أوراق نبيل العربي(2) استمع الرئيس السادات بإمعان للملاحظات التي أبديتها حول الورقة الأمريكية ولم يقاطعني ثم صمت لفترة ونظر إلي وقال: أنت لست رجل دولة... فرددت بأنني سمحت لنفسي بالحديث بوصفي مسئولا عن الجوانب القانونية في وزارة الخارجية. صمت الرئيس السادات مرة أخري ثم قال لي إن كل موظفي وزارة الخارجية لا يفهمون سياسته وأنهم ينظرون فقط إلي الأشجار ولا يرون الغابة بجميع أطرافها وأنهم- بما في ذلك وزير الخارجية- لا يعون قدر التعهدات التي قدمها الرئيس كارتر أقوي رجل في العالم.. وأنه بالرغم من الصياغات والتفصيلات التي أبديت اعتراضات بشأنها فإن المهم في نظره هو تأييد الولاياتالمتحدة وفي تقديره فإن هذا التأييد قد أصبح في حكم المؤكد بعد تعهدات كارتر.. وقد كرر الرئيس الإشارة إلي تعهدات كارتر عدة مرات دون أن يفصح عن فحوي ومضمون هذه التعهدات. والحقيقة أن الرئيس السادات كان هادئا ولم ينفجر غاضبا أو يثور أو يرفع صوته طوال هذا الحديث ولكنه صمت لفترة طويلة نسبيا حاولت خلالها أن أستأذن في الانصراف ولكنه رفض وأبقاني معه... ثم فجأة نظر إلي والغضب الشديد يتطاير من عينيه وقال عديلك- يقصد الأستاذ محمد حسنين هيكل- عاوز يعمل انقلاب ضدي فأجبت بأن ذلك مستحيل لأنه لا علاقة للأستاذ هيكل بالقوات المسلحة فضحك الرئيس السادات بصوت عال جدا وقال لا مش عن طريق الجيش بل عن طريق المراسلين الأجانب.. وكررها عدة مرات ثم توقف ونظر إلي مرة أخري بغضب شديد وحملني رسالة معينة إلي الأستاذ هيكل لا أسمح لنفسي علي الرغم من مرور هذه السنوات بالإفصاح عنها. حاولت بعد ذلك الاستئذان مرة أخري ولكنه رفض وفي هذه الأثناء دخل سكرتيره الخاص فوزي عبد الحافظ معلنا أن عزرا وايزمان وزير الدفاع الإسرائيلي قد وصل فاستأذنت من الرئيس الانصراف ولكنه رفض مرة أخري. وغدا نواصل القراءة في أوراق كتبها السفير نبيل العربي بخط يده ونشرها عام2002 حول أهم وأصعب لحظات المفاوضات في كامب ديفيد. خير الكلام: لا شيء يضرك غير لسانك ولا شيء ينفعك قدر هدوء أعصابك! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله