كل ما نعرفه عنهم أنهم قطعوا الطريق امام ماسبيرو وتسببوا في وقف حال الآلاف في منطقة وسط البلد بل والمناطق المحيطة بها وأدوا الي شلل مروري جديد بعد حل أزمة الأقباط الذين اتخذوا من هذا المكان ملجأ من قبل لأسابيع, ربما اضطروا لذلك بعد أن فاض بهم الكيل وتفاقمت مشاكلهم او اعتبروا أن هذه هي الوصفة المضمونة لانتزاع مطالبهم بعد أن نجحت في كل المرات السابقة. ليسوا رجالا فحسب بل أكثرهم نساء مع اطفالهن دفعتهن الظروف الصعبة الي افتراش الطرقات الوصول الي ماسبيرو لايكون إلا سيرا علي الأقدام, المهم المشهد غريب والهتاف الذي ينطلق بين آن وآخر احنا مش بلطجية, بعضهم يجلس علي الرصيف شاردا واخرون ناموا من الاجهاد ومعظم الأطفال يبكون. وعندما اقتربت من إحدي السيدات وسألتها عن سبب قطعهن الطريق اجابت بأنهن فاض بهن الكيل من كثرة وعود المحافظة والحكومة ولكن دون تنفيذ والتعامل معهن من خلال كشوف بأسماء اغلبها مجهولة لهن. أصل المشكلة أن هذه الأسر كانوا يعيشون في مساكن السلام بايجار مؤقت حتي قامت الثورة بعدها قرر ملاك هذه المساكن طردهم منها خوفا من استيلائهم علي الشقق وبعضهم قرر رفع الايجار من350 جنيها الي500 جنيه, فوجدوا أنفسهم في مخيمات أقامتها الحكومة بشكل مؤقت حتي توفر لهم مساكن يعيشون فيها, وظل الحال علي ما هو عليه لمدة خمسة أشهر مع استمرار الوعود والتسويف والمماطلة حتي قرروا أن يلجأوا لهذا الحل حتي تستمع الحكومة لصوتهم.وتصرخ احدي السيدات قائلة أن ما رأوه في المخيمات لايمكن أن يتحمله بشر حيث تضم الخيمة الواحدة54 أسرة( أزواج وزوجات واطفال) والحمام بالطبع مشترك تستره عن أعين الناس ستارة! اما أطفالها فيذهبون الي المدارس ولكن ابنها الكبير رسب في أولي اعدادي لأنه لايمكنه المذاكرة في هذه الظروف وأنها لاتملك المال الكافي للدروس الخصوصية كما أنها تضطر للبقاء في المخيم حتي تحفظ مكانها ناهيك عن الأمطار التي غرقت المخيم وتتساءل هل يمكن لبشر أن يتحمل كل هذه المهانة والذل؟ أما( أدب) فأم لثلاثة أولاد وحاصلة علي دبلوم وعلي الرغم من أن زوجها يعمل ودخله الشهري900 جنيه إلا أنها لم تستطع أن تجد مسكنا أدميا, فزوجها يعمل بمدينة السادس من اكتوبر وينفق علي المواصلات مبلغا كبيرا وسبق لها التقدم بطلبات كثيرة للحصول علي شقة منذ16 عاما ولديها6 ايصالات من البريد ولكن دون نتيجة لذلك قررت المجيء هنا رغم مرضها ليصل صوتها الي أي مسئول وتؤكد أنهم لم يلجأوا الي هنا إلا بعد أن طرقوا ابواب المحافظة ورئاسة الوزراء ومنهم من وعدهم بالمسكن ومنهم من انذرهم بعدم العودة من جديد. ومن الغريب أن ابنها الطالب بالاعدادية حصل علي97% رغم كل هذه الظروف المعيشية والنفسية السيئة. وتقول سيدة عجوز رغم مرضي وكبر سني إلا أني جئت هنا مع ابني حتي احصل علي شقة لنسكن بها بعد أن طلق ثلاث زوجات بسبب عدم وجود شقة واضطرت الي ارسال بناته الي احدي القريبات خوفا عليهن من المبيت في المخيم بعد أن استحالت عشرتها مع بنتها وزوجها وكل املها ان تراه في شقة غرفة وحمام قبل موتها حتي تطمئن عليه وعلي بناته.