بكام الفراخ البيضاء؟ أسعار الدواجن والبيض في الشرقية الأربعاء 8 مايو 2024    أخبار السيارات| أرخص موديل زيرو في مصر.. أول عربية من البلاستيك.. وأشياء احذر تركها في السيارة بالصيف    بعد احتلال معبر رفح الفلسطيني.. هل توافق أمريكا مبدئيًا على عملية رفح؟    الخارجية: توقيت تصعيد الجانب الإسرائيلي الأحداث في رفح الفلسطينية خطير للغاية    القنوات الناقلة لمباراة ريال مدريد وبايرن ميونخ في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    المدرج نضف|«ميدو» عن عودة الجماهير: مكسب الأهلي والزمالك سيصل ل4 ملايين جنيه    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة    تغير يكرهه المصريين، الأرصاد تحذر من طقس اليوم حتى يوم الجمعة 10 مايو    ياسمين عبد العزيز تكشف سبب خلافها مع أحمد حلمي    مقالب بطفاية الحريق.. ياسمين عبدالعزيز تكشف موقف لها مع أحمد السقا في كواليس مسرحة «كده اوكيه» (فيديو)    حسن الرداد: مش شرط اللي دمه خفيف يعرف يقدم كوميديا وشخصيتي أقرب لها|فيديو    عاجل.. أول رد من صالح جمعة على إيقافه 6 أشهر    مكاسب الأهلي من الفوز على الاتحاد السكندري في الدوري المصري    القاهرة الإخبارية: تعرض رجل أعمال كندي يقيم بالبلاد لحادث إطلاق نار في الإسكندرية    مفيد شهاب: ما قامت به إسرائيل يخالف اتفاقية السلام وتهديد غير مباشر باستخدام القوة    وفاة شقيقين مصريين في حريق شقة بأبو حليفة الكويتية    عزت إبراهيم: تصفية الوجود الفلسطيني في الأراضي المحتلة عملية مخطط لها    عيار 21 يسجل أعلى سعر.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الأخير    البيت الأبيض يعلق على السخرية من طالبة سوداء في تظاهرات دعم غزة    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 8 مايو.. «هدايا للثور والحب في طريق السرطان»    محمد رمضان: فرق كبير بين الفنان والنجم.. واحد صادق والتاني مادي    تليجراف: سحب لقاح أسترازينيكا لطرح منتجات محدثة تستهدف السلالات الجديدة    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    نشرة التوك شو| تغيير نظام قطع الكهرباء.. وتفاصيل قانون التصالح على مخالفات البناء الجديد    واشنطن: القوات المسلحة المصرية محترفة ومسئولة ونثق في تعاملها مع الموقف    بالمفتاح المصطنع.. محاكمة تشكيل عصابي تخصص في سرقة السيارات    ياسمين عبد العزيز: محنة المرض التي تعرضت لها جعلتني أتقرب لله    شاهد.. ياسمين عبدالعزيز وإسعاد يونس تأكلان «فسيخ وبصل أخضر وحلة محشي»    ندوة "تحديات سوق العمل" تكشف عن انخفاض معدل البطالة منذ عام 2017    ماذا يحدث لجسمك عند تناول الجمبرى؟.. فوائد مذهلة    5 فئات محظورة من تناول البامية رغم فوائدها.. هل انت منهم؟    «العمل»: تمكين المرأة أهم خطط الوزارة في «الجمهورية الجديدة»    مغامرة مجنونة.. ضياء رشوان: إسرائيل لن تكون حمقاء لإضاعة 46 سنة سلام مع مصر    رئيس البورصة السابق: الاستثمار الأجنبي المباشر يتعلق بتنفيذ مشروعات في مصر    الداخلية تصدر بيانا بشأن مقتل أجنبي في الإسكندرية    قبل مواجهة الزمالك.. نهضة بركان يهزم التطواني بثلاثية في الدوري المغربي    متحدث الزمالك: هناك مفاجآت كارثية في ملف بوطيب.. ولا يمكننا الصمت على الأخطاء التحكيمية المتكررة    تحت أي مسمى.. «أوقاف الإسكندرية» تحذر من الدعوة لجمع تبرعات على منابر المساجد    عاجل - "بين استقرار وتراجع" تحديث أسعار الدواجن.. بكم الفراخ والبيض اليوم؟    فوز توجيه الصحافة بقنا بالمركز الرابع جمهورياً في "معرض صحف التربية الخاصة"    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    «خيمة رفيدة».. أول مستشفى ميداني في الإسلام    رئيس جامعة الإسكندرية يشهد الندوة التثقيفية عن الأمن القومي    موقع «نيوز لوك» يسلط الضوء على دور إبراهيم العرجاني وأبناء سيناء في دحر الإرهاب    كيف صنعت إسرائيل أسطورتها بعد تحطيمها في حرب 73؟.. عزت إبراهيم يوضح    بعد تصريح ياسمين عبد العزيز عن أكياس الرحم.. تعرف على أسبابها وأعراضها    أختار أمي ولا زوجي؟.. أسامة الحديدي: المقارنات تفسد العلاقات    ما هي كفارة اليمين الغموس؟.. دار الإفتاء تكشف    دعاء في جوف الليل: اللهم امنحني من سَعة القلب وإشراق الروح وقوة النفس    صدمه قطار.. إصابة شخص ونقله للمستشفى بالدقهلية    وفد قومي حقوق الإنسان يشارك في الاجتماع السنوي المؤسسات الوطنية بالأمم المتحدة    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة لعام 1445 هجرية    طريقة عمل تشيز كيك البنجر والشوكولاتة في البيت.. خلي أولادك يفرحوا    الابتزاز الإلكتروني.. جريمة منفرة مجتمعيًا وعقوبتها المؤبد .. بعد تهديد دكتورة جامعية لزميلتها بصورة خاصة.. مطالبات بتغليظ العقوبة    إجازة عيد الأضحى| رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى المبارك 2024    القيادة المركزية الأمريكية والمارينز ينضمان إلى قوات خليجية في المناورات العسكرية البحرية "الغضب العارم 24"    ضمن مشروعات حياة كريمة.. محافظ قنا يفتتح وحدتى طب الاسرة بالقبيبة والكوم الأحمر بفرشوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هو وهى
فوبيا أسامة بن لادن

تلك المنطقة الحرجة التي يجد المرء نفسه فيها بحكم الحدث لا يستطيع الادلاء برأي قاطع بالنفي أو الإيجاب‏,‏ ومثال لذلك مواجهتك بالسؤال فيما إذا كنت تشعر بالأسي تجاه حسني مبارك الرئيس المعزول العجوز السجين المريض المدان طريح فراش الاكتئاب‏. في انتظار توقيت حالة الاستقرار التي ما أن تعلنها أجهزة مستشفي شرم الشيخ الطبية حتي يتم نقله إلي جدران زنزانة العقاب علي ما اقترفت يداه, وما أدت إليه غفلته بترك مقاليد البلاد لبطانته تعيث فيها الفساد, وهو الأب الذي عاش ليشهد سجن الأبناء وثورة شعب يطالبه بالرحيل, وهو الزوج الذي لم يعد يستطيع الوصول إلي زوجته إلا من فوق مقعد العجلات, وكان الرياضي الذي يهزم الجميع في ملاعب الاسكواش, وهو الطيار الذي شارك في حرب أكتوبر وحاز الانتصار.. أو أنك في أمر مبارك لا تري سوي أن يأخذ العدل معه مجراه حتي النهاية لينال جزاءه حتي ولو تنازل عن جميع ممتلكاته للدولة, بل وقدم للدولة الاعتذار!!.. حالة البين بين هذه تضعنا بالمثل أمام السؤال الصعب: هل اغتيال بن لادن يدعو إلي الفرح أم إلي الحزن؟!.. البعض أسعده النبأ معتبرا مصرعه سقوطا لرأس الإرهاب في العالم, والبعض رآه شهيدا قتلته القوات الأمريكية وألقت جثمانه في البحر, بينما هو البطل الذي تصدي للغزو الشيوعي وأرغم الروس علي الانسحاب من أفغانستان بعد معركة جلال آباد في عام79, والغالبية لم تترحم عليه رغم أن أمريكا العدو الأول له قد ترحمت عليه حين صلت في جنازته علي سطح السفينة ودعت حتما في التكبيرة الثالثة بحسب طقوس صلاة الميت بعد غسله وتكفينه تبعا للشريعة الإسلامية أن يغفر له الله ويدخله فسيح جناته, فلا أحد يصلي علي ميت ويدعو أن يدخله الله جهنم وبئس المصير.. بل ويعد الكاتب الأمريكي اليهودي ناعوم تشوفسكي ملكيا أكثر من الملك عندما يكتب منددا بجريمة اغتيال بن لادن تحت عنوان ليلة قطع رأس القاعدة إذ يقول: لابد وأن نسأل أنفسنا كيف ستكون ردة فعلنا لو أن قوات كوماندوز عراقية هبطت فوق مسكن جورج بوش واغتالته ثم قذفت بجثته في المحيط الأطلسي, وذلك لأن جرائمه بدون شك تتجاوز بكثير جرائم بن لادن, بالإضافة إلي أن قرار إدانته يعود إلي كونه( صاحب القرار) الذي أعطي الأوامر لاقتراف أعظم الجرائم الدولية وكان جورج دبليو بوش قد أعلن في مؤتمر صحفي بأنه كان يتناول الجاتوه مع زوجته( لورا) في أحد مطاعم مدينة دالاس عندما تلقي مكالمة أوباما التي يخبره فيها بتفاصيل عملية الاغتيال فظل يردد: إذن كان بن لادن في أبوت آباد وليس كما ظننا في جبال تورا بورا.. وعلي نفس موجة الإدانة فقد تقدم قاض ألماني ببلاغ للمدعي العام في مدينة هامبورج ضد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بسبب التصريحات التي أعربت فيها عن سعادتها بمصرع زعيم تنظيم القاعدة في الهجوم الأمريكي شمال باكستان, وذكرت مجلة دير شبيجل الألمانية أن القاضي هاينز أوتمان اتهم المستشارة الألمانية بالموافقة العلنية علي جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد, وهو أمر يعاقب عليه قانون العقوبات الألماني بصرامة بالغة, وقد بني أوتمان حجته في البلاغ علي أن مقتل بن لادن كان جريمة نكراء.. وقال الرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو في عاموده الصحفي اليومي الذي يكتب فيه تأملاته التي تنشرها الصحافة الرسمية الكوبية: إن الرأي العام الأمريكي من بعد زوال مشاعر الابتهاج الفورية سوف يعود ليدين الوسيلة الهمجية لقتل أسامة في حضور أطفاله وزوجاته في باكستان التي انتهكت قوانينها واستبيحت كرامتها الوطنية, وأهينت تقاليدها الدينية..
