استطاع شباب ثورة25 يناير التوظيف الأمثل لثورة المعلومات والاتصالات عبر النبضات والموجات المتدفقة بمواقع التواصل الاجتماعي من خلال شبكة الانترنت مثل الفيس بوك واليوتيوب وتويتر. والمدونات وغيرها من مواقع بث ونشر المعلومات علي الانترنت, بالاضافة إلي استخدام الرسائل القصيرة عبر المحمولsms كنوع من انواع ادوات التواصل الالكتروني.بدأ الشباب قبل الثورة بقليل في تشكيل مجموعات عديدة عبر هذه المواقع تضم مئات الآلاف من الشباب بمختلف اطيافهم ودياناتهم وايدلوجياتهم ثم قاموا بالتثقيف السياسي الرقمي للشباب افراد المجموعات باستخدام ادوات التكنولوجيا الحديثة وذلك بتعريفهم ببديهيات ومفاهيم ومسلمات الممارسة السياسية لوضع اساس متين لقاعدة عريضة من الشباب, والتي يجب ان تقوم عليه الخطة الالكترونية لتحقيق الثورة بالكامل. وقام الثوار الشباب بتعريف اقرانهم بالمصطلحات والملامح الاساسية في عالم السياسة والنظم والمعايير التي ينبغي ان تقوم عليها نهضة الدول سياسيا واجتماعيا, جاء ذلك عبر المواقع المختلفة واستخدام الادوات التي أفرزتها ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الاونة الأخيرة والتي تقوم باضفاء صفة الرقمنة للمعلومات والمعطيات بنظام الجمع والتخزين وتداول البيانات والمعلومات حتي يسهل التوعية اللحظية والتوجيه السريع لهؤلاء الشباب. ومن أهم هذه الملامح السياسية المرقمنة علي سبيل المثال لا الحصر قيام اصحاب الدعوة رموز الثورة برقمنة الديمقراطية لما لها من أهمية بالغة في التثقيف السياسي متضمنة تعريف الديمقراطية وآلياتها المختلفة والهدف منها, وكيفية تحقيقها وممارستها وكيف يمكن ايضا بثها ونشرها في صورتها الرقمية لأكبر عدد ممكن من شباب الدولة باستخدام ادوات التكنولوجيا الحديثة, بالاضافة إلي تركيز اصحاب الدعوة علي توجيه الشباب بأسلوب الرقمنة ايضا نحو اكتساب الصفات الحميدة وترسيخ مفاهيم الاخلاق مثل التواضع والأمانة والترفع والنزاهة والتسامح إلي جانب بث روح الولاء والانتماء للوطن لديهم والاصرار والتضحية من أجل تحرير هذا الوطن من الاستبداد والسلب والنهب. وعلي الجانب الآخر قام اصحاب الدعوة بتعريف اقرانهم من الشباب علي نفس النهج الرقمي بأوضاع مصر المؤسفة والتي كانت عليها والممارسات الخاطئة ومسئوليها الذين يمسكون بزمام الامور, ويتحكمون في مقدرات الشعب وتوضيح حجم المعاناة الاقتصادية والاجتماعية التي لاحقت المواطنين وأهدرت حقوقهم. من هذا المنطلق نحسب ان هذه الادوات كانت بمثابة وسيلة فعالة ومؤثرة وسريعة جدا لنقل المعرفة والمعلومات ودعوة الشباب المشاركين في هذه المنظومة كما ان هذه الادوات نجحت في الدور المطلوب منها في صورته الرقمية في دفع عدد كبير من الشباب للتفاعل الايجابي مع اصحاب الدعوة, والالتفاف حولهم بكل طوائفهم السياسية والاجتماعية حتي يكونوا عصبة لتحقيق المستهدف. ونحن لا نخالف الواقع إذا اكدنا ان هذا النهج الرقمي بكل أدواته ومعداته الملموسة والافتراضية اصبح يفوق خيال صناع تلك الادوات وكان تفسيرهم وتحليلهم لهذا الحدث الجلي ان هذه الثورات ادت إلي كسر الحاجز بين العالم الافتراضي والواقع المرير بكل تعقيداته خاصة في ممارسة الحريات العامة والسياسية, وتحقيق الديمقراطية السياسية الرقمية وقد اثار فضول الصحف الغربية ظاهرة تحضير واعداد وتأهيل الشباب لهذا الحدث العظيم من خلال التوظيف السياسي لأدوات التكنولوجيا الحديثة والتعامل معها من أجل التواصل الاجتماعي اللحظي حيث استوقفت محلليها الاجتماعيين والمؤرخين لفهم ما يدور في هذا المجال الحيوي, وان ثمة عوامل عديدة جعلت شعب مصر يصل إلي حد الانفجار من تفشي الفساد, واهدار حقوق الشعب واهدار المال العام ايضا, الامر الذي دفع الشعب خاصة الشباب نحو نهج التواصل الاجتماعي الرقمي واللحظي في الاعداد والتنفيذ لخطة الكترونية محكمة صنعتها ادوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ونفذها جيل من الشباب الذي تم اعداده اعدادا الكترونيا جيدا وهذا ان دل علي شيء فإنما يدل علي ان الشعب المصري يتمتع بالقدرة علي اكتساب المهارات خاصة في مجالات التكنولوجيا الحديثة واستخدام ادواتها لاستشراف آفاق المستقبل والاطاحة بجميع الظواهر السلبية والسلوكيات المعوجة والقيم البالية. والسؤال الذي يطرح نفسه بشدة هنا, اذا كان شباب الثورة قد نجحوا نجاحا باهرا في جذب اقرانهم الشباب, والوقوف معهم نحو احداث ثورة الكترونية وانتقالها من الفراغ الالكتروني إلي ارض الواقع باستخدام لغة الرقمنة والتوظيف الامثل لادوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فهل يمكن ان يتم تطبيق هذا النهج علي مستوي الجامعات المصرية نحو تثقيف شباب الجامعات التثقيف السياسي والاجتماعي وتوظيف طاقتهم وفكرهم المستنير نحو التقدم والتنمية المستدامة وانتقال مصر وشعبها إلي افاق رحبة من الكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والاطاحة بالمفسدين والفاسدين. د. حسن علي عتمان المستشار العلمي والتكنولوجي بجامعة المنصورة