يثير موسم امتحانات الثانوية العامة, وما يقترن به من أجواء سلبية منها القلق علي مستقبل الطلبة, قضية أعمق هي النظام التعليمي, ذلك أن ثمة إجماعا في الرأي بين الخبراء والمثقفين علي أن منظومة التعليم في حاجة ماسة إلي تطوير شامل علي أسس علمية وموضوعية. وحتي يمكن إدراك أهمية قضية التعليم في صنع النهضة, ينبغي الإشارة إلي أن التعليم قد صار منذ سنوات محورا أساسيا للمنافسة الكبري بين الدول, بل إن العديد من خبراء التعليم في العالم قد أكدوا أن التعليم, خاصة الاهتمام بالعلوم والتكنولوجيا أضحي المؤشر الحقيقي لتقدم دولة علي أخري.. ومن هنا, فإن الدول تبذل قصاري جهدها لتطوير منظومة التعليم فيها, وقد تصاعد الاهتمام بهذا التطوير منذ مستهل عقد التسعينيات من القرن العشرين. وصدرت في هذا المضمار دراسات مهمة. وفي ذلك الحين ذكرت مجلة الإيكونوميست البريطانية أن الدول الكبري تنشأ في فصول المدارس. وليس أبلغ من هذا المعني دليلا علي أهمية تطوير التعليم, وهذا ما يتعين الالتفات إليه, والتركيز عليه خاصة بعد ثورة52 يناير, وانطلاق الطموحات في بناء وطن جديد يواكب متغيرات القرن الحادي والعشرين. وثمة موقف مهم يتعين ذكره في هذا السياق. فقد وجه الرئيس الألماني هيرتزوج في منتصف التسعينيات انتقادات حادة للأوضاع الألمانية, ومنها حالة التعليم, وقال إن العالم لن ينتظر ألمانيا, وإن عليها أن تبادر إلي تحسين أحوالها للمنافسة في الأسواق العالمية. قال المسئول الألماني هذا, في وقت كانت فيه ألمانيا تتبوأ مكانة مرموقة علي خريطة الدنيا, ولكنه كان قلقا علي المستقبل, ولعل هذا هو جوهر تطوير منظومة التعليم الذي ننشده..وذلك بتضافر كل الجهود من أجل تطوير التعليم حتي تلحق مصر بركب القرن الحادي والعشرين.