في مايو1994 دعينا كرؤساء تحرير الصحف والمجلات المصرية للقيام برحلة لأداء فريضة العمرة ومشاهدة التوسعات الجديدة في الحرمين الشريفين التي حققها شيخ العمارة الإسلامية المهندس المصري الراحل الدكتور كمال إسماعيل, وكانت الدعوة موجهة من مجموعة بن لادن التي أشرفت علي أعمال المقاولات, حيث التقينا بالعديد من أفراد أسرة بن لادن الكبيرة التي تضم52 أخا وأخت, يعد أسامة الابن السابع عشر فيها من أبناء المقاول الشهير محمد عوض بن لادن الذي حضر إلي جدة من حضرموت عام1930 ليعمل حمالا في الميناء ليغدو بعدها أكبر مقاول إنشاءات في السعودية له بصفة دائمة ثلاث زوجات سعوديات, بينما الأخريات اللاتي يبدلهن من البلاد الأخري, فوالدة أسامة كمثال عليا غانم من اللاذقية وطلقت منه بعد عام واحد رزقت فيه بأسامة.. وقد قام الأب بإعادة بناء المسجد الأقصي بعد أن ناله الحريق عام1969, وساهم في التوسعة الأولي للحرمين الشريفين, وجاءت وفاته إثر اصطدام طائرته الهليكوبتر بجبل الطائف وعمر أسامة وقتها9 سنوات تاركا ثروة تقدر بمئات الملايين من الدولارات, وتولي ابنه البكر سالم إدارتها إلي أن تحطمت طائرته الخاصة في تكساس بالولايات المتحدة ليقدر نصيب أسامة بعد توزيع الميراث ب300 مليون دولار لا يبقي منها في جيبه سوي500 يورو عثر عليها في ملابسه بعد مقتله, بالإضافة إلي رقمي تليفون!
أسامة زعيم القاعدة الذي كان مقتله الخبر الأهم في العقد الأخير خاطفا الأضواء مما يحدث في سوريا واليمن وليبيا من ثورات قال عنه بريان فايفيلد شايلر المدرس البريطاني الذي درس لأسامة بن لادن اللغة الإنجليزية في مدرسة خاصة بالسعودية: إن أسامة كان تلميذا هادئا وخجولا, وأضاف بريان: إن هذا الولد الذي أصبح أهم الأشخاص المطلوب اعتقالهم في العالم كان يتصرف بشكل طيب, ويؤدي بجدية كل عمله في الوقت المناسب, وكان لطيفا دمثا أكثر من أي شخص آخر في فصله, وكان متميزا بين زملائه لأنه كان الأطول والأكثر أناقة ووسامة من معظم الطلبة الآخرين, وكان لديه قدر كبير من الثقة بالنفس, ويغلب علي ملامحه الحزن, والتفكير العميق, ونادرا ما رآه أصحابه يضحك بصوت عال وقد أكمل أسامة مراحل دراسته كلها في جدة, وأتم دراسته الجامعية في علم الإدارة العامة والاقتصاد, حيث تخرج في جامعة الملك عبدالعزيز.. وعند سؤال المربية المصرية الفاضلة نوال الدجوي عن تلميذها أسامة بن لادن الذي التحق طفلا بمدرستها الخاصة قالت إنه كان يمثل بمظهره اليافع الذي يعطيه سنا أكبر من سنه قيادة حتمية للأطفال من حوله رغم هدوئه والتزامه بأداء واجباته المدرسية.
وظل طول قامة أسامة بن لادن لافتا للنظر حتي لرجال المخابرات الأمريكية الذين استأجروا بيتا لعدة أشهر في أبوت آباد بجوار المجمع السكني الذي يعيش فيه مع عائلته حيث ذكروا أنهم كانوا يرون رجلا منحنيا يظهر في معظم الأيام ليتمشي في الفناء لساعة أو ساعة ونصف, حتي أطلقوا عليه اسم الرجل ذي الخطوات المنتظمة ورغم ظهوره يوميا وفي نفس التوقيت لم يتسن لهم الحصول علي لقطة واضحة لوجهه, بينما كان سلوكه يعكس كما لو كان