لمعرفة كيف كان يتصرف الناس قبل ثورة25 يناير, في ظل النظام السابق الديكتاتوري المستبد يجب ان نواجه الماضي وأن يتم تكليف لجنة من خبراء المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية بأن تعكف علي تحليل وفحص ومعالجة وثائق وملفات جهاز أمن الدولة إبان فترة حكم النظام السابق للتعرف. علي سلوكيات الناس وكيفية مواجهتها وتأقلمها مع متطلبات التعايش مع الاستبداد والقمع, وهذا ليس بدعة, فمازالت ألمانيا بعد حوالي عقدين علي عودة الوحدة الألمانية تعكف علي دراسة وتحليل وثائق جهاز الأمن( شتازي) في جمهورية ألمانيا الديمقرطية السابقة لقناعتهم بحق الناس في معرفة حقيقة ماضيهم وتاريخهم وكيف تنشأ دولة الاستبداد وتعمل. كل ذلك من أجل ان يدركوا قيمة الديمقراطية ويشاركوا في صنعها وحمايتها. ويجب بعد ان تنتهي هذه اللجنة من عملها ان تسلم الوثائق والملفات السرية في النظام السابق الي أرشيف مركز معلومات مجلس الوزراء بحيث يتيح المركز الاطلاع عليها ضمن شروط قانونية مشددة, للباحثين والمؤسسات وللرأي العام أيضا. ان معالجة تلك الحقبة الاستبدادية من تاريخ مصر تتطلب وعيا واطلاعا علي خبرات العديد من الدول التي عانت من الاستبداد والديكتاتورية وعالجت تلك الحقبة بشفافية ومن ثم انتقلت الي نظام ديمقراطي سليم يواجه الماضي بشجاعة ويتعلم منه حتي لايغير الاستبداد ثوبا ويعود في ثوب آخر فالاستبداد كما ذكر عبد الرحمن الكواكبي في كتابه طبائع الاستبداد هو نتيجة طبيعية للجهل, بمعني أنه متي حل الجهل بقوم حل الاستبداد بهم, ومتي تجذر العلم في عقولهم زكت نفوسهم فانقشعت سحب الاستبداد وأشرقت الشمس في سمائهم يستنيرون بها في معيشتهم. بالعلم تنكشف عيوب المستبد ومكامن ضعفه, وفضائل الرعية وعناصر قوتها فيحقق الانسان مطمحه في الحرية والعدالة والكرامة بأقل الأثمان والتكاليف, فيسعي العلماء في تنوير العقول ويجتهد المستبد في اطفاء نورها, لذا فإننا نأمل في علماء المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية وعلي رأسهم فخر مصر الدكتور أحمد أبوزيد ان يفحصوا تلك الوثائق وأن يخرجوا لنا منها ماتستنير به العقول وتكون لنا وقاء ودرعا من الاستبداد وتقدم نموذجا سلميا للتحرر من الاستبداد تقتدي به الأمم. د. كمال عودة غديف جامعة قناة السويس