أعتقد أن ذلك ليس كذلك!. وإن هناك أصابع خبيثة تعبث في المسار الوطني لهذا الشعب العظيم.. مستهدفة أغراضا شخصية علي حساب القضية الوطنية القومية. وأعتقد أيضا ان نصيبا كبيرا من المسئولية يقع علي عائق المسئولين عن تنظيم مؤتمر الحوار الوطني. . ثم مؤتمر الوفاق الوطني.. ونقطة البدء في هذه المسئولية انهم قد انطلقوا من نقطة الصفر متجاهلين كل الجهود السابقة وبالذات تلك الحوارات والمقالات والندوات المهمة التي جرت منذ ما بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير وغاصت في مناقشة الواقع واستشراف المستقبل وطرحت أفكارا وتوصيات محددة.. ثم تجيء الخطيئة الثانية وهي عدم التحضير الجيد بتحديد المحاور المقترحة للنقاش.. وتحديد المفاهيم.. وكذلك اختيار الأعضاء المدعوين للمشاركة والذين من المفترض ان يمثلوا تيارات فكرية وسياسية واجتماعية مختلفة وأن يكونوا مهتمين بالشأن العام.. أي ان ملف المؤتمر قبل ان يبدأ يجب ان يضم قبل انعقاده وبوضوح: الهدف المطلوب المحاور تفصيلا ومع كل بند ملخص لما سبق ان قيل بشأنه وهذا تحقيقا للتواصل ولكي لا نبدأ من فراغ فتضيع الجهود كما حدث.. ولعلي أضيف بصراحة شديدة فنحن لا نملك ترف المواراة والمداراة ان هدف مؤتمر الحوار الوطني سواء عندما كان يديره الدكتور يحيي الجمل أو.. الدكتور عبد العزيز حجازي فيما بعده يبدو غامضا.. ويجيء غموضه من ضياع هدفه. فهل هو يناقش المرحلة الانتقالية الحالية أم التي تليها؟..أم.. انه يناقش مستقبل مصر.؟ وبالمثل يجيء قرينه مؤتمر الوفاق الوطني.. فهل هو يستهدف الوفاق بين التيارات الفكرية والقوي السياسية؟.. وعلي أي الأسس.. وفي أي اتجاه.. وهل يريد استبعاد عناصر معينة وإقصاءهم عن العمل السياسي.. وألا تستحق هذه التساؤلات وغيرها التحضير في حلقة نقاشية تستطلع آراء أخري وتستند الي ما سبقها من حوارات ثم تضع ورقة عمل تخضع للنقاش الهادئ الموضوعي الذي يراعي مصالح الوطن.. ويتقي الله سبحانه؟ إن هذا كله وغيره إذا كان قد تم لكان قد وضع أسسا قوية لكل من المؤتمرين.. ولكانت المناقشات قد جرت في مناخ صحي.. بدلا من هذه الصورة المؤسفة التي حدثت وتضمنت مشاهد غير مريحة!! لقد كان الظن وبعضه ليس إثما اننا في حاجة الي حوار وطني يناقش القضية الوطنية القومية في مصر.. اليوم وغدا.. بمعني: ما هو الوضع في مصر الآن؟ وكيف نعبر المرحلة الانتقالية؟.. وما المطلوب لإرساء قواعد المرحلة القادمة؟.. ثم أيضا ما الذي نريده في المرحلة القادمة: سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا؟.. وما هي الرؤية الإستراتيجية العليا للمستقبل المصري في العشرين سنة القادمة؟واذا كنا نقول هذا وأكثر منه.. فإن اجاباته ليست مستعصية.. اذ انه توجد لدينا دراسات عديدة وعميقة.. والأمر لا يتطلب اكثر من تجميعها واستخلاص ما فيها لكي تخضع بعد ذلك للتحديث وفق المعطيات والمستجدات.. ونحمد الله انه يعيش معنا الآن مفكرون وسياسيون وعلماء من الذين شاركوا في وضع هذه الدراسات.. ومن الذين اهتموا بها.. فإن المجتمع المصري ليس عقيما والعقل المصري دائما في حالة يقظة حتي إن حدث في فترة ما ان نجحت العملة الرديئة وفلحت في طرد العملة الجيدة! من هنا فإننا نري وبغير حساسيات إعادة النظر في هيكلة مؤتمري: الحوار والوفاق.. ونقترح دمجهما معا في مؤتمر واحد تكون له رئاسة وأمانة فنية تقوم بالإعداد كما أشرنا ومع تكامل الإعداد تكون الدعوة إلي المؤتمر لينعقد في جلسة عامة ثم يتفرع إلي لجان نوعية ثم يعود للجلسة العامة وليضع في النهاية إستراتيجية للعمل الوطني علي مدي العشرين سنة القادمة.. ويتم طرحها ونشرها للنقاش العام.. و.. لتلقي ردود الفعل والتعليقات التي توضع في الاعتبار.. وبعد ذلك تكون الصياغة النهائية.. وليس هذا فقط انما تستمر الأمانة الفنية في العمل مع رئاسة المؤتمر لتكون حارسة للإستراتيجية شارحة لها مستعدة للتفاعل مع أية مستجدات متعاونة مع المؤسسات التشريعية بعد انتخابها أي.. ليكون المؤتمر تجمعا مستمرا معبرا عن عقل مصر. ولا أريد الاستطراد في التفاصيل.. لكن ربما يتحتم القول ان المؤتمر من خلال رئاسته وأمانته الفنية وآلياته يكون دوما الي جانب هدفه الاستراتيجي مستعدا للتعاطي وابداء الرأي في الأحداث الكبري يوميا ويستعين بمراكز الدراسات السياسية والبحثية الموجودة وأعتقد ان الرؤية هي المنارة التي تضئ لنا المستقبل وتبدد المجهول وهذا ما تفعله الدول المستنيرة ومصر دوما كانت وسوف تظل مستنيرة وهي وطن مقدر له ان يكون قاعدة محورية للمنطقة بشهادة التاريخ.. ولا يمكن ان يكون كذلك ويمارس دوره الا اذا كان شعبه قادرا عفيا يتمتع بالعدالة القانونية والاجتماعية وبممارسة حقوق الانسان بتلبية حاجياته الأساسية. وهذا ما لابد للرؤية ان تتعرض له وتشرحه ليس فقط بالخطوط العريضة انما أيضا بالتفاصيل الدالة. ان القضية متشعبة.. لكنها فيما نري.. أساس البناء والتقدم..و.. هي الأهم والأولي بالاهتمام. المزيد من مقالات محمود مراد