أشبه بالسجين خلف أسوار الأسلاك الشائكة.. ولأن طول بن لادن تبعا للاستخبارات لا يقل عن ستة أقدام وأربع بوصات فقد طلب البيت الأبيض لقطات أكثر دقة بالأقمار الصناعية تحدد طول رجل الممشي, فأجاب المسح الجغرافي بأن طوله ما بين5 أقدام وثماني بوصات و6 أقدام وثماني بوصات, ولكن بقي التقرير حتي النهاية مهتز المصداقية لغياب المعلومات عن سمك أسوار المبني والنوافذ مما يؤثر علي الحكم النهائي في مسألة الطول, وخلال الهجوم تهشمت إحدي الطائرتين الهليكوبتر لكن الطيار هبط بأمان, مما أجبر المهاجمين علي الدخول إلي المبني الرئيسي مباشرة بدلا من تنفيذ خطة الهبوط من السقف, وداخل غرفة العمليات بالبيت الأبيض كان الرئيس أوباما وفريق الأمن القومي التابع له يراقبون تصوير فيديو للغارة, وعندما عرض جثمان بن لادن طلب من أحد عناصر القوات الخاصة أن يتمدد إلي جواره لمقارنة الطول, وكان طول رجل القوات6 أقدام فيما كان بن لادن أطول بمقدار عدة بوصات, وعند نقل المعلومة إلي أوباما التفت إلي مستشاريه قائلا: لقد تبرعنا بهليكوبتر قيمتها60 مليون دولار لهذه العملية, وألم يكن في استطاعتنا شراء مجرد متر قياس بدلا من الملايين المهدرة هذا ولم يكن الطول فقط هو ما أثبت مقتل بن لادن الحقيقي, فقد تطابق فحص الحمض النووي له بنسبة مائة في المائة مع عينة كانت قد أخذت من شقيقته عند علاجها مسبقا في مستشفي بمدينة بوسطن الأمريكية إلي جانب تعرف إحدي زوجاته عليه بعد مقتله!
ولم يذكر أوباما أنه إلي جانب ثمن الهليكوبتر التي سقطت سوف تقوم الولايات المتحدة بتوزيع50 مليون دولار علي أسر ضحايا هجوم11 سبتمبر الذي نفذته القاعدة والذي أعلن بن لادن تحمل مسئوليته, وكانت قيمة المكافأة في عام2001 لا تعدو25 مليون دولار ارتفعت إلي ضعفها للشخص الذي يقدم معلومات من شأنها أن تقود إلي القبض علي أسامة, وبما أن المهمة كانت بيتي فقد قام بها رجال الكوماندوز الأمريكي فإن الملايين أيضا ستوزع بيتي علي أسر الضحايا الثلاثة آلاف, هذا وسوف تعيد باكستان ذيل الهليكوبتر التي تحطمت وبقي منها الذيل سالما مما أثار قلق أوباما فيما إذا لم تسترده خشية وقوعه في أيدي الصينيين حلفاء باكستان الذين سيكتشفون من خلاله سر تصميم طراز جديد من الطائرات البلاك هوك.. وبما أن السناتور جون كيري الذي أرسله أوباما قد عاد سالما من إسلام آباد معلنا أن باكستان ستعيد الذيل هذا الأسبوع, فقد استراح أوباما الرئيس المختلف صاحب الأسلوب المختلف الذي قد تظهر الأيام أنه أخطر من بوش ومن بن لادن معا لقدرته علي قتل أنظمة وحكومات مثل قتل ألد الأعداء في عقر دارهم, إلا أنه يسجل له وهو الذي يحمل اسم باراك حسين أوباما وواجه كثيرا من حملات غمز ولمز من اليمين المتطرف لجذوره الإسلامية أنه ألغي استخدام مصطلح الإرهاب الإسلامي من الوثائق الرسمية, كما كان حريصا في خطابه الذي أعلن فيه عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة علي التأكيد مجددا أن الولايات المتحدة ليست في حرب مع الإسلام مشيرا إلي أن بن لادن قتل أيضا أعدادا كبيرة من المسلمين..
