حذر المستشار هشام البسطويسى المرشح المحتمل للرئاسة من أن ثورة 25 يناير معرضة لخطر حقيقى بسبب غموض وضع الدستور الذى لا نعلم حتى الآن متى سيوضع ولا من سيضعه وما المبادىء التى ستحرسه ، لافتا إلى أن الدستور والثورة والبرلمان معرضون للسرقة. ودعا البسطويسى إلى ضرورة الانتظار حتى انتهاء الفترة الانتقالية والتفرغ لحراسة الثورة وحمايتها بوضع الدستور الدائم ثم البرلمان المنتخب ثم الرئيس المنتخب ثم إصدار القوانين ، قائلا "إذا لم نحقق ما نصبو إليه فى المرحلة الانتقالية فلن نصل إلى شىء ويجب أن نظل فى حراك مستمر لحماية الثورة". جاء ذلك خلال الندوة التى أقامتها هيئة الكتاب الليلة الماضية برئاسة الدكتور أحمد مجاهد حول مراكز حقوق الإنسان والتغيير ، وشارك فيها المفكر الاجتماعى نادر الفرجانى ، وحافظ أبوسعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ، وآمال عبد الهادى عضو مجلس أمناء مؤسسة المرأة الجديدة ، وأحمد راغب المدير التنفيذى لمركز هشام مبارك للقانون ، وأدارها المستشار هشام البسطويسى. وأجمع المشاركون - فى الندوة - على ضرورة وضع الدستور أولا ثم إجراء الانتخابات ، باعتبار أن ذلك هو الضمانة الحقيقية والوحيدة لعدم انفراد تيار واحد بتمثيل المجتمع المصرى ، وعدم تحول الرئيس الجديد إلى فرعون. وقال البسطويسى "إن العمل الأهلى لايزال تحكمه قوانين قمعية ومقيدة للحرية وتعرقل حركته" ، مشيرا إلى أنه قبل الثورة كانت هناك جهود لكسر هذه القيود ولولا هذه الجهود لما قامت الثورة. وأضاف "أنه يجب عدم الانشغال بمسائل يمكن تأجيلها وننسى القضية الفاصلة فى الموضوع كله وهى الدستور أولا ومن سيضعه والمعايير التى يقوم عليها ، من أجل أن نضع دستورا يضمن حقوق الشعب المصرى" ، داعيا إلى ضرورة الانتهاء من ذلك أولا بالتوافق ، وأن تتحد كل الجهات الثورية على ذلك. وتابع "أنه لا يحبذ إصدار تشريع جديد لمنظمات المجتمع المدنى الآن ، لأن المجتمع فى مرحلة حرجة لا تحتمل إصدار تشريعات جديدة فى غيبة البرلمان ، ولكن يمكن عمل تعديلات فى القوانين الحالية لتفعيل دور المنظمات الموجودة على الساحة ، وبعد الفترة الانتقالية نصدر قانونا جديدا يحدد مفهوم النظام العام والآداب العامة" ، مضيفا أن التشريع الجديد فى هذه الفترة الحرجة سيدخلنا فى مشكلات كثيرة تعزز الانقسام والخلاف والأنسب هو تعديل القانون الموجود مع تخفيف القيود". ومن جانبه ، أكد حافظ أبوسعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان - فى الندوة - على أهمية وضع الدستور أولا على أن تقوم بذلك لجنة تاسيسية يكون اختيارها من هيئات تمثل الشعب بجميع فئاته وأطيافه من نوبيين إلى بدو إلى سيناويين إلى غير ذلك ممن يمثلون المجتمع المصرى. وقال أبوسعدة "إن الاستمرار فى الوضع الحالى بإجراء انتخابات البرلمان فى سبتمبر القادم ، يعنى أننا أمام محاولة لاختطاف الدستور وهذا معناه أننا ندخل على لون سياسى واحد ومعناه أيضا دخول مصر فى نفق مظلم لأنه سيجعل الاضطرابات أوسع انتشارا". وأضاف "أن المطالبة بأن يكون الدستور أولا مرجعها أنه إذا لم يحدث ذلك فلن يتغير شىء وسنعيد إنتاج الدولة القديمة بشكل جديد ، وهذا يعد التفافا على الثورة لأنها قامت على إسقاط النظام .. والنظام ليس أشخاص بعينهم .. وإنما معناه الدستور الذى نظم لهؤلاء وهذه السلطة لا تسقط إلا بإسقاط الأساس القانونى وهو الدستور ، فلابد من وضع دستور جديد أولا ثم ندخل فى الانتخابات". وأوضح أن اللجنة التشريعية فى مركز حقوق الإنسان المصرى انتهت من وضع تصوراتها للأسلوب الأمثل للانتخابات فى مصر وسوف تعلن فى مؤتمر صحفى خلال أيام ، مشيرا إلى أن هذه الاقتراحات مبنية على دراسات ورصد من خبراء المنظمة ، موضحا أن الانتخاب البرلمانى المصرى فشل فى تمثيل فئات الشعب والقوائم غير جيدة وتسبب ارتباكا ويجب عمل قوائم جيدة ، حتى للمستقلين وعمل دوائر كمعيار لتمثيل الأفراد ويجب أن يكون هناك تمثيل للمرأة وللأقباط فى كل قائمة. وتوقع أبو سعدة أن تسفرالانتخابات المقبلة عن نتائج تخالف كل التوقعات الدائرة على الساحة حاليا ، لأن الشعب المصرى أصبح أكثر نضجا ووعيا من ذى قبل. وطالب المفكر الاجتماعى نادر الفرجانى - أمام ندوة هيئة الكتاب - بتعديل تشريعى يتيح إنشاء منظمات المجتمع المدنى بدون قيود مالية ، داعيا إلى ضرورة تحرير العمل الأهلى ليواجه المستجدات الجديدة. ومن جانبها ، قالت الدكتورة آمال عبدالهادى عضو مجلس أمناء مؤسسة المرأة الجديدة "نريد دولة قانون ولكن لا يمكن أن توضع عقوبات على العمل التطوعى ، والفترة القادمة ستشهد تغيرات مهمة فى مفهوم الجمعيات الأهلية التى كان يحاربها القانون قبل الثورة". وأضافت "أن أى إنجاز قبل الثورة كان ينسب لسوزان مبارك والمجلس القومى للمرأة وهذا غير صحيح فنحن تحدثنا عن قانون الجنسية فى مؤسسة المرأة الجديدة من قبل تغيير القانون وبعد تغيره وإعطاء الجنسية لأبناء المصريات وليس المجلس القومى الذى غير القانون" ، مشيرة إلى أن ما حدث من تقدم لصالح النساء عموما فى مصر كان من عمل منظمات المجتمع المدنى وليس المجلس القومى أو سوزان مبارك. وحول الدستور ، دعت عبد الهادى إلى وضع دستور على أساس المواطنة المتساوية دون التمييز لديانة أو غيره ، قائلة "نريد دولة مدنية حديثة ونعزز فكرة دولة القانون وأن يكون الجميع متساويا أمام القانون". وبدوره ، قال أحمد راغب المدير التنفيذى لمركز هشام مبارك للقانون "إن مصر كانت لديها مشكلتان أساسيتان فى التنظيم قبل الثورة : الأولى كانت العقلية الاستبدادية تحكم البلاد ، والثانية هى سيطرة التفكير الأمنى على كل شىء ، فكل القوانين تخدم ذلك من خلال التشريعات التى تقف عائقا أمام التنظيم حيث كان التشريع موجها لتحقيق فكره إلى الاستقرار والأمن".