هي ليست قصتي وحدي لكنها قصة قطاع كبير من المصريين تم استكرادهم علنا علي رءوس الأشهاد, فقد صدر قانون توظيف الأموال عام1988 وكنت أحد مودعي شركة الهدي مصر التي أخذت في توفيق أوضاعها برد الأموال في شكل عيني علي هيئة سلع.. وإزاء إصراري علي تسوية مستحقاتي في هيئة نقود, فسلمتني الشركة شيكات بالمبالغ المستحقة. وفي أول يوم لصرف الشيكات شوف الحظ تم إيقاف الصرف وأعلنت الشركة أن الحكومة طلبت منها فجأة دفع ضرائب.. فرفض صاحب الشركة, مع ملاحظة أن الحكومة تركت أصحاب الإيداعات الصغيرة والسلع العينية وطالبت بمستحقاتها من أصحاب الشيكات فقط في ذلك اليوم بالذات.. تصوروا.. ولم يتدخل أكبر مسئول في مصر وكأنه يقول: خليهم.. يستاهلوا.. برغم أن له صورة تاريخية مع الأخ أحمد الريان, وبرغم أن كبار المسئولين في الدول العربية تدخلوا لحل أزمة سوق المناخ وبنك الاعتماد... إلخ. ثم تقرر توزيع شركات الأموال علي جهتين.. شركات تتبع النائب العام, وأخري تتبع المدعي الاشتراكي وكنت للأسف من بين الذين آلوا إلي المدعي الذي تعامل مع المودعين بابتكار طريقة حسابية يرفضها أي طالب مبتدئ, فقد قام بقسيمة مسحوبات كل مودع علي إيداعاته واعتبرها نسبة مئوية.. فلو كان إجمالي إيداعاتك مائة ألف جنيه وإجمالي مسحوباتك تسعين ألفا وبقي لك عشرة آلاف فسيعتبرك المدعي قد أخذت تسعين في المائة من استحقاقاتك ولا تستطيع أن تمد يدك إلي الآلاف العشرة الباقية إلا بعد أن يصرف لأصحاب نسبة العشرين في المائة أولا ثم الثلاثين وهكذا.. وابقي قابلني لو وصل إلي التسعين!!! بينما لو وضع زميلك عشرة آلاف جنيه كإيداعات ولم يسحب أي مبلغ منها فسيعتبر المدعي أن نسبته صفر في المائة.. يعني كلاكما أصبح له عشرة آلاف جنيه.. لكن زميلك يمكنه السحب أما أنت فلا تستطيع. وشكوت للمسئولين في الحكومة.. ولأقطاب مجلس الشعب.. ولبعض أهل الإعلام.. ولا حياة لمن تنادي. فقررت رفع دعوي قضائية مع اثنين من المنكوبين أمثالي.. ونبهني البعض إلي أن القضاء حباله طويلة ونصحوني بأن أشتري دماغي قائلين: من يقدر ع الحكومة والريس والمدعي؟.. بلاش تقف قدام القطر.. يحصل إيه لو الناس قلدوكم ورفعوا قضايا.لكننا أصررنا علي التقاضي.. ودخنا السبع دوخات بين المحاكم العادية ومحكمة القيم.. وكل شوية يحولونا علي خبير.. وفي نهاية المطاف أقر أربعة من خبراء وزارة العدل بكامل استحقاقاتنا وأقروا بأننا لم نصرف جنيها واحدا.. بل أقروا لنا بتعويضات عن التأخير في صرف المستحقات. وهنا.. خللي بالكو.. هنا فقط أعلن المدعي إنهاء الحراسة علي شركة الهدي مصر فتحولت القضية من محكمة القيم إلي جنوبالقاهرة مرة أخري... وفجأة أعلن النائب العام أنه سينهي موضوع شركات الأموال التابعة له خلال خمس سنوات.. فانبري المدعي الاشتراكي قائلا: خمس سنين ليه؟ سنة واحدة تكفي.. وتساءلنا: إزاي؟!! اتضح أن النائب العام.. يصرف الفلوس كاملة.. أما المدعي فسيخصم الأرباح.. يعني بالبلدي.. لو انت تتبع النائب العام فستأخذ حقك كاملا, بينما لو كنت في حضن المدعي فلن تأخذ شيئا.. وسلم لي ع المواطنة!! وشكونا إلي طوب الأرض.. والكل طناش.. بينما المدعي له خطاب كل سنة في مجلس الشعب ينتهي دائما بتصفيق حاد.. ويوجه المجلس له الشكر علي مجهوداته.. طبعا مجهوداته في إضاعة فلوسنا!!والسنوات تمر.. وعمرنا ينتهي.. ولا أحد مهتم.. والقضية تتحول من جهة لأخري حتي استقرت أخيرا بالمحكمة الاقتصادية.. ورغم كل ما قاله الخبراء الأربعة صدر حكم قضائي يؤيد الطريقة الحسابية للمدعي الاشتراكي, مع أن الشيكات التي كتبها صاحب الشركة علي نفسه مازالت في جيبي.واستأنفنا.. وقيل لنا: مالكمش حاجة..!! آه.. نسيت أن أذكركم بأننا أصبحنا في عام2011, يعني مضي علي قانون توظيف الأموال32 عاما.. ولعل أحدكم يقول الآن: يا صبرك يا أخي!! لكن طبعا اللي إيده في الميه غير... أؤكد أني لا أكتب للهزار والمزاح.. أنا أكتب لعل أحدا فيك يا مصر يتحرك ضميره ويدرك أن الساكت عن الحق شيطان أخرس.. لعل أحدا يتكرم ويشرح لنا: إيه الصح؟ طريقة النائب العام أم طريقة المدعي؟ ملاحظة..( لأن البعض في هذه الأيام يجلسون للسقطة واللقطة.. فإني أعلن أني مؤمن بعدالة القضاء).. انتهت الملاحظة.. لكني أسأل: أين أنت يا عمر؟ وعمر هو القائل: لو عثرت دابة بأرض الشام فسيسألني الله عنها يوم القيامة. كذلك أصرخ بشدة: أين أنت يا عمر؟!! الفنان مدحت مرسي