وعلي مدي عدة أعوام كان الظن بأن بن لادن وتنظيم القاعدة يستخدم الحمام الزاجل والمراسيل في مسألة الاتصالات, وما أصعب أن تقاتل شبحا غير معروف العنوان هو خصم عنيد قد يكون في أية مغارة أو في سرداب ولا شيء يرشد إليه فهو لايتعامل مع أية وسيلة اتصال حديثة, وظل المبني الذي عاش فيه حتي مقتله والمكون من ثلاثة طوابق بلا خطوط تليفون أو خدمة انترنت ليظل منيعا أمام أية تقنية تنصت تستخدمها وكالة الأمن القومي الأمريكي, إلا أن لكل حصان كبوة جاءت هنا مع دردشة تليفون, كان ظاهرها برئ لكنها قادت في النهاية للنهاية, ففي العام الماضي رن موبايل أبوأحمد الكويتي وجنسيته باكستاني مسجل لدي المخابرات الأمريكية علي أنه جسر الوصال الرئيسي لأسامة بن لادن, وكان الرقم لصديق قديم تساءل عندما رد عليه أبو أحمد: إنت فين يا راجل.. واحشنا.. كيف الحال معك. مشغول بإيه اليومين دول؟! وجاء رد الكويتي مبهما لكنه يحمل الكثير من الدلالات عندما قال: والله يا أخي رجعت للناس اللي كنت معاهم من قبل, ومضت فترة صمت لابد وأن يكون الصديق فيها قد استدل من الإجابة بأن الكويتي قد عاد لبن لادن ومن هنا جاء قوله ربنا يسهل.. وكانت مكالمة الهنا للمخابرات, حيث قادت في النهاية بعد آلاف الاستخبارات إلي المجمع السكني في أبوت آباد المدينة التي تبعد32 ميلا شمال العاصمة الباكستانية إسلام آباد, وكانت المخابرات قد ظلت تبحث عن الكويتي علي مدي أربعة أعوام لتأتي المكالمة الفارقة التي قادت إلي بن لادن شخصيا, وكان الكويتي والآخرون عندما يضطرون لإجراء أية اتصالات يقودون سياراتهم لمدة ساعة ونصف خارج الإطار قبل وضع البطارية داخل المحمول.
وإلي جانب أداء فريضة العمرة والزيارة كانت دعوة مجموعة بن لادن لنا في عام1994 ترمي إلي أن نتولي عبر مواقعنا الإعلامية نقل حقيقة موقف أسرة أسامة بن لادن الرافضة لسلوكه إلي حد التبرؤ منه, وكانت الأسرة قبل موعد زيارتنا للأراضي المقدسة قد قامت بتجميد أموال أسامة وتحذيره بعدم ممارسة أي نشاط علني, وسحب جنسيته السعودية, والتبرؤ منه مما دفعه لأن يأخذ مبادرة فعلية ضد الحكومة السعودية بإصدار بيان شخصي يرد فيه علي قرار سحب الجنسية, ويقرر بعدها التحرك علنا لتتوالي الأحداث وتنسب إليه مع أعوانه أغلب حوادث التفجير في العالم والتي فيها مساس بالمصالح الأمريكية ليغدو العدو اللدود لأمريكا, والقائد الأول لحركة الجهاد, ويأتي يوم11 سبتمبر2002 ليسمع صوت بن لادن من خلال شريط بثته قناة الجزيرة يمدح منفذي هجمات سبتمبر مما اعتبره الكثيرون دليلا واضحا علي مسئوليته عن التفجيرات باعتباره العقل المدبر والجهة الممولة.. ويشهد شاهد من أهلها تركي الفيصل بن عبدالعزيز: إن من أساء إلي نفسه ودينه وإلي الناس فإن الله هو الكفيل بمعاقبته, وإن موت أسامة الفعلي لم يكن حين استهدف في باكستان, وإنما كانت نهايته عندما اختار طريق التكفير والتفجير وقتل الأبرياء مسيئا إلي نفسه وعائلته وبلده ودينه, فكفر الحكومات الإسلامية والمسلمين, وأراق دماء الأبرياء من المدنيين في شتي أنحاء العالم وهو مختبئ في الكهوف, بل إن جنايته طالت أبناءه مورطا إياهم في معارك لا علاقة لهم بها الأمر الذي عرضهم للقتل والأسر والإهانة, كما أساء إلي عائلته