دون حرج‏,‏ وعموما فإن موقف بريطانيا مختلف‏,‏ لأنها صدقت علي المعاهدة الخاصة بهذه المحكمة وأصبحت بذلك ملزمة بتسليم أي مواطن بريطاني تطلب المحكمة مثوله امامها‏,‏ والمحكمة تركز علي مسئولية الأفراد عما يترتب علي الحرب من عواقب وخسائر بشرية بين المدنيين‏,‏ ويمكن بدء اجراءات المحاكمة بناء علي طلب أي دولة سواء كانت هذه الدولة هي العراق ذاتها أو أي دولة عربية أو أي دولة أخري ويمكن ان تقبل ما يقدمه أي شخص من أدلة‏,‏ فإذا قرر ثلاثة قضاة من بين قضاة المحكمة‏(18‏ قاضيا‏)‏ جدية الاتهامات تبدأ اجراءات المحاكمة‏.‏
ودعم هذا الرأي ما قدمه استاذ القانون الدولي في جامعة بورنماوث البريطانية نيكولاس جريف من أنه يمكن محاكمة بلير عن جرائم الحرب لمسئوليته عن الانتهاكات لاتفاقيات جنيف التي صدقت عليها بريطانيا في عام‏1957,‏ الخاصة بمعاملة الأسري والمسجونين‏,‏ وحظر التعذيب وفي هذه الحالة فإن للمحكمة أن تحكم عليه بعقوبة تصل الي السجن مدي الحياة كما فعلت مع الرئيس اليوجسلافي السابق‏.‏
ويمكن ايضا محاسبة بلير عن جريمة سياسية لا تغتفر هي خداع الشعب البريطاني والبرلمان عندما اعلن رسميا أمام مجلس العموم وأمام الشعب البريطاني‏:‏ لا شك في أن هناك علاقات بين القاعدة والنظام العراقي‏,‏ وكذلك حين أعلن امام مجلس العموم إن ملفنا حول امتلاك العراق اسلحة الدمار الشامل واضح جدا جدا‏,‏ ومن الواضح جدا ان العراق يملك اسلحة محظورة‏,‏ وإن الأمم المتحدة طلبت من العراق أن يتخلص من هذه الاسلحة‏,‏ ولكنه لم يفعل‏..‏ قال ذلك بينما كان يعلم أن ذلك كله لم يكن صحيحا‏,‏ وكان أمامه تقرير من لجنة التفتيش علي أسلحة العراق يفيد بعدم وجود اسلحة‏!‏
واذا كان من الممكن ان يفلت بلير من المحاكمة الجنائية‏,‏ فقد لا يستطيع لإفلات من المحاكمة السياسية في بريطانيا وفي خارجه‏,‏ وهو نفسه اعترف في سبتمبر‏2004‏ امام المؤتمر السنوي لحزب العمال في مدينة برايتون بأن المعلومات التي ادلي بها كانت خاطئة واعترف بأن موقفه من حرب العراق أدي الي انهيار الثقة فيه وفي الحزب‏,‏ وتعليقا علي ذلك فإن روبن كوك وزير الخارجية البريطانية في حكومة بلير الذي استقال من منصبه احتجاجا علي الحرب‏,‏ كتب مقالا في صحيفة الاندبندنت يوم‏29‏ سبتمبر‏2004‏ قال فيه ان الحزب لن يتمكن من ازالة الغيوم التي تسببت فيها حالة الفوضي في العراق‏,‏ وإن بلير اعترف بأن قراره بالاشتراك في غزو العراق علي الرغم من المعارضة الأوروبية والدولية ومعارضة الشعب البريطاني ايضا قد تسبب في ازمة الثقة التي يعاني منها الحزب لأن تقرير هانز بليكس رئيس المفتشين الدوليين في العراق‏,‏ الذي قدمه الي الأمم المتحدة وكان معلوما لبلير كان قد ذكر بوضوح أن المعلومات الاستخبارية التي يستند اليها بلير لتبرير الحرب غير صحيحة‏.‏ وإنه كان يعلم بما في هذا التقرير من نتائج التفتيش الذي قامت به مجموعة المفتشين الدوليين‏,‏ ولم يترك مكانا في العراق لم تفتشه حتي قصور الرئاسة‏,‏ ومقار الوزارات والمساكن الخاصة والمزارع والحدائق‏..‏
وقال روبن كوك إن بلير استمر في ادعاءاته فأعلن ان غزو العراق اصبح محورا للحرب ضد الارهاب الدولي وإن الارهابيين اختاروا العراق كمسرح للقتال‏.‏ وعلق روبن كوك بقوله‏:‏ عذرا لقد كنا نحن من اختار العراق كساحة للحرب‏,‏ وقمنا بذلك في الوقت الذي لم يكن هناك أي ارهابي دولي في العراق‏.‏
من الممكن أن يفلت بلير من المحاكمة والعقاب بما يملكه من مواهب معروفة في المناورة والافلات كلما ضاقت الحلقة حوله‏,‏ فهو في الأصل محام يجيد المراوغة واساليب المرافعة والدفاع مهما تكن القضية خاسرة‏,‏ ولكنه محام ليس له مثيل‏,‏ محام يختلق الأدلة ويلفق الوقائع ويعيد ترتيب الأحداث والمعلومات ويجيد خلط الأوراق بما يخدم هدفه‏,‏ فإذا أفلت من المحاكمة فلن يفلت من حكم التاريخ عليه علي الرغم من إنه بدأ سنواته العشر في الحكم بنجاحات كانت مبشرة مثل انعاش الاقتصاد وتحسين مستوي المعيشة للشعب البريطاني وتوفير وظائف أكبر‏,‏ وخفض نسبة البطالة‏,‏ ولكنه اختتم سنوات حكمه العشر بأسوأ ختام بتدمير دولة وتبديد ثرواتها وتشريد شعب وقتل عشرات الآلاف من الأبرياء وتعذيب الآلاف في السجون وهذه جرائم لا تسقط بالتقادم‏.‏
وعموما فإن ملف إدانة بلير لا يزال مفتوحا‏.‏
المزيد من مقالات رجب البنا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.