** هل نقطة المياه والخلاف بين الزراع والرعاة هي سبب الخلاف الأساسي لأزمة دارفور الممتدة علي مدي السنوات السبع الماضية, منذ اشتعالها حتي الآن؟ أم أن هناك أسبابا أخري دفعت المتمردين الي امتداد الصراع وتدويله. بمساعدة قوي إقليمية ودولية؟ وهل يسعي متمردو دارفور في أجندتهم السياسية الي الانفصال عن الوطن الأم والمطالبة بالحكم الذاتي كما حدث في الجنوب والذي سيحدد مصيره استفتاء العام المقبل؟ وهل الأوضاع لاتزال مأساوية بدارفور مع جهود الإغاثة العربية والإسلامية والدولية؟ أسئلة كثيرة ومتعددة حملتها زيارة ال36 ساعة المجهدة لوفد الجامعة العربية برئاسة الأمين العام عمرو موسي والسفراء العرب والإعلاميين الي دارفور, في أول تحرك عملي للجامعة العربية وخروجها من إطارها السياسي الي التنموي لتنفيذ مشروعات بقيمة8 ملايين دولار لدعم التنمية بدارفور من أجل دعم جهود السلام السياسية التي تبذل. وعلي الرغم من عدم وجود أرقام رسمية إلا أن أعداد سكان أقاليم دارفور الثلاثة تبلغ7 ملايين و400 ألف نسمة حصدت حروب السنوات السبع منهم691 ألفا و272 نسمة بين قتيل وجريح ونازح بالداخل ولدولة الجوار تشاد التي لاتزال المعادلة الصعبة في حل ما تبقي من الصراع برغم جهود المصالحة السودانية التشادية التي حدثت أخيرا, ولايزال هناك90 ألف لاجيء بعد عودة أكثر من مليون لاجيء بالعودة الطوعية الي قراهم ولكن حجم الدمار الذي أحدثته المواجهات المسلحة أدي الي صعوبة العودة والاستقرار لدعم جهود السلام, وهو ما أدي الي التدخل العربي بتقديم أكثر من80 مليون دولار, دعما غذائيا وإنسانيا وبناء أكثر من150 قرية. .. ولكن الملاحظ أن مشكلة دارفور الأساسية مثل العديد من مناطق السودان هي غياب التنمية المتكاملة التي تساعد المواطنين علي الحياة والاستقرار والانتاج, ومنذ انطلاق طائرة الجامعة العربية من القاهرة كان وفد الجامعة والسفراء العرب والإعلاميون يحملون أكثر من رسالة دعم عربية لشعب السودان بصفة عامة, ولإقليم دارفور بصفة خاصة. الرسالة كما أوضحها الأمين العام للجامعة العربية وهو يعقد أول اجتماع لمجلس الجامعة العربية علي مستوي المندوبين خارج مقر الأمانة العامة بالقاهرة بدارفور بناء علي اقتراح سفير سوريا بمصر يوسف الأحمد. ليأتي إعلان الفاشر الذي أصدره مجلس الجامعة في ختام أعماله بولاية شمال دارفور تأكيدا للوحدة التاريخية بين أهل دارفور وذلك ردا علي دعاوي تحويل الصراع بين القبائل العربية والإفريقية. ومع التأييد والدعم الكامل لجهود السلام وتطبيع العلاقات السودانية التشادية, أعلن السفراء والمندوبون العرب عن ارتياحهم لتصاعد الوجود العربي الانمائي المباشر في دارفور والذي بلغت مساهماته أكثر من80 مليون دولار أسهمت الجامعة العربية بمبلغ8 ملايين من الدولارات, هذا الي جانب الدعم العربي الثنائي والذي تصدرته مصر الدولة الشقيقة الكبري للسودان, كما يقول السفير حازم خيرت الذي رأس وفد مصر في اجتماعات مجلس الجامعة بدارفور, حيث بدأت مصر من عام2007 في حفر10 آبار للمياه الجوفية, الي جانب تقديم مساعدات إنسانية وغذائية بأكثر من مليون دولار وإرسال قوافل طبية, بالإضافة الي الدعم الدبلوماسي والسياسي الذي تقوم به مصر لحل الأزمة مع أطراف النزاع وتواصل مصر جهودها باستضافة مؤتمر المانحين لدارفور بالقاهرة الشهر المقبل بالتعاون مع منظمة المؤتمر الإسلامي وتركيا. وبرغم الاستقبالات الشعبية من أهالي دارفور إلا أن الواقع يشير, كما أوضحه الصديق نورالدين المازني المتحدث الرسمي لقوات اليوناميد, الي حاجة هذه القوات الي وصول أعدادها الي26 ألفا لحفظ السلام الذي لم يتحقق بالكامل بعد علي أرض دارفور نتيجة استمرار بعض الاختراقات. وبرغم ذلك فقد كشفت زيارة العرب لدارفور الحاجة الماسة للتنمية بمختلف جوانبها لدعم وتثبيت جهود السلام وهي مسئولية الصناديق العربية ورجال الأعمال العرب للاستثمار الآمن لثروات دارفور الطبيعية التي تسعي القوي الخارجية لإشعال الصراع للسيطرة علي ثرواتها النفطية والمعدنية. هذا الواقع أدركه أمين عام الجامعة العربية وهو يستعد يوم23 فبراير الحالي لقيادة رجال الأعمال العرب في زيارة لمدينة جوبا بجنوب السودان. وفي نفس الوقت, فإن مطالب جيوب المتمردين لا تسعي الي الانفصال بالإقليم والحصول علي الحكم الذاتي, كما تروج بعض الأبواق الخارجية خاصة أن مسيرة الحياة تسير بصورة طبيعية بنسبة80% في ولايات الشمال والجنوب, وتقل كثيرا في ولاية غرب دارفور المجاورة لتشاد والمحصلة النهائية أن أزمة دارفور وان انطلقت بخلاف طبيعي بين الرعاة والزراع علي نقطة المياه, إلا أن الواقع يشير الي أن مشكلاتنا الداخلية إن لم نسرع بحلها بالحوار المجتمعي والتنمية المتكاملة ستجد من يسرع باحتضانها وتصعيدها.