التي بني لها والده سمعة طيبة علي مستوي العالم فكانت جرائم أسامة سببا لتعرضهم للمحاكمات والمضايقات, في الوقت الذي أساء فيه إلي بلده مرات كثيرة عندما استهدفه بالتكفير والتحريض وعمليات التفجير التي لا تفرق بين رجل وامرأة ولا بين طفل وشيخ, مما نتج عنه مقتل وإصابة المئات من الأبرياء وتهديم الممتلكات وترويع الآمنين, أما إساءته إلي الإسلام فكانت بقيام زبانيته بتخبئة المتفجرات داخل المصحف الشريف واستحلال الحرم, وقد قال تعالي: ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم وقد جعلت الأعمال الإرهابية التي قام بها الإسلام والمسلمين هدفا لحملات الدعاية المغرضة التي تحاول الانتقاص منهم بأية وسيلة كانت وإعطاء الفرصة لوصم الإسلام والمسلمين بالإرهاب والتطرف والوحشية.. لقد خسر بن لادن معركته مع السعودية عندما حاول زعزعة استقرارها, وخسر معركته مع باكستان التي كان يحلم بتغيير نظامها ولم يظفر بأكثر من غض الطرف عنه من جهاز مخابراتها.. بل لقد قتل بن لادن في الوقت الضائع لأنه منذ اكتشاف النداء المسالم الشعب يريد.. فقدت الدعوي القاعدية جاذبيتها لدي البعض, كما انصرف عنها آخرون مبكرا بعد تأكدهم من عبثية ما تطرحه وتقوم به, ومن يبقي علي دربها في العنف لن يخرج عن عصابات البلطجية.
لقد خسر بن لادن معركته في كل مكان فلم يرفع المحتجون صوره في تونس, ولم يطل بلحيته في ميدان التحرير, ولم يحاول ثوار اليمن أو ليبيا الانتساب إليه, فقد أتت الثورات من قاموس آخر جديد تطالب بالانتماء إلي العالم الحاضر, والتعامل مع أحدث معطيات العلم والتكنولوجيا, وتداول السلطة والتعددية والشفافية واحترام الرأي الآخر.
وإذا ما كانت القوة الأمريكية التي قامت بالعملية العسكرية قد عثرت في المبني الذي يمتلكه الباكستاني محمد ارشاد خان 45 عاما علي22 شخصا من أسرة بن لادن بينهم ثلاث زوجات منهن أمل عبدالفتاح اليمنية التي تزوجها بن لادن عام1991 عندما كان عمرها17 عاما بمهر قدره5000 دولار حمله وسيط وأنجبت منه ستة أبناء وكان بن لادن قد خيرها بين البقاء معه في أفغانستان أو العودة إلي اليمن ففضلت البقاء إلي جانبه والموت شهيدة.. وكان هناك ثمانية أولاد وفتاة اسمها صفية في الثانية عشرة قالت إنها شاهدت الأمريكيين يأسرون آباها حيا ثم يطلقون النار عليه من مسافة قريبة في غرفة بالطابق الأرضي, وعثرت القوة في البيت المنتهك علي جهاز فيديو وخمس بنادق من طراز كلاشينكوف ومسدسات, بالإضافة إلي كمية كبيرة من الوثائق الورقية, ودليل أرقام هاتفية مخيطا في بطانة ثياب بن لادن, وبقرة وكلب وأرانب وأدوية طبية مضادة للسعال وأخري مسكنة للصداع, لكنها أبدا لم تجد أية معدات أو تجهيزات طبية لغسيل الكلي, حيث تردد في السنوات الأخيرة أن بن لادن يعاني من مرض الكلي, غير أن ساعده الأيمن الطبيب المصري أيمن الظواهري نفي في عام2008 أي أنباء عن تدهور صحة زعيم التنظيم بقوله: إن الشيخ أسامة في صحة وعافية بفضل الله, والمغرضون يحاولون دائما إشاعة أنباء كاذبة عن مرضه, وأسامة بن لادن إن لم يمرض فلابد يوما من أن يموت, وكل نفس ذائقة الموت, ومن يولي الشيخ أسامة القيادة لابد وأن تكون قناعته أن الشيخ معرض للموت وأن الله وحده الحي الذي لا يموت..
