هناك مجموعة من الأسئلة المشروعة التي تفرض نفسها علي الأمة العربية حاليا ويتحتم علي الهيئات والمراكز البحثية أن تسرع في اجتهادات البحث عن إجابات حول هذه الأسئلة التي تتعلق بحاضر ومستقبل هذه الأمة. إن الوضع في ليبيا يفرض سؤالا بالغ الأهمية لا يتعلق فقط بالسيناريوهات المحتملة لهذا الصراع المسلح الذي ينذر بخطر التقسيم وإنما السؤال الأخطر هو: هل هذا التدخل الدولي مرشح للتكرار في دول عربية أخري تشهد انتفاضات شعبية ضخمة تقترب رويدا رويدا من إمكانية اتساع الصدامات المسلحة علي غرار المشهد الدامي في ليبيا. ثمة سؤال آخر ينبغي عدم التحرج في طرحه ويتعلق بمستقبل العمل العربي المشترك علي ضوء تجدد سحابات الغيوم بكثافة في سماء العلاقات العربية كأحد إفرازات وتداعيات المواقف المتباينة للدول العربية من هذه الثورات والانتفاضات بشكل يقترب من داء ازدواجية المعايير الذي عانت منه الأمة العربية طويلا في بحر السياسة الدولية خصوصا علي صعيد القضية الفلسطينية. لكن السؤال الأخطر هو: أي دولة تلك التي تستطيع أن تلبي طموحات الثورات العربية التي انطلقت من ضجر وغضب وسخط نتيجة توحش الفساد والتردد في الإصلاحات والانكسار أمام الهيمنة الأمريكية والعربدة الإسرائيلية! هل هي الدولة القومية التي تستدعي نفير السلاح أم هي الدولة المدنية التي تركز في المقام الأول علي بناء النفس والذات أم هي الدولة الدينية التي مهما صدقت النيات تحمل في طياتها مخاطر إثارة النعرات الطائفية؟ وفي اعتقادي أن الإسراع بالإجابة عن هذه الأسئلة المشروعة هو أكبر ضمان لحماية هذه الثورات وتمكينها من بلوغ أهدافها النبيلة في التغيير والتقدم والعدالة الاجتماعية تحت رايات الحرية والديمقراطية. لقد كسرت الثورات العربية حاجز الخوف وينبغي عليها أن تتجه لكسر حاجز التردد في فتح العديد من الملفات الحساسة وفي مقدمتها ملف الهوية والبوصلة التي تحكم مسيرة التوجه السياسي والاستراتيجي في المرحلة المقبلة علي ضوء التحديات المطروحة وقياسا علي الإمكانات والقدرات المتاحة. إن ما حدث زلزال سياسي واستراتيجي عظيم يحتاج إلي حشد كل الطاقات لإلقاء الضوء علي الذات والهوية العربية التي تتنازعها الآن رياح شديدة وعواصف متلاحقة! خير الكلام: لا يمكن للمرء أن يحصل علي المعرفة إلا بعد أن يتعلم كيف يفكر! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله