هي مجرد مسافة لا تزيد عن كيلو متر واحد تفصل بين مشهدين بل بين " مصرين " إن صح التعبير .. مصرالوحدة .. ومصر الانقسام .. مصر المدنية .. وتلك الطائفية .. مصر المحبة والسلام .. والأخرى مصر الفرقة والكراهية .. مصرالعدل والمساواة والرحمة .. وتلك مصر الانقسام والتمييز والتفتيش في الضمائر .. مصر التي اعتدناها ..والثانية التي يريدون فرضها علينا ..!! المشهد مغاير تماماً بين ميدان التحرير حيث كانت الحناجر تُشْرَخ " إرفع رأسك فوق أنت مصري " وبين "ماسبيرو " حيث تَصرُخ الأصوات " ارفع رأسك فوق أنت قبطي " مفضلة التفرقة وإعادة فرز المواطنين !! ربما كان "الخوف " أو "القلق " هوالدافع لهؤلاء الإخوة لأن يتجمعوا أمام ماسبيرو .. وربما كانت مرارة الاحساس بالتفرقة وراء ذلك ..وربما يكون القلق على كنائسهم من أن تمتد يد لإحراقها .. أوربما يكون الشعور بالقلق على أن يجبرهم أحد على الرحيل وراء إصرارهم على البقاء في ذات المكان على الرغم من أن أحداً لا يملك حتى حق التفكير في تنفيذ ذلك .. ولكنهم ودون أن يدري معظمهم أعادوا إنتاج ما كان قد أثار مخاوفهم " الإحساس بالتفرقة "..!! وبقدر استنكارنا جميعاً " لعروض القوى " في الكثير من المواقع التي استهوت بعض التيارات السلفية فإننا نستنكر أيضاً "مشهد ما سبيرو " الذي تكرر مرتين إن لم يكن أكثر بذات السيناريو " صلبان خشبية ترفع .. هتافات طائفية .. خيام تنصب .. قطع الطريق .. تعطيل أعمال " وبعد ذلك تراشق وحرائق وجرحي وخسائر ثم تجاوز مؤقت عن كل ما جرى إنتظاراً للمشهد التالي في ذات السيناريو المقيت !! ولأن ما نمر به من ظروف تستوجب القفز فوق هذه المصادمات جاء تحذير البابا شنودة " فصبر الحكام قد نفذ " ..إلا أن أعداداً من الإخوة أعلنوا " العصيان " دون أن يدركوا أي صورة سلبية ينقلونها للخارج عما يجرى في مصر .. وبالتالي أى تأثير يقع على الإقتصاد إلى درجة أكد معها المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن الإقتصاد المصري قد دخل مرحلة الخطر وأن معدل تدفق الإستثمارات الأجنبية قد بلغ "صفر " وأن الإقتصاد يخسر 40 مليون دولار مع كل طلعة شمس !! وحتى نتجنب تكرار ما يحدث سواء من جانب إخوة مسلمين أو إخوة مسيحيين فإنه لابد وأن يخضع كل من إرتكب جريمة إعتداء على الآخر أو شارك في هذه الأحداث الطائفية لمحاكمة عاجلة حاسمة تقطع يد كل من يحاول إشعال نيران الفتنة ولا نكتفي بتلك المشاهد " الهزلية " لإحتضان شيخ معمم قساً عندما يلمحان عدسة كاميرا التليفزيون في أي مناسبة عامة .. هذا على الجانب العاجل أما على المدى الطويل فإنه يجب أن تتغير بالفعل لغة الخطاب الديني .. أن تعود الخطبة من فوق منبر المسجد أو الكنيسة إلى ما كانت عليه تدعو للمحبة والسلام والرحمة .. أن نقترب أكثر من نقاط الإتفاق التي تجمع الطرفين بقدر إبتعادنا عن نقاط الإختلاف !! في النهاية إذا لم نتغير ولم نلتزم بنصوص القانون وتطبيقه على الجميع دون استثناء فإن علينا وقتها أن نعترف بأنه مثلما تفيض " شققنا السكنيه " - بصرف النظر عن مستويات ساكنيها اقتصاديا أو ثقافيا أو اجتماعيا – " بكراكيب " متنوعه فقدت كل قيمتها نظرا لعدم استخدامها, فإن ادماننا " ثقافه الكراكيب " قد دفعنا الي ان نحتفظ بتشريعات لا لزوم لها لأنها لا تطبق في الواقع.. وأننا نصدر قرارات لا ننفذ منها شيئاً .. وأننا ننشيء كيانات ندمن اختراق توصياتها.. وأننا نشكل لجاناً وننظم موتمرات نعلم مقدما ان توصياتها ستضاف الي عشرات الآلاف من مثيلاتها السابقة..وان كل الاختلاف بينها وبين تلك " الكراكيب " هو احتفاظنا بهذه التوصيات علي اسطوانات مدمجة " سي دي " لزوم التطور وان كانت ستغطيها الاتربه في النهايه وسط تلك الكراكيب!! المزيد من مقالات عبدالعظيم درويش