وعبر الإنترنت يمارس الطفل الأمريكي الآن بشغف بالغ أحدث لعبة الكترونية اسمها فاي أبوت آباد نسبة إلي المدينة الباكستانية التي أقام فيها بن لادن حتي النهاية, حيث يظهر نموذج للبيت الذي شهد مصرعه في عملية القوات الأمريكية ليجسد اللاعبون دور الإرهابيين أو قوات مكافحة الإرهاب التي تتصيد عند مشارف البيت أي رأس تطل فتسدد إليها طلقة ترديها في الحال.. وهكذا عندما يظن أوباما أنه قد انتزع فتيل الإرهاب بالقضاء علي أسامة بن لادن, تتشكل في كل بيت أمريكي عجينة إرهابي وليد يطير برعونته وسلاحه أعلي برج في الساحة!!
وفي مكان لم يزل مجهولا علي حسين أوباما ومخابراته الذكية في الجو والبحر أو بطن الجبل تم بالأمس عقد اجتماع سري لتنظيم القاعدة انتهي إلي تكليف المصري المولد محمد إبراهيم مكاوي وشهرته سيف العدل بالقيادة بعد مقتل بن لادن وقد كان ضابطا في الجيش المصري ثم عمل مع أيمن الظواهري في جماعة الجهاد داخل مصر, واتهم بتدبيره الهجومين الانتحاريين علي السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا عام1998, ويعد سيف العدل من أصحاب الأقلام المميزة في تنظيم القاعدة حيث تنشر له المواقع الأصولية القريبة من القاعدة مقالاته المتتالية التي منها الأمن والاستخبارات ورؤية شرعية وأمن الاتصالات, قافلة الشهداء النسائية علي أرض قندهار, تجربتي مع أبي مصعب الزرقاوي, عمليات الكوماندوز الأمريكي علي أرض أفغانستان, ولسيف العدل مسئول التنظيم المؤقت للقاعدة عدة مقالات بعد هجمات سبتمبر انتقد فيها أسلوب عمل زعيم القاعدة منها ما جاء في رسالة نشرت في يونيو2002 قال فيها: يجب أن نتوقف عن العمل الخارجي تماما حتي نجلس وننظر أي كارثة فعلنا, وفي نقده لبن لادن قال: إن عادته المطلقة التي ما كان يستطيع التخلي عنها إذا لاقي معارضة من أحد أن يهمشه ويدفع به جانبا ويأتي بآخر ليظل متشبثا برأيه ضاربا عرض الحائط بما حوله فلا شوري ولا يحزنون.. وكان أيمن الظواهري قبل سنوات قد توصل إلي نفس موقف سيف العدل حينما دعا إلي وقف العمل الجهادي في مصر بسبب الضربات التي ألحقتها أجهزة الأمن المصرية بتنظيم الجهاد, وكان لتصريح سيف العدل حول النكبات التي طالت التنظيم دوي عالمي حيث قال: لقد بتنا أضحوكة لكل أجهزة المخابرات في العالم, فقد سقطت مجموعات شرق آسيا, ثم أوروبا, ثم أمريكا, ثم القرن الإفريقي, ثم اليمن, ثم الخليج, ثم المغرب, وكادت باكستان أن تغرق دفعة واحدة..
ونحن الآن مع حسين أوباما ندعو أن يكون سيف العدل أكثر عدلا من أسامة بن لادن مع الأبراج والأسواق والسفارات والمسالمين والآمنين ورواد الكنيسة والركع السجود, وأنه قد آن الأوان للقاعدة أو كما قال أن تقعد فتستريح وتريح..!
المزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.