مقارنة الجيوش العريقة تتميز بعقيدة قتالية تؤمن بها, وتدافع عنها. وكلما امتلكت هذه الجيوش الخبرات في ساحات المعارك, وفي ميادين القتال حرصت علي تأكيد ذاتها من خلال إعلان ولائها الدائم لشعوبها, وليس لحكامها. وهذا ما فعله الجيش المصري عندما ثار الشعب في الخامس والعشرين من يناير2011 ضد الظلم, والاستبداد, والتوريث. انحاز الجيش للشعب, ووقف إلي جانب ثورة الشعب, وتبني مطالبه المشروعة, ورفض أن يطلق رصاصة واحدة ضد المتظاهرين, وطلب من الرئيس السابق التنحي, تجنبا لسفك الدماء, وفتح المجال لبناء دولة الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية, والتصدي للفاسدين الذين باعوا الوطن, وباعوا الأمل, وخسروا المستقبل. وأسهم الجيش بذلك وبشكل كبير في نجاح الثورة. وإزاء هذا الموقف النبيل من المؤسسة العسكرية الوطنية, أعطي الشعب السلطة لقواته المسلحة التي تعاملت بكل حكمة علي الصعيدين الداخلي والخارجي لمنع أي تدخل أجنبي في شئون البلاد واتخاذ العديد من الإجراءات والتدابير للحفاظ علي الوطن وإعادة ترتيب أولويات الدولة والتصدي للفساد بأشكاله كافة. وكان هذا الدور الذي لعبته المؤسسة العسكرية موضع دهشة لدي بعض الدول التي لم تدرس جيدا العقيدة القتالية للقوات المسلحة المصرية, وهي أن وظيفتها تشكل عملة واحدة ذات وجهين: الأول حماية أراضي الوطن والدفاع عنه في مواجهة القوي الخارجية. والثاني حماية الداخل وتمهيد الطريق لبناء حياة أفضل. وبالمقارنة بثورات أخري حدثت في تونس, وليبيا, واليمن, والبحرين, وسوريا.. وجد المجتمع الدولي أن ما حدث في مصر شيء مختلف, ونموذج فريد, بهر العالم كله. فقد أثبتت الأحداث أن جيوش هذه البلدان لا تزال علي ولائها للفرد الحاكم, وأنها لا تريد أن تنحاز إلي الشعب, وأن الشعب في هذه البلدان يدرك تماما أن القوات المسلحة ليست قواته, بل قوات من في السلطة, وأن هذه الجيوش ألعوبة في يد أربابها, وأن الطريق لتحقيق حلم هذه الثورات بعيد تماما عن مجتمع تحلم به الجماهير التي شعرت أنه آن الأوان أن تتحرر من قيود فرضت عليها, وأرزاق سلبت منها, وآمال تتطلع إليها. المزيد من أعمدة عبد المعطى أحمد