المصالحة والجدار والاستيطان(1) لا شك في أن نجاح القاهرة في إنجاز المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس وبمباركة كافة الفصائل الفلسطينية يمثل خطوة مهمة علي طريق بناء القوة التفاوضية للشعب الفلسطيني. عندما تتهيأ الظروف المناسبة للمفاوضات من خلال إدراك إسرائيل أنه يتحتم عليها ليس فقط وقف الاستيطان وإنما الأهم من ذلك إعطاء إشارة إيجابية عن استعدادها لإزالة الجدار العنصري العازل. أقول ذلك لأنني أعتقد أن أي حديث عن السلام القائم علي العدل والمستند إلي مقررات الشرعية الدولية سوف يصبح نوعا من اللغو إذا لم يتم حسم مسألة الجدار وأعتقد أيضا أن حسم هذه المسألة يرتبط في المقام الأول بمدي القدرة علي تعرية وكشف المسميات المضللة لهذا الجدار والتي تستهدف الإيحاء بغير الحقيقة لأنه إذا ارتضينا المسمي الأمريكي له بأنه جدار فاصل فإن ذلك يعني ضمنيا أنه بمثابة خط حدود وأيضا فإن الاستسلام للمسمي الإسرائيلي بأنه جدار أمني يمثل تسليما بصحة ادعاءات إسرائيل بأنها تقيم سورا واقيا لحمايتها من هجمات المقاومة الفلسطينية وأن هذا السور الواقي يجب أن يتم بناؤه خارج حدودها. ولعل من الضروري الإشارة إلي أن فكرة الجدار والأسوار العازلة ليست وليدة اليوم وإنما هي مكون أساسي من مكونات الثقافة الصهيونية التي تستمد طاقتها من نظرية الأب الروحي للحركة الصهيونية جابوتنسكي التي أطلق عليها اسم نظرية الحائط الحديدي والتي تطورت من حارات الجيتو في الشتات إلي المستوطنات المحاطة بالأسوار والأبراج العالية خلال مراحل إنشاء الدولة العبرية ثم تحولت الآن إلي الصورة النهائية التي تحقق نظرية الحائط الحديدي بإقامة جدار الفصل العنصري. إن مكمن الخطورة الحقيقية يتمثل في أن هذا الجدار العازل لا يلتزم بشكل أساسي بمسار الخط الأخضر أي خط4 يونيو1967 إنما يرتكز علي الحواجز الطوبوغرافية والديموجرافية حيث ينحني وينحرف في الكثير من المناطق لضم مستوطنات يهودية وأراض فلسطينية إلي إسرائيل ويصل ارتفاع الجدار8 أمتار. ثم أن هذا الجدار العازل عبارة عن تشكيلات متنوعة تختلف من منطقة إلي أخري ففي الأماكن التي فيها مناطق تمركز السكان الفلسطينيين والإسرائيليين قريبة من بعضهما يتخذ الجدار العازل شكل جدار مرتفع من الخرسانة المسلحة بينما في مناطق أخري يكون الجدار عبارة عن أسوار الكترونية ونقاط تفتيش ومعسكرات للجيش ودوريات للشرطة كما يخلق منطقة عسكرية عازلة بين الجدار والخط الأخضر وتمتد مساحتها بين30 إلي100 كم فضلا عن منطقة أمنية أخري تمتد داخل الأراضي الفلسطينية وهو ما يعرف بجدار العمق الذي يقع إلي الشرق من الجدار العازل. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: حسن السؤال نصف العلم! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله