كلية اللغات والترجمة من أهم الكليات التي أنشئت بجامعة الأزهر, ويعد قسم اللغة الصينية واحدا من أبرز الأقسام ذات الطابع الخاص بالكلية بل والجامعة, حيث إن به شعبتين: الأولي الشعبة العامة وتقوم بتدريس اللغة والأدب. أما الشعبة الثانية وهي الأكثر تحديا فهي شعبة الدراسات الإسلامية باللغة الصينية, وهذه الشعبة هي محل انفراد في مصر, بل وفي العالم أجمع, حيث تتم دراسة جميع المواد الإسلامية من تفسير وحديث وسيرة باللغة الصينية. لكن ثمة معوقات تطارد هذا القسم وخريجيه, وكأنها تتحدي بقاءه بالأزهر, لاسيما بعد أن أعلنت الجامعة تجميده وامتنعت عن استقبال طلاب جدد به منذ ما يزيد علي عامين, بالإضافة إلي موقف الأوقاف الرافض لتعيين خريجي هذا القسم للعمل في قطاع الدعوة, ولاندري ما السبب؟! في البداية يقول أحمد لطفي حافظ أحد خريجي القسم, شعبة الدراسات الإسلامية( دفعة2007 بتقدير عام جيد جدا مع مرتبة الشرف, وهو الثاني علي الدفعة): بعد تخرجي أرسلت لي الكلية جواب ترشيح للعمل معيدا بالقسم, ولكن الجامعة رفضت تعييني بدعوي عدم وجود درجات مالية, ففكرت بعمل دراسات عليا بالقسم, ولكن كانت الطامة الكبري حين عرفت وقتها أن القسم ليس به دراسات عليا, بالإضافة إلي أن الجامعات الأخري لا تسمح لنا نحن خريجي قسم الدراسات الإسلامية باللغة الصينية بإعداد دراسات عليا بها, لأننا درسنا اللغة بالمواد الشرعية, فقلنا ليس أمامنا إلا باب واحد وهو أن نعين أئمة بوزارة الأوقاف, ولكن فوجئنا بأن وزارة الأوقاف لم تضع قسم اللغة الصينية في الخطة, فعرضنا الأمر علي وزير الأوقاف وقدمنا أكثر من تظلم للدكتور عبدالله الحسيني, لكن دون جدوي!. ويقول مليجي جلال مليجي من الدفعة نفسها: بعد تخرجي انتظرت التعيين في الكلية مثلي مثل طلبة الألسن بجامعة عين شمس, حيث كانت التعيينات في بداية افتتاح قسم اللغة الصينية في تلك الجامعة يزيد علي الثمانية في كل دفعة, لكني وجدت أن هذا الطريق مغلق ولكني لم أيأس, وبعدها فكرت في الاتجاه للعمل بالأوقاف فاكتشفنا أن طلبة شعبة الدراسات الإسلامية قسم اللغة الصينية غير مشمولين بقرار التعيين بالأوقاف, علي الرغم من كون طلبة شعبة الدراسات الإسلامية قسم اللغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية بكلية اللغات والترجمة لهم الحق في الالتحاق بوظائف الأئمة والخطباء بوزارة الأوقاف, فهل نحن من كوكب آخر؟, ولماذا خريجو قسم اللغة الصينية فقط من بين اللغات الأخري الذين لا يسمح لهم بدخول مسابقات الأوقاف! ومن المسئول عن صرفنا عن العمل في مجالات الدعوة والترجمة الإسلامية ودفعنا إلي مجالات لا ترقي بمكان ومكانة خريجي الأزهر, وأين مجمع البحوث الإسلامية, حيث تعليم الوافدين من شتي بقاع الأرض الناطقين بهذه اللغات؟ أين دار الإفتاء التي تعمل علي ترجمة الفتاوي والمواضيع الإسلامية إلي اللغات الأخري.. أليست في حاجة إلي أهل اللغات؟ وقال محمد السيد أحد المعيدين الثلاثة بقسم الدراسات الإسلامية باللغة الصينية: إنه قد مضي علي تعييننا أكثر من سنتين وحتي الآن لم يتوافر لنا التحضير للماجستير والدكتوراه داخل مصر أو اتاحة الفرصة لبعثة علمية كاملة إلي الخارج, مع العلم بوجود بعثات مخصصة لذلك, فعندما ذهبنا إلي المستشار التعليمي المفوض من الصين أكد أن في مصر أكثر من15 بعثة تابعة للصين, وأصبحنا في حيرة من أمرنا ولا ندري من نصدق؟, حتي أصبحنا نتفرغ بالكامل للهمهمة والتلهف وراء المسئولين في كل حدب وصوب, دون الأبحاث المنوط بنا مزاولتها وصارت عقولنا خاوية من كل ما درسناه. من جانبه أرجع الدكتور علي شعبان عميد كلية اللغات والترجمة السبب في تجميد القسم وعدم تعيين معيدين به إلي عدم توافر أعضاء هيئة تدريس, حيث لا يوجد بالقسم إلا عضو واحد فقط, وكانت تتم الاستعانة في السابق بأساتذة كلية الألسن جامعة عين شمس, غير أنه مع تطبيق نظام الجودة والاعتماد الذي فرض علي أعضاء هيئة التدريس التفرغ وتقليص الانتداب, من ثم الاتجاه إلي الجامعات الخاصة التي تدفع في الساعة الواحدة120 جنيها أو يزيد, في مقابل4 جنيهات فقط تدفعها جامعة الأزهر.. مما أدي إلي اعتذار الأساتذة المنتدبين, واضطررنا إلي تجميد القسم. وأضاف د. علي شعبان أن الجامعة تسعي للتنسيق مع المستشار الثقافي الصيني للحصول علي منح وبعثات للمعيدين الموجودين(5 معيدين), ومن ثم تعيين غيرهم, وأشار إلي أنه تم بروتوكول تعاون مع المستشار الصيني بأن ترسل الصين3 أساتذة للتدريس بالقسم بدءا من العام المقبل, وإذا تم ذلك ووفت السفارة الصينية بوعدها فسنرفع التجميد ونستأنف قبول الطلاب بالقسم. أما الدكتور عبدالعزيز حمدي رئيس القسم والأستاذ الوحيد بالقسم فأشار إلي أنه عند إنشاء القسم عام2001 وعدت الجامعة باستقدام فريق من الأساتذة الصينيين المسلمين المتخصصين للتدريس بالقسم, بالإضافة إلي الأساتذة الذين يتم انتدابهم من الألسن وغيرها, غير أن الجامعة عبر أربعة رؤساء لها متعاقبين لم تف بهذا الوعد, ولم تعره اهتماما, علي خلاف المعمول به في كل الأقسام الأجنبية بالجامعات المصرية, حيث لابد من وجود أساتذة من البلد نفسه الناطق باللغة التي ندرسها, حتي يمكن المنافسة بخريج علي مستوي متميز. وفي حين واصلت الجامعة تقاعسها ونظرتها الضيقة للقسم وتزامن مع ذلك تطبيق نظام الجودة والاعتماد, كانت النتيجة أن تعرض القسم لنكبات وانتكاسات, حيث إنني لا أستطيع بمفردي التدريس لجميع طلاب القسم, فاضطررت للمطالبة بتجميد القسم, حفاظا علي مستوي خريج الأزهر, لاسيما بعد أن حققت الدفعات الثلاث الأول تفوقا ملحوظا علي نظرائهم بجامعات مصر كلها, بل وفازوا أيضا في مسابقات عالمية ودولية في بكين, وكانت أول مرة يتردد فيها اسم الأزهر في الصين منذ عام1936 بسبب خريجي قسم اللغة الصينية بالأزهر. ويري د. عبدالعزيز أنه لحل مشكلة القسم لابد من استقدام ثلاثة أساتذة صينيين علي الأقل عن طريق التعاقد والإعارة دون انتظار المنح خلال البروتوكولات والاتفاقات الدبلوماسية التي يغلب عليها الطابع الشكلي ولايمكن التعويل عليها في هذا الجانب.