ليس من عادتي التعليق مطولا علي ما يأتي من مقالات في صحف أخري; ولكن مقالا نشرته صحيفة الواشنطن بوست للكاتب ويليام غودوفلو في الثاني من يونيو الحالي تحت عنوان موطن للقذافي في سانت هيلينا. كان مثيرا ومناسبا لمقتضي الحال ورأيت أن أشرك القارئ معي فيما جاء فيه. الأفكار الأساسية للمقال هي أن الموقف الحالي للطغاة العرب ليس جديدا بالمرة, فقد عرفته أوروبا من قبل عندما لم تعرف ماذا تفعل مع نابليون بونابرت في بدايات القرن التاسع عشر. كان القائد العسكري الشهير قد صار إمبراطورا علي أكتاف الثورة الفرنسية وشعاراتها عن الحرية والعدالة والمساواة وأخذها فوق صهوة جواده وسار بها حتي وصل إلي موسكو. وهناك كانت أولي الهزائم ولم تكن آخرها فقد تحالفت أوروبا كلها وتمت هزيمته وأسره وإرساله إلي منفاه في إلبا إلا أنه في عام1815 تمكن من تشكيل جيش قوامه200 ألف جندي وعاد إلي فرنسا لكي تجتمع أوروبا عليه مرة أخري وتمت هزيمته النهائية في ووترلو. هنا كان السؤال ماذا يمكن فعله مع الإمبراطور وأعوانه والمؤمنين به, فكان نفيه إلي جزيرة سانت هيلينا في جنوب المحيط الأطلسي. من هنا جاءت الفكرة, فقد كثر الطغاة الذين ثارت عليهم شعوبهم, ولكن أحدا لا يريد استضافتهم لإنهاء الصراعات المسلحة التي يقودونها سواء كان الأمر في ليبيا أو سوريا أو حتي وقت قريب في اليمن أو ساحل العاج أو غيرها. وهنا كثرة غيرهم ليسوا علي استعداد لترك بلادهم دون أن يجعلوا كما يقال عاليها واطيها أما إذا أتيحت فرصة للعيش في مكان آخر فربما تكون هناك فرصة للنجاة. والفرصة هنا هي جزيرة تشرف عليها الأممالمتحدة وينتقل لها الرئيس المرفوض وجماعته وأسرته لكتابة المذكرات والمشاركة في الدهشة والتجربة مع غيرهم من الطغاة خاصة بعد حرمانهم من وسائل التآمر علي بلادهم مرة أخري. الفكرة طريفة بالطبع, ولا يوجد من يسعي إلي تطبيقها, ولكنها تذكر بالتاريخ, كما تجعل التجربة المصرية حاضرة حيث رئيس جعل من مصر حياته ومماته, وقضاء عادل سوف يضع كل الأمور في نصابها من منجزات واتهامات, ويحكم بالعدل ويقيم الميزان. [email protected] المزيد من أعمدة د.عبد المنعم سعيد