محمد سعيد عليوة مأمور جمارك بقرية البضائع تمكن من إحباط محاولة تهريب الطرود الخاصة برجل الأعمال الهارب حسين سالم والذي كشف في حوار مع الأهرام عن العديد من مخططات التهريب الكبري لعدة دول منها اسرائيل والتي تم احباطها.. ولفت الأنظار لأوجه القصور بالقرية التي تجاهلها المسئولون. ورغم أمانة ووطنية محمد بعد احباطه خمس محاولات تهريب كبري في أقل من شهرين صدر له قرار بنقله من ورديته بدلا من مكافأته وتشجيعه وهي علامة استفهام تثير الشك والريبة وتحتاج لتفسير من المسئولين في ظل مناخ الحرية والشفافية الأمر الذي يطرح تساؤلات. هل بعد ثورة25 يناير مازال هناك تعتيم علي المعلومات وحجبها عن الاعلام؟؟ والآن عبر حوار مع الأهرام يستغيث مأمور الجمرك الشاب بالمجلس الأعلي للقوات المسلحة لانقاذ وحماية تراث وثروات الوطن الغالي من التهريب. وكانت بداية الحوار: هل ضبطية طرود حسين سالم هي أول محاولة تهريب تم احباطها بقرية البضائع بعد الثورة؟! { بفضل الله أنا أعمل ضمن فريق عمل متوافق بالوردية الأولي وتمكنت من ضبط خمس رسائل خطيرة في أقل من شهرين بعد ثورة25يناير وأوقفت تصديرها خارج البلاد وكانت طرود حسين سالم هي الأخيرة بعدها صدر قرار بنقلي من الوردية الأولي للوردية الثالثة وزميلي سيد عبدالقادر إلي الوردية الثانية رغم عملي في الوردية الأولي منذ3 سنوات بإنجاز وكفاءة. ماهي تفاصيل الضبطيات الأخري ومدي أهميتها؟ { الضبطية الأولي في22 مارس الماضي بعد اقتحام الشعب لمقار مباحث أمن الدولة كنت في ورديتي الليلية وفوجئت بمصدر لرسالة عبارة عن كتب ومطبوعات مكونة من خمس طرود فساورني الشك في بعضها رغم أن جميع المستندات والشهادات سليمة إلا أنني صممت علي فتحها للتعرف علي هوية هذه الكتب والمطبوعات وكانت المفاجأة أنها مخطوطات أثرية وعقود زواج المصريين وأوراق ومستندات مسروقة من مباحث أمن الدولة مصدرة من مواطن عادي إلي احدي الدول العربية فأوقفت تصديرها وأبلغت رؤسائي وحررنا محضرا بالضبطية وأخطرت النيابة العامة وتم التحفظ علي المضبوطات, ورغم ذلك لا أعلم شيئا ولم يتم استدعائي إلي النيابة لسؤالي في التحقيقات بصفتي أنا القائم بعملية الضبط. الضبطية الثانية كانت في24مارس في الوردية الأولي ليل والتي يبدأ عملها من الساعة3 عصرا حتي10مساء فوجئت بشخص يحمل عمود ألومونيوم علي لوح خشب يشبه ملة السرير ثقيل جدا, وبالفحص الدقيق وإطالة المدة وعدم انهاء الاجراءات قرر صاحبها أن تصديره لمثل هذا القالب ليس المرة الأولي, وإنما تم تصديره كثيرا من القرية فزاد شكي, خاصة عندما شعرت بقلق المصدر وثقل وزن قالب الألومونيوم فتوجهت به إلي الميزان, حيث تبين انه142 كيلو جراما فوضعته علي جهاز الإكس راي الكاشف فوجدت شريطا سماويا باهتا وشيئا مصمتا علي الشاشة فأبلغت رئيس الوردية برغبتي الشديدة في فتح هذا القالب وحاولنا إقناع المصدر بضرورة دفع رسم تصدير فوافق علي الفور ثم حاولنا مناقشته وعزمنا علي فتح هذا القالب الألومونيوم قبل سداد الرسوم للتأكد من صحة وسلامة الطرد, إلا أنه عدل عن التصدير وحاول سحب الطرد من بين أيدينا إلا أننا صممنا علي الفتح, وبالفعل فوجئنا بوجود خمس سبائك من الذهب عليها أسماء و137كيلو جرام ونصف برادة ذهب أبيض وأصفر وقطع من الذهب الصغيرة مغلفة بقالب الألومونيوم ومسبوكة بمكبس الكتروني دقيق وبمراجعة الأوراق والمستندات فوجئنا بأن نفس الشركة المصدرة سبق لها تصدير مثل هذا الطرد قبل الواقعة بأسبوع, فأوقفنا شهادة التصدير وحررنا محضرا بالواقعة وأخطرت النيابة العامة, وعلي الرغم أنني أنا الذي فتحت ثقبا بالقالب واكتشفت المضبوطات إلا أنني لم يتم استدعائي في النيابة ولم أسأل عنها رسميا وتم التحفظ علي هذه الثروة بمخازن القرية مثلها مثل المحاصيل الزراعية والأمتعة. ما هي طبيعة عملك بالتحديد ضمن الوردية؟ هناك أربع ورديات أو لجان جمركية تعمل خلال24 ساعة بقرية البضائع وأنا أعمل بالوردية الأولي منذ3 سنوات وهي مشكلة من رئيس الوردية الذي يعرض عليه جميع الأوراق والمستندات ويتم توزيعها علي مأموري الجمارك حسب الامكانات والمهارة والكفاءة مأمور جمرك حركي وأنا محمد سعيد عليوة مأمور جمرك الحركة, والرابع مأمور حاسب آلي واجراءات, فالمستخلص أو المصدر يتوجه بالشهادة والمستندات الخاصة برسالته أوطروده الي رئيس الوردية الذي يتأكد من سلامة الأوراق ويوزعها علي المأمور الحركي الذي يقوم بدوره بالفحص للطرود وانهاء الاجراءات فإذا تم الشك في إحدي الرسائل كما حدث لي فإنني احاول مناقشة المصدر أو صاحب الرسالة للتأكد من شكوكي وإذا ثبت صحة شكي اتوجه الي رئيس الوردية لإخباره بضرورة فتح الطرد مهما كان والتأكد من تطابق الأوراق مع المحتويات كما حدث في رسالة المطبوعات والذهب والخامات الكيماوية وطرود حسين سالم. فعملي هو مأمور جمرك حركة, أي القيام بالكشف بنفسي والمعاينة وتوقيع الشهادة وعند الشك يتم ابلاغ رئيس الوردية لتشكيل لجنة في حضوري وانتداب مدير الجمرك ورئيس الوردية للفحص وفتح الطرود علي مسئوليتي وكذلك في حضور مباحث القرية مع صاحب الرسالة أو الطرود أو المصدر. هل هناك مخزن للقرية يوضع فيه المضبوطات الثمينة؟ { مصر للطيران تقوم منذ عام تقريبا بنقل جميع مخازنها ولايوجد مخزن ثمين بالقرية, فالذهب والبلاتين متحفظ عليهم ومحرز بخاتم الجمارك القديم بالرصاص وهي ختامة جمركية قديمة يسهل فتحها ولا أعلم المبرر الذي يجعل مصلحة الجمارك تصر علي استخدام هذه الختامة القديمة, إلي جانب أن هذا المخزن غير مؤمن وليس عليه أي حراسة أمنية سوي أمين المخزن القائم علي الباب. ويتم التعرف علي الطرود بمعرفة أمين المخازن عن طريق رقم البوليصة. ولحرصي علي أموال الوطن وخوفي علي ثرواتها أبلغت رئيسي المباشر بخطورة الموقف وطلبت منه استعجالا هيئة الموازين والدمغة إما بالحضور أو إرسال المضبوطات إليها فطمأنني وأخبرني بأنه أرسل إليهم استعجال منذ تاريخ الضبط وحتي الآن لم أعلم شيئا. ماذا فعلت بعد أن أخبرت المسئولين المباشرين في القرية؟ { اتخذت التسلسل القانوني في اخطار الجميع حتي أرسلت رسالة بالواقعة وشكي ومخاوفي إلي السيد الدكتور سمير رضوان وزير المالية علي الشبكة الالكترونية الخاصة بمعالي الوزير علي الفيس بوك وقد وقعت الرسالة باسمي ورقم الحاسب والتليفون إلا أنني فوجئت بحذف الرسالة بعدها بأربعة أيام وفي تاريخ4/5 أرسل لي علي البريد الخاص المنشور رقم5 فحواه تحذيري من الافشاء بأي معلومات تخص الوظيفة لأي جهة والتنبيه بعدم الاتصال بالاعلام ومن يرغب في شيء عليه التوجه لمقابلة الوزير دون تحديد أي موعد لمقابلتي والاتصال بي. وحاولت مرات عديدة التوسل لرؤسائي لاستعجال النيابة العامة لمعاينة المضبوطات أو تحريزها أو إرسالها إليهم دون جدوي. فأرسلت برقية طويلة للدكتور عصام شرف رئيس الوزراء بها تفاصيل الضبطية وخوفي عليها من السرقة أو الضياع وحتي الآن لم يرد علي أحد. وما هي تفاصيل محاولة التهريب الثالثة؟ كانت في الاسبوع الاخير من شهر مارس رسالة عبارة عن خامات كيماوية تشككت في محتواها وقمت بفتحها وأخبرنا المناجم والمحاجر التي أمرت بعرضها علي الدمغة والموازين التي قررت أن هذه الخامات الكيماوية تحتوي علي معدن وبها نسبة من معدن البلاتين من5 إلي7 كيلوبلاتين صاف وهذه النسبة مسموح بتصديرها قانونا برغم الظروف التي تمر بها البلاد وبناء علي التعليمات والالتزام بالقانون تم شحن الرسالة وتصديرها لاحدي الدول العربية بعد التصريح لها بالتصدير. وهنا أتساءل: لمصلحة من يتم تصدير البلاتين من بلدنا في ظل هذه الازمة؟ وهل يجب ان يطبق هذا القانون القديم الذي تم سنه لمصلحة فئات بعينها يتم التحقيق معهم حاليا؟! هل هناك محاولات تهريب طرود مصدرة لاسرائيل في هذه الفترة؟ يوم21 ابريل جاءت شحنة مطبوعات تزن نحو680 كيلو جراما في73 طردا عبارة عن مستندات ومطبوعات خاصة بشركة بترول باسم موظف هولندي الجنسية يهودي الديانة مصدرة الي تل أبيب حيث يوجد للشركة فرع بمصر وفرع باسرائيل, ورغم أن جميع الشهادات والمستندات سليمة فإنني تشككت فيها وطلبت فتح الطرود لفحصها بنفسي ومعرفة محتوياتها قبل الافراج عنها للتصدير خاصة أنها متجهة الي اسرائيل وكانت المفاجأة هي احتواء الطرود علي خرائط لمواقع هندسية بترولية في مصر وجوازات سفر لناقلات النفط ومجلدات اجنبية خاصة بأنظمة تشغيل وحدات بترول وجوازات سفر علي بياض لحاملات فقط فأخطرت المباحث ورئيس الجمرك ومدير عام الجمارك, وتم عرض الطرود علي جهاز الأمن القومي الذي قام بالمعاينة والنظر في المضبوطات ومنذ12 ابريل حتي الآن لم يتم البت فيها بأي قرار ولا تشكيل لجان فنية من وزارة البترول لمعرفة أهمية هذه الأوراق والخرائط ولم يتم عمل كشف تعبئة لمحتويات الرسالة وتوزيعها علي الجهات المتخصصة والمسئولة خاصة أنها رسالة تثير الشك لخروجها من مصر في هذا التوقيت ومعظم ما بها مدون بلغات غير معروفة لدينا, كما أنها شركة يهودية ومصدرة لاسرائيل ومع ذلك لم يتحرك أحد. فهذه الرسالة الخطيرة التي أوقفت تصديرها عرضت علي المطبوعات وحرر عليها لامانع ولولا ستر الخالق ما قمت بفحصها بنفسي وفتح جميع الطرود لمعرفة ما بها ولكن الشيء المثير للدهشة لماذا جهاز الأمن القومي لم يتحرك ولم يصدر أي قرار حتي الآن مع العلم أنني منذ نحو اسبوع عثرت علي هذه الأوراق مفتوحة وملقاة في صالة الكشف مفتوحة. هل تم تحرير محضر بهذه الواقعة؟ لم يتم تحرير أي محضر اثبات حالة إلا بعد تقرير الأمن القومي أو المخابرات العامة. ما هي الاجرءات التي يتم اتخاذها لتصدير مثل هذه الرسائل قبل وصولها الي دائرة الجمرك بقرية البضائع؟ من المعروف أن هذه الطرود تمر علي ثلاث بوابات رئيسية قبل دخولها صالة الجمرك بالقرية, بداية من بوابة القرية, ثم بوابة جهاز الكاشف الاكس راي. وهو تحت السيطرة الأمنية بمصر للطيران فهو يكشف فقط القنابل والأسلحة لضمان سلامة وأمان وجودة الطائرات ثم يمر علي بوابة الجمرك ثم صالة الجمرك بالدائرة الجمركية بالقرية فهناك مسافة حوالي اكثر من نصف كيلو ما بين البوابة الأولي الرئيسية وبين صالة الجمرك بالقرية, وبالتالي تمر الشحنة أو الرسالة علي عيون كثيرة تقوم بالفحص والمعاينة, فأي شيء مشتبه فيه لا يصلنا إلا بعد مروره علي ثلاث بوابات. أخيرا هل أنت خائف علي وظيفتك ومستقبلك؟ أبدا: حبي الشديد لوطني وحرصي علي أمنه ومستقبله أهم وأجدي من خوفي علي وظيفتي أو مستقبلي, وبالتأكيد لو ضمنا مستقبل مصر فسنكون بذلك ضمنا مستقبلنا ومستقبل أولادنا والاجيال القادمة, فلا خوف بعد25 يناير.